رغم المُماحكات السياسية، أو لنقل غير الموضوعية التي تزعجهم أحياناً، إلا أننا نرفع الغترة والعقال والقبعة وكبوس «البيسبول»، بل وحتى الكمّام احتراماً وتقديراً للإخوة العاملين في وزارة الصحة، بدءاً بأصغر موظف وانتهاءً بالقياديين من مديرين ووكلاء والوزير النشط الدكتور باسل الصباح لإصرارهم على الأمن الصحي وتقديمه قبل أي اعتبارات أخرى، وذلك لسبب بسيط جداً حتى الساذج يفهمه، ألا وهو أن كل الاعتبارات الأخرى سوف تسقط وتتهاوى إذا تحوّلت الكويت من بلد يتلقى حالات مصابة من الخارج، وهي تحت السيطرة، إلى بلد يتفشى فيه الوباء، شأننا في ذلك شأن إيران جارتنا على الضفة الثانية من الخليج العربي التي تأخرت لأسباب غير مفهومة في التعامل مع الوضع حتى صارت بؤرة تفشٍّ للفيروس الذي يخشاه كل العالم اليوم.
الوكلاء هدّدوا بالاستقالة، وهذا الأمر حدث ونعرف تفاصيله الكاملة، وهو غير قابل للنفي، بل حتى النفي الصادر عن وزارة الصحة جاء متذاكياً، حيث ينفي تقديم الاستقالة، لكنه لم ينفِ حدوث تلويح بها عندما احتدم النقاش في اللجنة الوزارية التي عقدت أول من أمس (الجمعة) لأربع ساعات، وسبقت اجتماعاً ليلياً لمجلس الوزراء امتد إلى منتصف الليل... وهو الاجتماع الذي أعاد قرار الأمن الصحي إلى الواجهة وفرض إجراءات صحية احترازية لا يمكن التراخي فيها.
رجال المواجهة، أو رجال «خط النار» الذين قدّرهم صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله وأمر بتكريمهم معنوياً ومادياً، هؤلاء هم مَن يقودون اليوم خط الدفاع الأول ضد الفيروس اللعين المتحوّل الذي حيّر العالم في تكوينه وسرعة انتشاره وأعراضه، وبات يهدّد سلامة ثلث سكان المعمورة وربما أكثر إذا تفشى. هؤلاء هم مَن يجب أن نضع ثقتنا فيهم ونساندهم ونعينهم في قراراتهم التي تحفظ سلامة كل من على هذه الأرض كويتياً كان أو مقيماً.