مناصرو «التيار» و«الاشتراكي» وجهاً لوجه في «الحمراء»

لبنان يسابق «استحقاق مارس» بمحاولة تنظيم... السقوط المالي

No Image
تصغير
تكبير

لم يَعُد السؤال، هل يدفع لبنان استحقاقَ 9 مارس المقبل من سندات اليوروبوندز أم لا، بل صار هل يحصل عدم السداد بطريقة منظّمة «تحْمي ظهرَ» الدولة من آخر مسمار في «نعش» واقعها المالي - الاقتصادي الذي بات على مَشارف عمليةِ إعادةِ هيكلةٍ للدين العام أو جدولةٍ له أو كلاهما معاً، أم يجْري تخلُّفٌ غير منسَّق يزيد من «كوابيس» البلاد؟
وفيما كان وفد خبراء صندوق النقد الدولي يبدأ اجتماعاته أمس في بيروت بمستهلّ مهمةٍ استشارية تقنية طلبها لبنان لمواكبةِ استحقاق مارس والخيارات المتاحة أمامه وما يترتّب عليها، والحصول على «جواز مرور» يعزّز «حصانته» خارجياً في مرحلة إعادة الهيكلة، أعربتْ أوساطٌ واسعة الاطلاع عن خشيتها من الإشاراتِ السلبيةِ المتصاعدة سياسياً على جبهتيْن متوازيتيْن: الأولى مع ملامحِ تصفية الحسابات المباشرة بمفعول رجعي بين الائتلاف الحاكم وبين الأفرقاء الذين صاروا خارج السلطة، والثانية مع الإمعان بمحاولة تحويل المصارف وحاكم «المركزي» رياض سلامة «كبش محرقة» وتحميلهم مسؤولية الانهيار كامتدادٍ لـ «الهجمة» على «مرحلة الأعوام الثلاثين الماضية» والتي تختزل المعركة على «الحريرية السياسية».
وتبلْور هذا المناخ، الذي يُخشى أن يكون وقعُه سيئاً على الخارج الذي لن يتلقّف إيجاباً فتْح «حروبٍ جانبية» في غمرة «حرب البقاء» المالية التي ستعني خسارتُها السقوطَ المُريع للبلاد، من خلال تطورين سُجلا أمس:


* الأول في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون الذي أطلق مواقف بارزة اعتُبرتْ بمثابة تكريسٍ لـ «الاشتباك» بين فريقه وبين الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري وفريقه، وتثبيتٍ لمنحى ربْطِ تفاقُم المأزق المالي في الأشهر الأخيرة بالتحويلات المالية إلى الخارج ولا سيما بعد انفجار ثورة 17 أكتوبر مع القفز عن البُعد السياسي العميق لمجمل الأزمة اللبنانية المتعدّدة الطبقات.
وفي هذا الإطار، رَبَطَ عون عدم توقيعه حتى الساعة قانون موازنة 2020 «بعدم التصديق على قانون يتعلق بمسألة قطع الحساب»، متحدثاً عن «أن مجموع المبالغ المهدورة التي لا أدلّة ثبوتية عليها بلغ مبلغاً كبيراً، منها سلفات خزينة من غير المعروف كيف صُرفت ومبالغ أخرى، وَردت كهباتٍ للهيئة العليا للإغاثة (تابعة لرئاسة الحكومة)، ومشيراً الى أن الموازنة ستصدر (تلقائياً وبلا توقيعه) بعد انتهاء المهلة الدستورية (نهاية هذا الشهر)».
وعن الأوضاع المصرفية، لفت الى «أن هناك معلومات عدة لا نزال بحاجة اليها لتتبلور الصورة أكثر». وقال: «ثمة إجراءات سنتخذها ليتحمّل كل فرد مسؤولياته في ما حصل ولا سيما عمليات تحويل المبالغ بصورة غير قانونية والتي زادت من حدة الأزمة، وما لاحظناه حتى الآن أن ثمة مخالفات جسيمة وستتحمّل كل جهة مسؤولياتها في هذا المجال».
أما رئيس الحكومة حسان دياب، فاتخذ بدوره تموْضعاً اشتباكياً مع مرحلة «الأعوام الثلاثين الماضية»، بإعلانه «بدأنا اليوم الخطوة الاولى في اتجاه معالجة تراكمات 30 سنة من السياسات الخاطئة التي أوصلت البلد الى الانهيار الحاصل»، مشيراً الى «ان قضية الدين العام استنزفت أموال الدولة، كما أن الفساد والهدر والمحسوبيات والتسويات أنهكت الخزينة»، ومؤكداً «اليوم نعيش حال طوارئ حقيقية على المستويين المالي والاقتصادي».
* والثاني التحرّك الميداني لـ«التيار الوطني الحر» عصر أمس أمام مصرف لبنان تحت عنوان كشف مصير الأموال التي هُرّبت إلى الخارج، محمّلا حاكم «المركزي» المسؤولية، وسط إعلان رئيس التيار جبران باسيل «لا للمسّ بليرة أو دولار من أموال الناس قبل معرفة مَن بعد 17 أكتوبر حوّل أموالاً للخارج تجب إعادتُها».
ولم يُكتب للتظاهرة أن تمرّ بهدوء بعدما اعترضتْها مواجهة كادت أن تحصل مع مناصري «الحزب التقدمي الاشتراكي» على خلفية دعوات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو الى التظاهر أمام منزل وليد جنبلاط في كليمنصو.
وشكا متظاهرون من «التيار» من أن مجموعات «الاشتراكي» اعترضت حافلاتهم ومنعتهم من الوصول الى شارع الحمرا، قبل أن يرتسم شارع مقابل شارع يفصل بينهما الجيش وقوة مكافحة الشغب وسط هتافات وشتائم بحق رئيس الجمهورية وباسيل، قابلتْها هتافات تأييد لعون، ما استدعى اتصالاتٍ لتهدئة الوضع شكل أول ترجمةٍ لها تراجُع مناصري «التقدمي» من شارع الحمرا مع الإبقاء على تجمعهم أمام منزل جنبلاط.
وعلى وقع هذه التطورات، وفيما كان الحريري يحطّ في أبو ظبي في زيارة ذات دلالات تستمر يومين ويلتقي خلالها مسؤولين إماراتيين، باشر صندوق النقد لقاءاته الاستكشافية التي ستستمرّ حتى الأحد وشملت أمس، دياب وسلامة ووزير المال غازي وزني الذي أعلن «أن الاجتماع خُصص للتعارف»، مشيراً إلى أن «لبنان حضّر خطة لمواجهة الأزمة وكيفية الخروج منها»، ولافتاً إلى أن «صندوق النقد يعطي وجهة نظره في ظل الظروف الحالية وما يحتاجه لبنان من إجراءات اصلاحية واقتصادية ومالية، ومكمن الصعوبات والسبل الايلة الى الحلول»، ومؤكداً «أن وفد الصندوق»سيتابع عمله حتى الانتهاء من التعاون مع لبنان لاعداد الخطة.
وبحسب معلومات جرى تداوُلها في بيروت، فإن «الصندوق» لم يدخل في تفاصيل استحقاق اليوروبوندز في مارس، وأنه وجّه نصائح للبنان نابعة من قراءته للواقع المالي وذلك استناداً إلى الخطة الشاملة التي تعمل عليها بيروت وتحتاج لأكثر من شهر لتكتمل، وسط ترقُب لتطور بارز في إطار محاولة لبنان توفير «مناعة قانونية» لعملية إعادة الهيكلة التي لم يتوانَ رئيس البرلمان نبيه بري عن تشكيل «قوة دفْع» لاعتمادها، وذلك عبر فضّ العروض الذي سيحصل اليوم للشركات الاستشارية المالية والخبراء القانونيين الذين قدّموا ملفاتهم بعدما طلبت بيروت مشورتهم بخصوص خياراتها في ما خص سنداتها الدولية كما لمساعدة الحكومة بحال اتخاذ قرار إعادة هيكلة الدين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي