عندما نتحدث أو نكتب عن النفس فحديثها ذو شجون، والكتابة عنها ذات دقة وتفاصيل، وذلك كله مهم، ولكن الأهم منه هل تعرف نفسك؟ لتكتب وتتحدث عنها بكل شفافية وإنصاف ومن دون آهات وشجون؟! قد يقول قائل من منّا لا يعرف نفسه؟! نرد عليه ونقول الكثير منا لا يعرف نفسه، ولم يتعرف عليها، ابحث عنها وتعرف عليها، حتى تستطيع أن تستثمر مهاراتك في رمضان مختلف ومميز لأنه مصحوب بوباء، هل تعرف اهتماماتك؟! فاهتمامات الإنسان لا تعبر عن عقله وعلمه فحسب، وإنما تعبر عن خلاصة توجهه في الحياة وعن تفاعله مع المبادئ والقيم السامية وطريقة فهمه لها.
ممكن للإنسان أن يتعرف على ذاته من خلال الأمور التي تسيطر على تفكيره، وتوجّه سلوكه ومواقفه، وتنظم ردود أفعاله، فإذا وجد أن الفوز برضوان - الله تعالى - وانتشار الفضيلة وغلبة الحق هي التي تستحوذ على جل اهتماماته، فهذا يعني أنه من الصنف النبيل الذي يرجو الخير لنفسه ولأمته، ما عليه إلا أن ينمي ويطور المهارات التي وهبه الله تعالى إياها بما ملّكه من قدرات وإمكانات، ومن ثم يستثمرها في حياته عامة، وفي شهر الخير والبركات خاصة.
إن المجتمعات في حاجة ماسة للإبداع والتميز، من خلال مكونات وأفراد المجتمع، وهذا ما يجعلهم يمهرون في تخصصاتهم، ويتميزون بمجتمعاتهم في مواكبة العصر حتى يرضوا طموحاتهم. المهارة تعني القدرة على القيام بمهمة ما بدرجة معينة من السرعة والإتقان والدقة مع اقتصاد في الجهد المبذول، وقد تؤدّى بصورة بدنية أو عقلية، ويكون لدى الشخص مقدرة فائقة في أداء مميز لما تعلمه واكتسبه. وما أحوجنا برمضان مصحوب بوباء كورونا لمهارات الدقة والإتقان والأداء المميز، حتى نستطيع أن نلتزم بالقرارات والقوانين التي تصدرها الدولة من أجل المحافظة على صحتنا وبيئتنا.
الوقت هو حياتنا، لا يمكن أن نعوض ما فات منه، ولا يمكننا أن ندخره لنستفيد منه مستقبلاً، كذلك لا يمكننا شراؤه فهولا يباع ولا يشترى، وتجديد النية لله تعالى من أهم عوامل استثمار الوقت.
رمضان 2020 تميز بعدة أشياء منها... قلة الملهيات، فقد كنا في السابق نتسابق مع الزمن للخروج مبكراً خوفاً من الزحام، للذهاب لصلاة التراويح أو زيارة الأهل والأقارب، أما الآن ففي الوقت متسع للصلاة وقراءة الورد من القرآن وغيرها من العبادات، أما الشيء الآخر زاد اللجوء والتضرع والدعاء إلى الله من كل مواطن ومقيم لرفع البلاء عن الأمة وكشف الغمة، والشيء الثالث كثيراً ما افتقدت الأسر الجلسات الحوارية بين الآباء والأبناء أما الآن تقريبا أصبحت بشكل شبه يومي إن لم تكن مرتين أو ثلاث مرات في اليوم الواحد، وما ذكرناه على سبيل الذكر لا الحصر، وكم هو محظوظ من يحتسب الأجر من الله على كل كلمة وهمسة ورمشة في شهر تكثر فيه النفحات والرحمات والعطايا من رب البريات التي لا حدود لها ولا انتهاء، فأنت بحاجة إلى مهارة قراءة القرآن في رمضان، كما أنك بحاجة لمهارة التفكر والتأمل، ومهارة الاتصال والتواصل مع الآخرين خصوصا الأقرباء منهم، ومهارة الكتابة، وضف عليهم في رمضان 2020 المهارات الصحية من تغذية ونظافة شخصية ومكانية، قد يقول قائل نحن بحاجة لهذه المهارات كل أيام السنة لماذا نخصها برمضان؟! شهر رمضان كما ذكرنا سابقاً شهر الأجر فيه مضاعف، وفيه ليلة خير من ألف شهر «ليلة القدر»، فاستغل كل ما لديك من مهارات لتفوز بهذه الليلة، وأي عوائد وأرباح ستعود عليك من استثمار وقتك في رمضان بما تملك من مهارات وإمكانات وقدرات؟ لذا علينا ألا نفرّط بأوقاتنا التي هي حياتنا، يجب علينا أن نحافظ عليها ونستفيد منها، ونستغل البركات والرحمات والعطايا الربانية في شهر القرآن بما ينفعنا في الدين والدنيا.
قبل أن ننهي مقالنا نذكّر قراءنا الكرام بأنه ليس المقصود من التعريف بالنفس هو التعريف الشخصي، الاسم والسن والوظيفة وما يتبعها من تعريف لهوية الشخص، إنما ما قصدناه هنا التعريف الذاتي. هل بحثت يوماً ما عن نفسك وتعرفت عليها؟! متعة لا توصف عندما تتعرف على نفسك وتتقبلها كما هي وتنسجم معها وتكونان في تصالح وسلام دائمين لتتعاونا على التغيير الإيجابي والتجديد والتطوير بلا حدود، ومن ثم التخطيط والإدارة والإنجاز.