حاكِم «المركزي» ردّ على «الحملة المبرْمجة عليه» بمرافعة «مدوْزنة»

قلَق متعاظم في لبنان من انفجار الشارع «حمّال الأجندات»

u0645u062du062au062cu0648u0646 u064au062cu0645u0639u0648u0646 u0627u0644u062du062cu0627u0631u0629 u0644u0631u0645u064au0647u0627 u0639u0644u0649 u0639u0646u0627u0635u0631 u0627u0644u062cu064au0634 u0627u0644u0644u0628u0646u0627u0646u064a u0641u064a u0645u062du064au0637 u0627u0644u0645u0635u0631u0641 u0627u0644u0645u0631u0643u0632u064a u0641u064a u0628u064au0631u0648u062a u0644u064au0644 u0627u0644u062bu0644u0627u062bu0627u0621 - u0627u0644u0623u0631u0628u0639u0627u0621 t(u0623 u0641 u0628)
محتجون يجمعون الحجارة لرميها على عناصر الجيش اللبناني في محيط المصرف المركزي في بيروت ليل الثلاثاء - الأربعاء (أ ف ب)
تصغير
تكبير

يتسارع انزلاقُ لبنان إلى عيْن عاصفةٍ عاتيةٍ على وقْعِ انقطاعِ «حبال الأمان» الواحدِ تلو الآخَر بما يضعُ البلادَ على أبوابِ سيناريواتٍ متفجّرة هي التي تتقاذف استقرارَها أزمةٌ «مثلثة الرأس»، مالية - اقتصادية - سياسية، و«ثورةُ جياعٍ» تُعانِد رياحاً متعاكسة، واحدة تبدو مدجَّجَةً ببنك أهداف بوليتيكو - أمنية، وأخرى معبأة بالغضب الساطع من الواقع المعيشي الكارثي المفتوح على «آتٍ أعْظم».
ولم تكن عابرة الأبعادُ الخطيرةُ التي تعطى لخروج الشارع اللاهب عن الضوابط السلمية لـ «ثورة 17 اكتوبر» وشعاراتها انطلاقاً من «ليالي المواجهات» في طرابلس ومناطق أخرى بين محتجّين والجيش اللبناني، وسط إبداء أوساط واسعة الإطلاع قلقاً بالغاً من خَطَرِ انفلاتِ الأرض مع الجوع الزاحف والغلاء الهستيري ودخول لبنان مرحلةً من الاضطراباتِ التي يصعب التكهّن بمآلاتها.
وتوقفت الأوساط عبر «الراي» بتمعّن عند ما بدا وكأنه «ليلة القبض على المصارف» ولا سيما في طرابلس التي شهدت ليل الثلثاء صِدامات عنيفة بين المتظاهرين والجيش تخللتْها عمليات كرّ وفرّ واستعمل المحتجون خلالها الحجارة والمفرقعات النارية وصولاً إلى حرق المصارف فيما ردّت العناصر العسكرية بالرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع ما أسفر عن سقوط عشرات الجرحى (منهم 50 عسكرياً بينهم 6 ضباط)، في موازاة عمليات قطْع طرق في العديد من المناطق وتحرّكات غضب في اتجاه مصرف لبنان المركزي في الحمراء لم تخلُ من أعمال شغب ترافقت مع استهداف صرافات آلية في أكثر من منطقة بقاعية وفي صيدا وصولاً إلى فرن الشباك.


وما فاقَمَ مخاوف هذه الأوساط الوقائع الآتية:
* أن انفجار الشارع الذي يرتبط في جانبٍ مباشر بقفزة السقوط الهائلة للواقع المعيشي - الاقتصادي يتزامن مع منحى «انتقامي» سياسياً في سلوك السلطة حيال معارضيها الذين يخشون وجود اتجاه لإرساء أدوات عمل بوليسية تجت عنوان مكافحة الفساد، وهو ما يعزز شعور جماعات سياسية وطائفية بالاستهداف وتالياً ربما بالحاجة إلى انتفاضة من خارج السياقات التي حددتها ثورة 17 أكتوبر.
* تعاطي بعض الدوائر مع أحداث طرابلس وأخواتها على أنها من ضمن أجندة يدْفع في اتجاهها «حزب الله» من الخلف هو الذي كان نجح مبكراً في اختراق الانتفاضة عبر مجموعات صوّبت المعركة في اتجاه المصارف وحاكمية البنك المركزي في إطار تصفية الحساب مع الولايات المتحدة وعقوباتها على الحزب وطمْس الأسباب الحقيقية للانهيار الناجم عن جعل لبنان «رهينة» في الصراع الاقليمي.
وبهذا المعنى تتساءل هذه الدوائر إذا كان استهداف المصارف بعد التلويح بإقالة حاكم المركزي رياض سلامة، في سياق «تحرّشِ» حزب الله بالمجتمع الدولي ولا سيما واشنطن لاستدراجهما لأخذٍ وردّ في شأن الوضع في لبنان ومساعدته «بأقلّ الشروط» كما في شأن العقوبات على إيران، وخصوصاً بعد المعلومات عن إدارة الولايات المتحدة «الأذن الطرشاء» لمحاولات جرّها إلى مقايضاتٍ، ملاحِظة أن تطورات الايام الأخيرة لا تضع فقط القطاع المصرفي، الذي يشكّل أحد مظلّات اطمئنان أميركا لالتزام لبنان العقوبات، في «مرمى النار» بل هي تنطوي أيضاً على محاولاتٍ لزجّ الجيش اللبناني في صِدام مع الشارع، وهي المؤسسة الشريكة في القرار 1701 والتي تُعتبر أيضاً عنوان ثقة خارجياً.
* ما أردته «وكالة الأنباء المركزية» عن أن أجهزة مخابرات غربية حذّرت لبنان من «أن مجموعات صغيرة من العناصر الارهابية قدمت من سورية في اطار محاولة الانتقال الى دول أخرى، اندسّت بين الثوار في طرابلس وساهمت في أعمال الشغب والعنف، ويخشى ان تشكل سبباً رئيسياً لانفجار واسع».
وفيما أبدت الأوساط المطلعة اقتناعاً بأن هذه الأبعاد تؤكد أن الشارع في لبنان بات «حمّال أجندات» لن يفيد منها إلا الأكثر تنظيماً، لاحظت أن ارتفاع منسوب السخونة في الوضع الداخلي استدعى ما يشبه «الاستنفار» الخارجي لحضّ الحكومة على بت الخطة الإصلاحية (يفترض أن تقرها في جلسة لمجلس الوزراء اليوم) كشرطٍ لمدّ يد المساعدة والتحذير من وقوع البلاد فريسة الفوضى.
وفي هذا الإطار، برز موقف الجامعة العربية الذي عبّر عنه الأمين العام المساعد السفير حسام زكي الذي اعتبر «ان ما يشهده الشارع اللبناني من تصعيد ميداني خطير بين جموع المتظاهرين والجيش اللبناني وبالذات في طرابلس يستدعي القلق والانزعاج الشديدين»، واصفاً الوضع في لبنان بأنه «دقيق للغاية ويمكن أن ينزلق بسرعة إلى ما لا يحمد عقباه»، ولافتاً إلى «ان الأزمة المالية والاقتصادية والمصرفية التي يشهدها لبنان باتت تتطلب معالجات حاسمة وفورية، وتحلي جميع الأطراف بروح المسؤولية الوطنية».
وجاء هذا الموقف غداة اتصال وزير الخارجية الفرنسي جان - إيف لودريان برئيس الحكومة حسان دياب، وسط تباين بين رئاسة الوزراء اللبنانية والـ «كي دورسيه» حيال ما دار خلال الاتصال، إذ أشارت السرايا اللبنانية إلى ان لو دريان عبّر «عن تأييد فرنسا لبرنامج الحكومة الإصلاحي واستعدادها لمساعدة لبنان مع صندوق النقد الدولي وأكد نيّة فرنسا عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية فور انتهاء إجراءات الحظر المتعلقّة بكورونا»، فيما اشارت الخارجية الفرنسية إلى أن لودريان ذكّر «بالتدابير الملموسة وذات الصداقية الواجب اتخاذها على وجه السرعة، للاستجابة لتوقعات الشعب اللبناني وإعادة الثقة بالاقتصاد»، مؤكداً استعداد باريس على هذا الأساس «لمواكبة لبنان والحكومة لإجراء الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية».
وترافق ذلك مع دخول أميركي بارز على خط الوقائع المتدحْرجة في لبنان، أولاً عبر موقف السفيرة دوروثي شيا التي اعتبرت «أن إحباط الشعب اللبناني من الأزمة الاقتصادية مفهوم كما ان مطالب المحتجين مبرّرة. لكن حوادث العنف والتهديدات وتدمير الممتلكات تبعث على القلق العميق ويجب ان تتوقف»، قبل تصريحات مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر الذي «اعتبر أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة صديق للولايات المتحدة وخسارته أمر سيء»، مؤكداً أنّ «الخزانة الأميركية عملت بشكل جيّد ولسنوات مع الحاكم في قضايا العقوبات على المصارف والمؤسّسات الماليّة وإقفال حسابات تابعة لـ»حزب الله«، وداعياً الحكومة لإصلاحات ضرروية لنيل»المساعدة المشروطة«.
وفي موازاة ذلك، وعلى وقع تسجيل لبنان 4 إصابات جديدة بكورونا رفعت العدد الإجمالي إلى 721 حالة، خرَج حاكم»المركزي«اللبناني في ردّ هادىء ومصوَّب على رئيس الحكومة الذي كان اتهمه بـ»اداء مريب والتفرّد بإصدار التعاميم، وعدم التنسيق مع الحكومة في الاجراءات التي اتخذها، او تقديم الحسابات المتعلقة بالمصرف«.
ولم يتوان سلامة في رسالة متلفزة استمرّت ساعة عن اتهام البعض بمحاولة استغلال الأزمة المالية والبعض الآخَر»بالهروب من مواجهتها أو التهرّب من مسؤولياتهم وتحميلها لسواهم«، مفنّداً بالأرقام حسابات»المركزي«ودوره في تمويل الدولة»فلا معلومات مكتومة أو أحادية في قرارات الإنفاق التي تتبع كلها للنظام المالي في مصرف لبنان، والقول بعكس ذلك افتراءٌ لتضليل الرأي العام وإيهامه بأن مسؤولية القرارات المالية محصورة بالحاكم لتعزيز الحملة المبرمجة عليه شخصياً«، وجازماً»لم نفلس البنوك ولن نفلسها وهذا من اجل المودعين كي لا يخسروا أموالهم«، ومدافعاً عن سياسات تثبيت الليرة التي اعتمدها منذ أعوام وعن التعاميم التي أصدرها أخيراً لجمْع الدولارات»وسندافع عن استقلالية المركزي وفق القانون ولا شيء يطلب منا بالقانون أن يكون كل تعميم منسّقاً مع جهات حكومية، والمركزي لن يكون أداة تحريض على عدم الاستقرار".

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي