عون: ملاحقة كبار المسؤولين السياسيين يعطي المثال الصالح

لبنان على مَشارف «الاصطدام الكبير»

u0639u0646u0627u0635u0631 u0645u0646 u0627u0644u062cu064au0634 u062au0642u0648u0645 u0628u0625u0637u0641u0627u0621 u0625u0637u0627u0631u0627u062a u0623u0634u0639u0644u0647u0627 u0645u062au0638u0627u0647u0631u0648u0646 u0641u064a u0645u0646u0637u0642u0629 u0636u0628u064au0629 u0634u0645u0627u0644 u0628u064au0631u0648u062a t(u0623 u0641 u0628)
عناصر من الجيش تقوم بإطفاء إطارات أشعلها متظاهرون في منطقة ضبية شمال بيروت (أ ف ب)
تصغير
تكبير

... كأنه العدُّ العَكْسي لـ «الاصطدامِ الكبير». هكذا يبدو المَشْهَدُ في لبنان الذي استعاد دفعةً واحدةً «الخنادق» السياسية الموصولة بـ «الصراع الأم» المفتوح على التوازنات في الحُكْم منذ العام 2005، وغليان الشارع الذي يقترب من الانفجار، فيما الانهيار المالي يتسارع بلا كوابح وسط السقوط المدوّي لليرة أمام الدولار وما يرافِقُه من ارتفاعٍ هستيري في الأسعار.
وتقاطعتْ المؤشراتُ أمس عند أن البلاد تنزلق مجدداً إلى «خط الزلازل»، على وقع هزّات سبّاقة ارْتَسَمَتْ مَلامِحُها على محوريْن:
* الأول «الجبهات الساخنة» سياسياً في ظلّ معركةٍ يشكّل استهدافُ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والقطاع المصرفي خطَّ التماسِ المتقدّم فيها الذي تتلمّسه السلطة المتَّهَمة بالسعي لإكمال عملية قضْم المؤسسات في سياق «الانقلاب الناعم» الذي يقوده «حزب الله» والذي جاءت حكومة الرئيس حسان دياب كآخِر تعبيراته.


وفي هذا الإطار، تَسارَعَتْ وتيرةُ السِباق بين ما اعتبرته أوساطٌ سياسية محاولات الحكومة توسيع «حبْل» مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة على تخوم مسار الإنقاذ المالي ليلتفّ على عنق خصومها بعد محاصرة سلامة بـ «بطاقة حمراء» مازال يحول دون إشهارها حتى الساعة خطّ أحمر دولي، وبين تنظيم المعارضة صفوفها، ولا سيما الرئيس سعد الحريري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وبتقاطُع موْضعي مع رئيس البرلمان نبيه بري، بوجه ما تراه استحضاراً لتجربة 1998 «الانتقامية» بحق الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عهد الرئيس اميل لحود، من ضمن مسارٍ يُراد أن يحسم ما بدأ العام 2005، وهو ما بدا مؤشراً إلى فتْح «وكر دبابير» السياسة وقرْب انتهاء مفعول «الواقعية» التي حكمتْ تعاطي ما كان يُعرف بقوى 14 آذار مع «حزب الله» وحلفائه.
وجاء موقف جنبلاط، عبر قناة «العربية» ليل الأحد ليشكّل الإشارة الأقوى بهذا الاتجاه، إذ «فتح النار» على عهد الرئيس ميشال عون كما «حزب الله»، مؤكداً أن «الحزب التقدمي الاشتراكي» يعترض على نهجهما الذي سماه انقلابياً، واصفاً دياب بأنه «لا شيء فـ(حزب الله) والتيار الوطني الحر يحركان الحكومة»، مضيفاً «العماد عون استأنف سياسة الإلغاء التي بدأها العام 1988، والتيار الحر نسي أنه كان ميليشيا في لبنان»، ومشيراً إلى «أن لبنان بلد بلا سيادة على حدوده ومطاره وموانئه»، ومؤكداً «سنقاوم سلمياً وديموقراطياً، وأنا جاهز للمحاكمة شرط أن يكون الجميع تحت القانون»، ومشدّداً «لن أقبل بإلغائي من (حزب ‏الله) أو غيره».
وأتى كلام جنبلاط بعد ساعات من مواقف عالية النبرة لرئيس «التيار الحر» جبران باسيل عَكَسَت المضيّ بالمواجهة حتى النهاية مع المنظومة «التي نهبت البلد منذ التسعينات»، وعشية جلسةٍ لمجلس الوزراء يجري التعاطي معها من المعارضة على أنها ستكرّس «إعلان الحرب» عبر بنودٍ أبرزها «تدابير آنية فورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة» التي اعتُبرت بآلياتها المتعلقة بالوزراء والنواب وكأنها تمهّد «لتشكيل سلطة قضائية موازية تستغلها السلطة ‏ ضد خصومها».
ويُنتظر أن تشهد الجلسة نقاشاتٍ قد لا تخلو من الحدّة في ظلّ امتعاض بري من القفز فوق وزير المال غازي وزني في ملفاتٍ يفترض أن تكون من صلب مهماته وتجييرها لوزارة العدل، ناهيك عن معالم تبايناتٍ بينه وبين شريكه في الثنائية الشيعية «حزب الله» حول الإطاحة بحاكم «المركزي»، إذ حذّر رئيس البرلمان من أنه «في ظل عدم وجود مجلس مركزي في مصرف لبنان ولا لجنة رقابة على المصارف، إذا تمت الإقالة فإن اللبنانيين سيستيقظون على سعر الدولار بـ 15 ألف ليرة. وليعلم الجميع، أنا لا أدافع عن سلامة بل عن لبنان»، آخذاً على حكومة دياب «أنها تبدو أحياناً عدوّة نفسها».
وأعطى الاجتماع الوزاري - الاداري لمكافحة الفساد الذي ترأسه عون أمس في حضور دياب إشارةً إضافية إلى أن المناخ السياسي مقبل على مزيد من التطاحُن، إذ ان رئيس الجمهورية أكد أن من العناصر الضرورية كي تؤدي مكافحة الفساد أهدافها «وجود سلطة رقابية محترفة وعادلة ومستقلة (...) واستهداف الفساد السياسي بصورة خاصة وعدم التركيز فقط على الفساد الإداري، ذلك أن ملاحقة كبار المسؤولين السياسيين يعطي المثال الصالح بأن الملاحقة لا تقتصر على مَن هم أدنى مرتبة في مراتب المسؤوليات العامة».
ولاقى دياب، الرئيس عون معلناً «ان الكل يعرف أن الفساد متضخّم في لبنان، ويتمتع بحماية السياسة والسياسيين، والطوائف ومرجعياتها»، مؤكداً «اليوم بات ضرورياً معالجة هذه الآفة ومعاقبة الفاسدين».
وإذ يُنتظر أن يطلّ حاكم «المركزي» على اللبنانيين في الساعات المقبلة ليردّ على «مضبطة اتهام» رئيس الحكومة بحقه الأسبوع الماضي ولا سيما في ما خص كلفة الهندسات المالية، او امتناعه عن التدخل في السوق للدفاع عن الليرة، أو تعاميمه الرامية لتجميع الدولارات، لم يتراجع الانطباع بأن التدهور المريع في سعر العملة الوطنية أمام الدولار الذي ناهَز أمس 4300 ليرة بات من حلقات استخدام هذا الملف كوقودٍ لتحريض الشارع ضدّ حاكم «المركزي» والقطاع المصرفي.
* أما المحور الثاني فالشارع الذي «استفاق» ولم ينتظر بدء المرحلة الأولى (امس) من تخفيف التعبئة العامة (تستمرّ مراحلها حتى 8 يونيو) من ضمن المخطط الحكومي للتعامل مع «كورونا» الذي سجّل أمس 3 إصابات جديدة رفعت العدد الإجمالي إلى 710 وذلك عشية انطلاق المرحلة الثانية من إجلاء اللبنانيين المغتربين.
فبعد ليلٍ من قطْع الطرق في الشمال والبقاع والجنوب وبيروت، تَكرّر المشهد أمس في مناطق عدة وسط صِداماتٍ بين متظاهرين والجيش اللبناني والقوى الأمنية في أكثر من نقطة بينها الزوق (كسروان)، في ظلّ رفْع المتظاهرين الذين كانوا يستقلون سياراتٍ والتزمت غالبيتهم شروط الأمان في «زمن كورونا» عناوين مندّدة بارتفاع أسعار السلع وبأداء الحكومة، وسط علامات استفهامٍ حول مدى قدرة الانتفاضة المتجددة على «تصفيح» تحرّكاتها التصاعدية بوجه محاولات استغلالها من أطراف الصراع السياسي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي