«هُراء»؟... في التركيبة السكانية

تصغير
تكبير

في كل أزمة تواجهها الكويت، ينكشف جليّاً الأثر السلبي الشديد للخلل الصارخ في التركيبة السكانية.
نعم، الكويت في تأسيسها هي بلد مهاجرين، ونعم الكويت منذ فجر تاريخها هي بلد التقت فيه الكثير من الأعراق. نعم الكويت منذ بداياتها كانت أرضاً تستقبل المستضعفين ومن انسدت في وجوههم سبل العيش الكريم ليجدوا في الكويت منذ أيام الفقر والفاقة بركة تيسر معيشتهم.
أيضاً، نعم الكويت لن تقدر أن تمارس الانطوائية وتعيش فقط على الكويتيين، فهذا ما لا يفعله أي بلد اليوم في العالم، وعلى رأس هذه الدول الدول الكبرى من العالم الأول التي تراهن دوماً على الأثر الإيجابي للهجرات مع ما يرافقها من تجديد الدماء والتجديد الفكري والعلمي والمهني والسلوكي.


ولكن هذه الدول باتت اليوم أكثر انتقائية لهذه الهجرات، تحرص على أن يكون القادمون الجدد قيمة مضافة... لا انتكاسة!
اليوم، يستشعر المواطنون الخطر الكبير الذي تشكّله التركيبة السكانية المختلة والفاقدة للتوازن بين مختلف التركيبات المكّونة لها، هناك خطر صحي وهناك خطر غذائي، وهناك خطر أمني حقيقي وهو الأخطر، خصوصاً في ظل تفشي مظاهر التمرد والتحدي السافر للسلطات التي يبذل أفرادها وقياداتها قصارى جهدهم لضبط النفس الذي يفسره المارقون ضعفاً، والمشكلة أن الاستدراج نحو تفجير الوضع يتواصل مع الأسف.
في هذه الأجواء، ومع فقدان الأمل في إجراء حكومي جاد رغم كل «هُراء» في ضبط التركيبة كنا نسمع عنه منذ نحو أربعين عاماً، جاءنا الأمل أمس مع الإجراءات التي أعلن عنها وزير الدولة لشؤون البلدية المهندس وليد الجاسم وتوجيهه بالاستفادة من الكوادر الوطنية وتطبيق سياسات إحلال الكويتيين، وبناء عليه يتم وقف استقبال طلبات التعيين للوافدين ووقف استكمال إجراءات التعيينات الجديدة وإلغاء استكمال تجديد عقود الوافدين واتخاذ اللازم نحو إنهاء عقودهم مع مراجعة أعداد الوافدين العاملين وتقليص أعدادهم وفقاً للتخصصات وحاجة العمل.
هذه الاستراتيجية التي أطلقها الوزير الجاسم هي سياسة حكومة وسياسة مجلس وزراء أيضاً، ولهذا نتمنى أن تجد الدعم الحكومي والبرلماني والشعبي لتكون نموذجاً يحتذى في المرحلة المقبلة.
والمسألة ليست طرداً للوافدين لا سمح الله، ولا إيذاء لهم، بل ولا يصح إيذاءهم نفسياً ولا لفظياً ولا سلوكياً، ولكن من حق الكويت أن تتخذ بعض الإجراءات في هذه الظروف.
نحن واقعيون، وندرك حاجة الكويت للإخوة الوافدين، وندرك أن الكثير من الأعمال سيظل على رأسها وافدون، ولكننا ندرك أيضاً أهمية العمل على ضبط التركيبة السكانية وجعلها أكثر اتزاناً بما لا يخلق طغياناً عند فئة من فئاتها يمكن أن يشكّل خطراً أمنياً بين ليلة وضحاها... فالأمن خط أحمر.
نقول ما نقوله، ونحن نظن - مع الأسف - أنه لن يكون إلا «هُراء» سينضم إلى كثير من الهراء كنا نسمعه منذ أربعين عاماً... وما زلنا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي