واضح
هل غضبت السماء من الأرض؟
في الحديث الشريف - في ما معناه - «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر مع أصحابه، فانطلق لحاجته، فرأى أصحابه حمّرة - طائر صغير - معها فرخان فأخذوا فرخيها، فجاءت تعرش - أي ترفرف بجناحيها - فلما رآها الرسول قال: مَن فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها».
وفي الحديث من رواية الإمام مسلم في ما يقصه الرسول من أمر البعثة النبوية وكيف كان حال الأرض وأممها قبلها من سيطرة الشرك والظلم قال: «وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم كلهم عجمهم وعربهم إلا بقايا من أهل الكتاب»، وذلك ما رأى من ظلمهم وضلالهم.
ما تذوقه البشرية الآن من مرارة المرض وهلع وخوف الموت وانهيار النظم الصحية في بعض البلاد، وما ينفقونه ويبذلونه في محاربة هذا الوباء، وكأنه رسالة من السماء، وكأن المولى جلّت قدرته يقول لهذه الأمم المجتمعة وهذه الدول والأنظمة والكيانات: من فجع هؤلاء الأمهات بأولادهن في هاتيك الحروب والويلات؟ من فجع هذه الشعوب بأمانها وأموالها واستقرارها؟ وكأن السماء تقول لأمم الأرض: كيف رضيتم بالظلم ولم تصدوه؟ كيف لم تنتصروا للمظلوم وساندتم الظالم؟ كيف تاجرتم بسلامة هؤلاء البشر؟ كيف استعبدتم فقراءهم؟ كيف غرّتكم قوتكم؟ هي رسالة السماء لأهل الأرض: من فجع هؤلاء الأمهات بأولادها في تلك الحروب؟
وكأن السماء مقتت أهل الأرض كلهم، غربهم وشرقهم وأوسطهم، فأرادت قدرتها أن ترجعهم إلى رشدهم ليتركوا غيّهم!
عندما قامت «الدولة» بشكلها التنظيمي الحالي في العالم كله، كان الهدف من هذا التنظيم هو إقرار قواعد العدالة بين الأفراد الذين يعيشون تحت ظل هذا النظام، وحسن إدارة الموارد وعدالة قسمتها وترسيخ العدالة ومحاربة الظلم، هذا هو الحجر الأساس لقيام أي نظام سياسي، وعندما قامت الدول بإنشاء هيئة الأمم المتحدة لم يكن هدفها سوى تعميم هذه المبادئ لتكون هي النظام العالمي، وتكون هناك قوة وهيئة تحميه.
لكن الواقع أن هذه الأنظمة التي تدير الدول في عموم الكرة الأرضية «البسيطة» استمرأت الظلم، واستغلت الموارد، وظلمت شعوبها، ومثلها فعلت القوى العالمية التي استطاعت أن تدير كيان الأمم المتحدة، ولهذا جاءتها رسالة السماء وجاءت لكل فرد: إن الخالق أكبر من كل كبير.
lawyermodalsbti @
