الهوية... والمجتمعات

تصغير
تكبير

لا أريد أن أدخل في متاهات تعريف الهوية؛ فما أكثرها في الكتب المؤلفة والمجلات العلمية المتخصصة، ولكن يقيني بأن لكل إنسان هويته التي تميّزه عن الآخر وهذا ينطبق على المجتمعات والدول والأمم والشعوب، وتظل الهوية هوية واحدة لا تتجزأ، وهي الوعاء لهذا التميز سواء أكان تميزاً دينيّاً أم لغويّاً أم قوميّاً أم وطنيّاً أم تربويّاً أم ثقافيّاً... إلخ. فكل هذه الأبعاد أو الأنساق تنضوي تحت راية الهوية.
ونحن - العرب - أعزنا الله بالإسلام، وقد أكد الله سبحانه وتعالى هويتنا حتى الممات، جاء ذلك في باب جمع المذكر السالم، قال تعالى: (اتّقوا اللهَ حقَّ تقاتهِ وَ لا تموتنَّ إِلاَّ وَ أَنتمْ مسلمونَ) سورة آل عمران: الآية 102. - قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله).
لذا ينبغي أن تكون هويتنا هوية إسلامية في المقام الأول وهذا ما أكدته الآية الكريمة قال تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» (المائدة: 3)، ويرى الباحث كمال الشريف بأن: «الإسلام يشمل مبادئ متكاملة تضمن كرامة الإنسان وحريته على أساس عبادة الله الواحد الذي كرم الإنسان واصطفاه» أ. هـ.
وهذا لا يعني إلغاء الأديان الأخرى، أو إقصاء المعتقدات وتهميشها، ولكن لا بد أن نفرّق بين روحانية، العقيدة التي نشأت في أحضانها وتشرّبت قيمها وتشبعت بمبادئها، هي سبيلك إلى فهم الوجود من حولك، كما أن دينك تغلغل في كيانك حتى يصير له طبيعة ثانية، والمقدس جزء من الكيان يذود المرء عنه كما يذود عن كيانه، كما يراها الباحث توفيق بن عامر، وبين الإسلام كمنهاج كامل وشامل لحياة عملية قوامها الدين، يقول الباحث رفيق حبيب: «تجلى في المنطقة العربية والإسلامية نموذج حضاري متميز، له قيمه العليا، والتي تختلف عن القيم السائدة في الحضارات الأخرى، وعلى رأسها الحضارة الغربية. وهذا النموذج يقوم أساساً على مرجعية القيم الدينية الإيمانية، بوصفها القيم العليا الحاكمة للحياة، وبهذا لم يكن النموذج الحضاري الإسلامي مفرقاً بين المنتمين إلى العقائد الإلهية، التي تقوم على أساس أن المرجعية العليا هي للقيم والقواعد والمبادئ الدينية. يصح هنا أن نقول إن من أهم ما جمع الأمة العربية الإسلامية بمختلف تنويعاتها، هو الاتفاق على الاحتكام للدين. وعلى أن الحكم النهائي والأول هو للقاعدة والمبدأ الديني. وتلك النزعة الدينية الإيمانية التي شكلت هوية المنطقة.أ.هـ».
نلمس هذا التمسك بمبدأ العقيدة في أحلك الظروف وأصعبها مما يحقق الاعتزاز بالهوية الدينية؛ قوله تعالى: «وَلبثوا فِي كهفهمْ ثلاثَ مائةٍ سنينَ وَازْدَادُوا تسْعاً ? سورة الكهف: آية25، ومن النضال والاعتزاز إلى التضحية في سبيل العقيدة حينما آمن سحرة فرعون برب موسى دون أخذ الإذن من فرعون، قال تعالى: ? وَ لَأُصلبنّكمْ فِي جذُوعِ النّخلِ ? سورة طه: آية 71، غير مبالين بما قد يكتنفهم من ألم وعذاب وقسوة ثم موت. ومن التضحية إلى الدعوة والمواطنة، قال تعالى: ?رَبَّنا وَ اجعَلنا مُسلمين لكَ وَمـِنْ ذُرِّيتِنا أُمَّةً مسلِمةً لكَ? سورة البقرة: الآية 128.
فالهوية الدينية اعتمدت على مكونات في بناء شخصية المسلم، والقرآن الكريم لم يترك شاردة ولا واردة ولا كبيرة ولا صغيرة إلا ذكرها ووضحها، يقول الدكتور أحمد العوايشة عن القرآن الكريم: «هو غذاء المسلم الروحي الذي لا غناء عنه أ.هـ»، وجاءت السنة النبوية الشريفة مكملة له وشارحة لهذا السفر العظيم، قال تعالى«وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى»(النجم: 3و4). ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:«تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي».

fahd61rashed@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي