نصرالله يحدّد غداً الموقف من القانون الأميركي وقواعد الاشتباك معه
هل ينجح لبنان في إيجاد «ممرات خلفية» للإفلات من... «قيصر»؟
- أصحاب مصالح وسط العاصمة سيُطلقون النار على كل معتدٍ
- إصابة 89 شخصاً بينهم 20 عسكرياً في طرابلس
دَخَلَ لبنان «أسبوع قيصر» مُثْقَلاً بمؤشراتٍ مُقْلِقة جداً حيال المنْحى الذي يتّجه إليه الوضعُ الداخلي في ملاقاة انتقال المواجهة الأميركية - الإيرانية إلى مراحلها الأكثر تَشَدُّداً والتي لن تكون «بلاد الأرز» بمنأى عن مفاعيلها، هي التي باتت أسيرة لعبة «الأواني المستطرقة» واقتيادها إلى «عين عواصف» المنطقة ومَلاعب نارها.
وفيما «يُدشّن» الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله مساء غد، «زمنَ قيصر» الأميركي بإطلالةٍ عشية سريان القانون الذي يَفْرض عقوبات على كل مَن يقيم علاقات تجارية أو يدعم النظام السوري، وسط ترقُّب أن يرسم حدود تعاطي لبنان مع هذا التحوّل المفصلي ويحدّد «قواعد الاشتباك» معه، تعرب مصادر واسعة الإطلاع عن خشيةٍ كبيرة مما ينتظر بيروت عند هذا المفترق الخطير الذي لم تفكّك السلطة بعد «شيفرة» التعامل معه، في ظل صعوبةِ اعتماد «الأقنعة» في التزام موجباته غير القابلة للتجزئة، وفي الوقت نفسه استحالة تسليم «حزب الله» بالسماح بجعْل لبنان جزءاً من مسارِ «قطْع رأس» إيران في سورية وإكمال خنْق أدواره العابرة للحدود.
واعتبرت أن لبنان الرسمي، الذي كان باشر عبر لجنة وزارية درْس انعكاسات القانون المحتملة على بيروت وإذا كان ثمة «ممرات خلفية» يمكن اعتمادها مع واشنطن من بوابة «خصوصية الواقع اللبناني وجغرافيته» ووضعه الاقتصادي، اقترب من ساعة الحقيقة في حسْم خياراته بإزاء «قيصر» والحدود الممكنة للالتزام به.
ووفق المصادر نفسها، لن يمرّ وقت طويل قبل أن تتّضح مآل الرهانات اللبنانية على إمكان توفير «بطاقة استثناء» أميركية للبنان في التعاون الغذائي أو الكهربائي أو التجاري (ترانزيت) مع النظام السوري، لافتة إلى أن تطورات الأيام الأخيرة في الداخل والإشارات الآتية من واشنطن لا تشي بمناخٍ متفهّم أميركياً يمكن البناء عليه للتفلّت من «قيصر» وشبكة ألغامه.
ورأت أن التعيينات المالية في البنك المركزي، وصولاً إلى «رسالة الشارع»، وليس انتهاءً بالتوصيات (للجنة الدراسات في الحزب الجمهوري في الكونغرس) التي كُشف عنها بتوسيع دائرة العقوبات لتشمل داعمي «حزب الله» وبينهم رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، كلها تشكّل معطياتٍ لعدم سهولة إيجاد «ملجأ» ديبلوماسي - سياسي - قانوني يتيح لبيروت التكيُّف الآمِن مع مقتضيات «قيصر».
وفيما لم يعد ممكناً الفصل بين «مسار قيصر» وتَعاطي بيروت معه، وبين مصير مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي (حول برنامج تمويل إنقاذي) الذي تملك واشنطن الكلمة الأقوى فيه، فإنّ ما عاشتْه البلاد في الأيام الماضية من انزلاق الشارع، إلى اضطراباتٍ تشابكتْ أجنداتها وبدت أكثرها خطورة تلك التي انخرط فيها مناصرون لـ«حزب الله» و«أمل» في وسط بيروت، اعتُبر بمثابة «تمرينٍ» لما قد يُدفع إليه لبنان بحال محاولة جرّه إلى «عربة قيصر» التي تنطلق فيما الواقع المالي - الاقتصادي - النقدي يُنذِر بالمزيد من الكوابيس التي تسابق محاولاتٍ تُصَوَّر وكأنها «الخرطوشة الأخيرة» لمنْع «التدمير الكامل» لليرة أمام الدولار، في حين يُخشى أن يكون جرّ المركزي لضخّ عملة خضراء في السوق في إطار محاولة تغذية «أنابيب» الدعم للنظام السوري وليرته المتهاوية.
وفي موازاة المناخ الداخلي الضاغط الذي عبّر بلا قفازاتٍ عن المخاوف من أي استعمالٍ لما تَبقى من احتياطي «المركزي» في محاولة دعْمٍ لن تصمد لليرة في ظل تَعطُّش السوق واللبنانيين فاقدي الثقة بمجمل الوضع الداخلي، إلى الدولار الذي سـ «يُشفط» سريعاً رغم الضوابط المعلنة ليعطي ذلك دفعاً متجدداً للسوق السوداء، فإن موضوع تهريب العملة الخضراء والمواد الغذائية إلى سورية بدأ يشهد انعكاسات ميدانية ولا سيما في عاصمة الشمال طرابلس التي شهدت السبت فصلاً جديداً من اعتراض شاحنات متجّهة إلى سورية تمّ هذه المرة حرق بعضها.
وفي حين أوضحت منظمة الأغذية العالمية أن الشاحنات «كانت تحمل مساعدات غذائية إلى مخازن الأمم المتحدة في سورية»، موضحة «أن المحتجين أوقفوا شاحنتين من أصل 39 شاحنة انطلقت من مرفأ بيروت، تحمل أكياس سكر عليها شعار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة»، وهو ما أكدته أيضاً المديرية العامة للجمارك، دَخَلَ زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري على خط هذا الملف، مؤكداً «أن من حق أي مواطن يعاني الغلاء الفاحش وفقدان المواد الغذائية أن يرى في رتل الشاحنات المحملة بالمساعدات والمتجهة إلى سورية حلقة في مسلسل التهريب اليومي في ظل الحدود السائبة وغياب الثقة بإجراءات الدولة».
وأضاف: «لكن هذا الحق يتوقف عند حدود المسؤولية الوطنية والأخوية تجاه المساعدات التي تنقلها الأمم المتحدة إلى الداخل السوري عبر مرفأ بيروت، وليس بين أهل طرابلس والبداوي والمنية وغيرها مَن يمكن أن يمنع وصول المساعدات إلى الأشقاء السوريين الذين يعانون مرارات النظام».
وتابع الحريري: «الأمور باتت واضحة بعد بيان برنامج الأغذية العالمي فقطع الطريق على مساعدة الأشقاء، ليس من شيم أهلنا في الشمال. لكن خوفنا وخوفهم أن يأخذنا عباقرة العهد والحكومة إلى يوم ينتظر فيه اللبنانيون وصول شاحنات برنامج الأغذية العالمي».
وكانت طرابلس شهدتْ بعد اعتراض الشاحنات مواجهات عصر السبت بين الجيش ومحتجين وخصوصاً في محلّتي التبانة وساحة النور ومحيطهما، مّا أدّى إلى إصابة 89 شخصاً بينهم 20 عسكرياً بحالات اختناق وجروح ورضوض.
وفيما عاشت عاصمة الشمال نهار أمس، يوماً هادئاً، لم يخمد دويّ عمليات التخريب الواسعة التي شهدها وسط بيروت الخميس والجمعة، وسط اتساع رقعة التحذيرات من تداعيات استمرار هذا التفلت والتقاعس السياسي والأمني عن ضبْطه، وصولاً إلى إعلان عدد من أصحاب المؤسسات والممتلكات والمصالح في وسط العاصمة أمس «أنهم سيقومون بالدفاع عن أرزاقهم وممتلكاتهم بأنفسهم بعد تقاعس الدولة عن ذلك منذ بدء أعمال الشغب وسيقومون بإطلاق النار على كل معتدٍ يقوم بكسر أو خلع أو حرق أي مؤسسة أو منزل»، مشددين على أن «هذا حق مشروع لأن جنى العمر ليس لقمة سائغة لبعض الموتورين والمخربين».
في موازاة ذلك، بقي «كورونا» حاضراً في المشهد اللبناني مع تسجيل 4 إصابات جديدة أمس، رفعت العدد الإجمالي إلى 1446 بينها 868 حالة شفاء و32 وفاة، وذلك عشية وقف العمل بقرار تقييد حركة السيارات وفق أرقام لوحاتها (مفرد - مجوز) والإبقاء فقط على منْع التجول بين منتصف الليل والخامسة فجراً، واقتصار القطاعات الممنوعة من العودة للعمل على الملاهي الليلية ومراكز لعب الأطفال وألعاب الفيديو وقاعات المناسبات والمسارح ودور السينما.
يذكر أن لبنان قرر معاودة فتْح المطار اعتباراً من الأول من يوليو المقبل، بقدرة تشغيل توازي 10 في المئة من حركة الملاحة (2000 راكب) ومع إجراءات تضمن التباعد الاجتماعي ومعايير الأمان.