الانتخابات البرلمانية المقبلة... هل باتت في مهب الريح؟... سؤال مستحق في ظل الغموض والصعوبات القانونية والسياسية والصحية التي تعترض الاستحقاق النيابي المُقبل.
المشاكل القانونية ليست سهلة في ظل اضطرار الحكومة إلى اختصار فترة التعديل على الكشوف الانتخابية المحرّرة في فبراير والمفترض أن تكون المدة من أول شهر مارس إلى العشرين منه مفتوحة للتعديل، إلا أن المدة صارت نحو عشرة أيام فقط مع الإغلاق الذي تم بسبب «كورونا»، والذي يعد في النهاية انتقاصاً من المدة التي يحق للراغبين خلالها تدقيق الكشوف والاعتراض عليها، سواء لعدم إدراج أسمائهم أو لملاحظتهم وجود أسماء غير مستحقة من وجهة نظر المعترض.
وهناك طعون قدّمت بالفعل وتنتظر قرار المحكمة فيها، والذي يفترض أن يصدر قبل نهاية شهر يونيو المقبل.
هذا ما يخص تحصين الكشوف الانتخابية والطعون عليها، وهي مشاكل قانونية تداخلت معها «كورونا»، ولكن هناك أيضاً مشكلة سياسية تقض مضاجع النواب والراغبين في الترشح للانتخابات المقبلة... إنها مشكلة «الحجر السياسي» الذي فرضته الجائحة الصحية أيضاً عليهم، فصار محرجاً للنواب والمرشحين استعراض قوتهم وقوة حبالهم الصوتية ضد الحكومة التي يلتف حولها هذه الأيام الجموع الشعبية لإسنادها في هذه الحرب ضد فيروس كورونا، فوجد المرشحون القادمون أنفسهم مضطرين لمجاراة المزاج الشعبي وامتداح الحكومة، أو على الأقل التخفيف عنها، وبهذا فقد المرشحون المقبلون فترتهم (الاستعراضية) الأساسية التي يقدّمون عادة فيها كل طاقتهم وشراستهم ومقترحاتهم أملاً في أن تبقى مواقفهم عالقة في أذهان الناخبين وتنعكس بالتالي تصويتاً لصالحهم في صناديق الاقتراع.
عملياً، يمكن الجزم بانتهاء فترة مجلس الأمة حالياً، حيث لن يستعرض النواب كثيراً الآن، وسرعان ما سيدخلون في عطلة برلمانية يلحقها انعقاد استثنائي خامس من جلسة واحدة لإكمال المدة الدستورية للبرلمان.
وكأن كل ما سبق لا يكفي من أتعاب للمرشحين، من المحتمل أيضاً أن تأتي الظروف الصحية وتجهز على ما تبقى من الأسلوب التقليدي في الانتخابات، وستتجلى في أوضح صورها إذا ارتؤي أن فترة الإجراءات الصحية الاحترازية من التباعد الاجتماعي وعدم السماح بالتجمعات وتقليص ساعات وأماكن العمل ستمتد إلى موعد الانتخابات، خصوصاً مع تواصل تفاقم الإصابات، واكتمال عمليات الإجلاء للمواطنين من الخارج، وبناء عليه يكون هناك حاجة لأن تكون الانتخابات المقبلة (إلكترونية)... وهذا بالطبع يتطلب أن يتقدم المجلس الحالي بقانون يعالج هذا الأمر... تشريعياً!
إذا حدث كل ما سبق، عندها ستكون كل الحملات الانتخابية الاعتيادية والوسائل المتعارف عليها في محاولة التأثير على الناخب وإقناعه قد صارت في مهب الرياح... ليكون السؤال المستحق عندها: رياح التغيير... هل ستكون عاصفة فقط على الوسائل الانتخابية؟... أم ستجرف معها أيضاً الكثير من النواب الحاليين؟