خبراء دستوريون وحقوقيون أكدوا لـ «الراي» حق الإنسان بالتنقل... وأجمعوا على جواز تقييده

«منع المواطنين من السفر»... الضرورة تُقدَّر بقدرها

تصغير
تكبير

محمد الفيلي:
السفر حق للإنسان لكن لا يوجد نص على أنه مطلق

- منع السفر يجب أن يكون استثناء قائماً على سبب وفق القانون

محمد جاسم دشتي:
السفر من أوجه حرية التنقل التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

- لا يجوز أن يستمر إغلاق المطارات بوجه الطيران التجاري بلا تحديد زمن عودة

علي حسين الدوسري:
كل إجراءات السلطات الكويتية سليمة من الناحية القانونية

- للدولة فرض قيود على الأشخاص في ما يتعلق بحرية التنقل

فواز الجدعي:
حق الناس في السفر والتنقل متغيّر زيادة ونقصاناً بحسب الحالة الصحيّة

- الظروف في بداية الجائحة تختلف عن اليوم وبدأنا نرى دولاً تفتح الحدود

نيفين معرفي:
يجب التفريق بين منع السفر ووقف حركة الطيران

- نحن أمام حالة طارئة بحتة للحفاظ على صحة المواطنين

محمد ناصر التميمي:
السفر حق دستوري أصيل لا يجوز تقييده إلا في أضيق نطاق

- يجوز للدولة اتخاذ أي تدبير من شأنه مواجهة فيروس «كورونا»





فيما أكد عدد من الخبراء الدستوريين والحقوقيين أن حق الناس في السفر والتنقل متغيّر، زيادة ونقصاناً، بحسب الحالة الصحية التي يمرّ بها العالم في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، شددوا في الوقت ذاته على أن الضرورة تقدر بقدرها، وأن الأوضاع الآن تختلف عن بداية الجائحة. وبيّنوا أنه يجب التفريق بين منع السفر وإيقاف حركة الطيران، معتبرين أن الكويت الآن أمام حالة طارئة بحتة للحفاظ على صحة المواطنين.
الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي، أكد لـ«الراي» أن «الأصل هو حق الإنسان في الذهاب والإياب، وهذا حق تقرره الاتفاقيات الدولية والدستور الكويتي، كون السفر حقاً للإنسان، لكن لا يوجد نص على أنه مطلق، وهو ليس كحق المواطن الكويتي في العودة للكويت، فحق العودة مطلق لا يجوز منعه بحال من الأحوال، أما السفر فيجوز منعه».
وأضاف الفيلي أن «الأداة التي نحتاجها لتنظيم منع السفر هي القانون، ويجب أن يكون منع السفر استثناء قائماً على سبب، والقانون الكويتي ينظم منع السفر في بعض الجرائم».
من جانبه، قال أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت الدكتور علي حسين الدوسري، لـ«الراي» إن «من حق الإنسان أن يتنقل من مكان لآخر كأصل عام، فحرية التنقل مبدأ حقوقي دولي منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة سواء كان هذا التنقل داخليا أو خارجيا، لكن هناك بعض القيود التي يمكن للدولة أن تفرضها على الأشخاص في ما يتعلق بحرية التنقل مثل التأشيرة، والدول من حقها منح ومنع تلك التأشيرة، وفقا لما ترتئيه دون تبرير، لأنه أمر يدخل في نطاق سيادتها».
وأضاف الدوسري «من حق الدولة فرض حظر التجول في بعض المناطق المعينة، لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، لكن هذا الحظر لا بد أن يكون استثنائيا وموقتا وليس دائماً، وبالتالي وفقا لمنظور القانون الدولي والاتفاقيات الدولية يجوز تعليق حق التنقل وعلى الدولة أن تكون شفافة في المعلومات المتعلقة بهذا الأمر، وأن يكون هناك تناسب بين الإجراءات والأسباب التي دعت لها». وزاد «كل ما اتخذته السلطات الكويتية من إجراءات سليمة من الناحية القانونية ويتفق مع القوانين الدولية»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «ألمانيا فتحت المطارات مع إلزام المسافر بتعهد بأنه سوف يتحمّل تبعات سفره».
بدوره، قال أستاذ القانون الدستوري الدكتور فواز الجدعي لـ«الراي» إن «المادة 28 من الدستور تتكلم عن عدم جواز ابعاد الكويتي أو منعه من العودة اليها ولم تشمل منعه من السفر»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «المادة 31 نصت على عدم جواز تحديد اقامة الكويتي أو تقييد حريته في التنقل أو الاقامة، وعليه للانسان الحق في التنقل من ناحية، ولكنها ليست من الحقوق المطلقة ويجوز تقييدها بالقانون وبحسب الظروف،
وطالما ان هناك جائحة عالمية ذات خطر على صحة الانسان من ناحية، وكذلك خشية من الانسان من ناحية أخرى واحتمالية نقله الفيروس للاخرين، فإنه يحق اتخاذ الاجراءات التي تضمن سلامة الصحة العامة والأمن العام، وهي مسائل ضبطية مقررة للسلطات حتى في حال عدم وجود النصوص».
وشدّد الجدعي على أن «الضرورة تقدر بقدرها، فالظروف في بداية الجائحة تختلف عن الواقع اليوم، وهو واقع متغيّر يومياً، وبدأنا نرى أن العديد من الدول بدأت بفتح الحدود مع الالتزام بكل الضمانات الصحية من قبل الأفراد».
واختتم بأن «موضوع حق الناس في السفر والتنقل بشكل عام متغير زيادة ونقصانا، بحسب الحالة الصحية العامة سواء في الكويت أو الدول المراد السفر اليها، وإن كان للشخص حق التنقل ولكنه تقابله سلطة السلطات بتنظيم الحقوق، وكذلك حق الافراد الاخرين في الحماية ومنع انتشار الجائحة، وهذا كله يتم بالتوازن بين تلك الحقوق وتلك السلطات».
في غضون ذلك، قالت المحامية نيفين معرفي لـ«الراي»، إنه «لا يجوز منع المواطن الكويتي من السفر إلا بإذن محكمة في قضايا معينة، ولكن نحن الان أمام حالة طارئة بحتة للحفاظ على صحة المواطنين»، مشددة على أن «الجهات الرسمية لم تمنع المواطنين من السفر، ولكنها أوقفت حركة الطيران ولم تضع أسماء بعينها على قائمة الممنوعين من السفر، وهناك حالات طارئة كالعلاج بالخارج تم السماح بها، فالمواطن ليس ممنوعاً من السفر، لكن مع الإجراءات الطارئة التي تمر بها البلاد يجوز للدولة، حفاظاً على المواطنين، أن توقف رحلات الطيران حفاظاً على الصالح العام، ولا يجوز القول بأن ثمة منع سفر طالما انه لم يتم وضع أسماء على قوائم الممنوعين من السفر».
وأضافت معرفي «يجب التفريق بين منع السفر وتوقيف حركة الطيران، فإجراءات منع السفر تختلف عما هو حادث الان من إجراءات احترازية للحفاظ على صحة الناس».
في السياق ذاته، قال أستاذ القانون الجزائي الدكتور محمد ناصر التميمي لـ«الراي» إن «الأصل في شأن الحريات العامة ألا يمنع الفرد من حقه في التنقل، وهو حق دستوري أصيل لا يجوز تقييده إلا في أضيق نطاق وفق مبدأ الضرورة والملاءمة، بمعنى أن تكون هناك ضرورة ملحة لتقييد هذا الحق، وأن تكون هناك ملاءمة بين نطاق التقييد والمصلحة محل الحماية».
وأضاف التميمي «يجوز للدولة اتخاذ أي تدابير من شأنها مواجهة فيروس (كوفيد - 19)، وهي تستند في ذلك لسلطاتها في حفظ الصحة العامة ولوائح الضبط، كما يخولها القانون 8 /‏‏1969 في شأن الأمراض السارية. وبناء عليه فإنه يجوز تقييد حرية التنقل بكل صورها سواء التنقل بالسير على الأقدام أو بالمركبات أو السفر، وذلك خلال المدة المطلوبة لاحتواء الوباء. وهذا ما حصل في معظم دول العالم من إغلاق للمطارات». واستدرك «ولكن الوضع في الكويت على شيء من التفصيل، حيث إن السلطات قد أغلقت المطار لفترة معينة، ثم سمحت برحلات تجارية للمغادرة وقصرتها على غير المواطنين او بعض حالات الضرورة للمواطنين كالعلاج والدراسة دون أن يشمل أي حالات أخرى». وتابع «والحقيقة أن منع المواطن من مغادرة البلاد لغير تلك الحالات لا يستقيم والحق في التنقل، طالما أن الأمر يتعلق في المغادرة فقط دون الرجوع. حيث يجوز للدولة أن تغلق رحلات العودة كما يتراءى لها لمواجهة المشكلة الصحية، إلا أنها لا تملك حق حظر المواطنين من المغادرة، طالما أنها سمحت لغير المواطنين بالمغادرة أيضا بشرط أن تكون الدولة المستقبلة ممن يجيز استقبال غير رعاياها خلال هذه الأزمة».
واختتم قائلا «يبدو أن قرار حظر سفر المواطنين مبعثه مغبة طلبهم للعودة للوطن بعد سفرهم، وهذا أمر آخر يجب ألا يختلط مع الشق الأول من الحق وهو الحق في مغادرة البلاد».
المحطة الأخيرة كانت مع المحامي محمد جاسم دشتي الذي أكد لـ«الراي» أن «السفر من أوجه حرية التنقل التي كفلها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ثم تبناها المشرع الدستوري في الكويت والتي تتلخص أهمها بعدم جواز تقييد حرية الانسان أو تنقله بلا سند من القانون»، معتبرا أن «تقييد السفر بشكل عام، سواء بإغلاق المطارات بوجه الرحلات أو بسحب جواز السفر أو إبطاله، هو قيد مطلق على هذه الحرية الأساسية، والتي لا يجوز إعدامها على المطلق أياً كانت الأسباب».
وأضاف دشتي أن «الاعلان العالمي لحقوق الانسان نص على المادة 13 على ان لكلِّ فرد حقا في حرِّية التنقُّل، وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة. ولكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده. ومن أمثلة هذا النوع من القيود ما كان حاصلاً في الاتحاد السوفييتي السابق حيث كانت السلطات تمنع المواطنين من السفر للخارج إلا لذوي المناصب الحكومية الرفيعة».
وتابع «من جانب آخر، فإن إغلاق المطار أمام الرحلات التجارية يثير مسألة في غاية الخطورة، وهي أنه قد أصبح السفر متاحاً عبر الطائرات الخاصة للنافذين وأصحاب المال دون بقية الناس، وهو ما يؤكد أننا أمام إجراءات تتسم بعدم المساواة، فالعبرة في تطبيق القانون على حد سواء أن السبب المتوافر واحد وهو الاجراءات الاحترازية التي تقوم بها الدولة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، إلا أننا اليوم أمام حالة فريدة فقد أتيح للطيران الخاص العمل في ظل هذه الظروف وكأن المبادئ المرسومة تخرجه عن إطار تنفيذها».
واختتم بالقول «وعليه فلا يجوز أن تستمر حالة إغلاق المطارات بوجه الطيران التجاري، بلا تحديد زمن معين لعودة العمل في المطار، لما في ذلك من قيد مطلق لا تقره الدساتير ولا تعترف به المعاهدات الدولية، فكما كانت الاجراءات الحكومية الأخرى محددة بوقت زمني انتقلت فيه الحكومة من الحظر الجزئي إلى الحظر الكلي في أوقات وساعات محددة، كان من الأوجب أن يُحدد زمن لعودة العمل في المطار بالآلية التي اتخذتها بقية دول العالم ولا يعني ذلك عدم وضع قيود للسفر للخارج، بل ان تلك القيود والضوابط هي المتاحة في القانون وليس القيد المطلق كما هو حاصل في وقتنا الراهن».

لا علاقة لـ «الخارجية» بسفر المواطنين

مصادر مطلعة: رفع القيود قريباً جداً

| كتب خالد الشرقاوي |

أكدت مصادر مطلعة أن السماح بسفر المواطنين الكويتيين يأتي بقرار من مجلس الوزراء الذي يحدد الشروط والضوابط للسفر في الوقت الحالي خلال أزمة «كورونا».
وأوضحت أن الطيران المدني أعلن في وقت سابق أنه سيسمح في المرحلة الأولى بسفر المريض ومرافقيه والطلبة.
وإذ توقعت أن «تُرفع القيود عن سفر المواطنين قريباً جداً»، أوضحت المصادر أن وزارة الخارجية مسؤولة عن الرعايا الكويتيين في الخارج وكان لها الدور الكبير في عملية «الإجلاء الكبير» لجميع المواطنين الكويتيين من مختلف دول العالم، لكن لا علاقة لها بالسماح أو منع المواطنين من السفر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي