كلمات ناطقة

«كورونا»... كويتية!

تصغير
تكبير

فيما العالم يقف على قدميه، محاولاً تطويق الطاعون الجديد المتمثل بفيروس «كورونا» المرعب الذي يفتك بالمصابين فيه، وعزل أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان، وشكل حظراً شاملاً عليها براً وبحراً وجواً، فإن الكويت تعيش فيروس «كورونا» مختلفاً، إنه كورونا سياسي، أصاب ساحتنا المحلية وجعل الجميع يدور في دوامة تصعيد واحتقان نيابي - نيابي لا ندري ما عواقبه، وعلى أي جانب سيرسو، في ظل حالة الأخذ والرد والاتهامات المتبادلة في فرقاء المشهد النيابي حول مجريات الأسبوع الماضي.
ومع أن الكويت استنفرت لمواجهة فيروس كورونا الصحي، الذي أصبح يحوم حولها بعد أن سجل إصابات في كل من إيران ودولة الإمارات ثم لبنان، واتخذت إجراءاتها الوقائية كاملة لمنع توغل أي شخص يحمل الفيروس إلى البلاد، فإن الكورونا السياسية، فعلت فعلتها الأسبوع الماضي، وبالتحديد في جلسة مجلس الأمة يوم الثلاثاء، وما شهدته من أحداث لا يرضى عنها أي حريص على سمعة بلاده ووحدة وطنه، لا من حيث ما جرى في مقاعد النواب داخل قاعة عبدالله السالم، ولا على مقاعد الجمهور. فليس من القيم والأعراف البرلمانية والاجتماعية أن يصل بنا الحال إلى ما شاهدناه من مظهر غير حضاري، رفضه الجميع، لا سيما ما جرى من اعتداء لفظي وجسدي، وهو أمر لا يرضى به أحد في الشارع، فما بالك إذا كان تحت قبة عبدالله السالم؟
وبعيداً عن الدخول في سجال مَنْ يتحمل مسؤولية ما جرى، حيث يحمّل كل طرف من القضية الطرف الثاني المسؤولية، وهو أمر رآه الجميع ويستطيعون ببساطة أن يصلوا إلى حقيقة المتسبب في الفوضى التي جرت، فإن ما جرى غير مقبول وغير مبرر، لا سيما أن مجريات الجلسة كانت واضحة وتسير بهدوء وضمن جدول الأعمال، ولكن يبدو أن سير الجلسة لم يكن وفق ما يريده أصحاب طلب العفو عن المحكومين في قضية دخول المجلس، وهو ما أثار حفيظة بعضهم وحاولوا منع المضي في المناقشة لعلمهم أن المقترح لن يحصل على العدد المطلوب لإقراره، فأرادوا إعادة التقرير للجنة التشريعية، وهو أمر قد فات وقته بعد رفع التقرير للتصويت، فكانت شرارة الحدث ووقع ما وقع.
وبعيدا عن أحداث القاعة التي رآها الجميع، فإن لنا تعليقاً على ما حدث على مقاعد الجمهور، سواء في مقاعد كبار الشخصيات، التي شهدت تعدي أحد الحاضرين بالإهانة لشريحة كبيرة من الشعب الكويتي، وهو أمر مرفوض رفضاً قطعياً ولا يمكن القبول به، كونه يعبر عن نظرة طبقية مقيتة، تطعن في صميم الوحدة الوطنية ، وتهدد بإصابتها بفيروس الفئوية والطائفية الذي ستكون تداعياته أكبر بكثير من كورونا، إضافة إلى ما حدث في المدرجات العليا للجمهور والاحتكاك الذي حدث مع حرس المجلس، وهنا لا أريد أن أدخل في تفاصيل ذلك، فالكاميرات صورت ووثقت كل ما جرى، ولكن الملاحظة في هذا أن عملية الشحن التي جرت بين مؤيدي العفو ورافضيه بلغت أن قسمت مدرجات الجمهور إلى فريقين وهو ما زاد من حدة التصعيد والاحتقان، وهي قضية تحتاج إلى مراجعة صادقة ومتأنية لاستدراك واقع قد تكون له ذيول لا يمكن التحكم بها لاحقاً، ولعل عطلة الأعياد الوطنية فرصة مناسبة للهدوء وإعادة الحسابات، لا سيما أن العطلة عطلة أعياد وطنية، وهي مناسبة للتفكير في كيفية إعادة الوئام إلى قاعة عبدالله السالم وتجاوز تداعيات ما جرى يوم الثلاثاء الماضي، ونحن على ثقة بالحكماء ومقدرتهم على ذلك.

h.alasidan@hotmail.com
@DAlasidan
Dr.alasidan@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي