اكتشاف تشخيصي

فحص جديد للدم يرصد الاكتئاب مبكراً

No Image
تصغير
تكبير

اكتشفت دراسة بحثية جديدة أن بدء ارتفاع مستوى حمض استقلابي معين في الدم يمكن أن يرشدنا إلى التنبؤ مبكراً باقتراب بداية الاكتئاب الاكلينيكي، وأن زيادة ذلك الحمض إلى مستوى معين تدل على الاصابة فعلياً بالاكتئاب.

كانت نتائج دراسات سابقة عدة قد أشارت إلى وجود صلة بين الاكتئاب وبين الالتهابات المزمنة، وهي النتائج التي أدت إلى فرضية بحثية عامة مفادها أن الالتهابات يمكن أن تكون السبب الجذري الذي يقف وراء الاصابة بالاكتئاب الاكلينيكي.
من هذا المنطلق، وفي محاولة لاكتشاف الآليات الفسيولوجية التي تفسر الاكتئاب، قام باحثون يابانيون بفحص عدد من المسارات البيولوجية التي تؤدي إلى إحداث الالتهابات.
ومن بين تلك المسارات البيولوجية، أثار ما يسمى بـ«مسار الكينورينين» (KYN) اهتماماً خاصاً لدى الباحثين. والكينورينين هو واحد من مسارات عدة لعملية استقلاب حمض التريبتوفان الذي هو حمض أميني أساسي ويشكل أيضاً مقدمة لتكوين هورمون السيروتونين الذي يعرف بكونه واحداً من «هورمونات السعادة».
وكانت نتائج دراسات سابقة قد أشارت إلى أن انخفاض مستويات حمض التريبتوفان في الجسم قد يكون مسؤولاً رئيسياً عن الاكتئاب واضطرابات النوم.
وفي سياق الدراسة الجديدة - التي نُشرت نتائجها أخيراً في دورية «ساينتيفيك ريبورتس» المتخصصة التي تنشرها مجلة «نيتشر» العلمية - افترض باحثون تحت قيادة البروفيسور كونياكي سايتو والبروفيسور ياسوكو ياماموتو من جامعة فوجيتا اليابانية أن المستقلَبات (أو نواتج التمثيل الغذائي لحمض التريبتوفان) التي يفرزها مسار الكينورينين يمكن أن تكون بمثابة «مؤشر بيولوجي» يمكننا أن نستدل به ليساعدنا في تحديد مدى احتمال تعرض الشخص للإصابة للاكتئاب.
ويشرح البروفيسور ياماماتو الأمر قائلا: «تشير دلائل علمية مختلفة إلى أن عملية استقلاب حمض التريبتوفان تشارك في نشوء وظهور أعراض اضطراب الاكتئاب الشديد».
وانطلق الباحثون من تلك النقطة لاختبار ما إذا كان هنالك مستقلبات تريبتوفان معينة في الدم يمكن أن تشكل إشارة تنذر باقتراب الاكتئاب لدى الأشخاص المعرضين للخطر. ولمعرفة ذلك، فحص الباحثون مستويات مصل الدم لدى 61 مشاركا ممن أشارت فحوص الاكتئاب الاكلينيكي أنهم عرضة بدرجة عالية إلى الإصابة بتلك الحالة النفسية. وقارن الباحثون نتائج تلك الفحوصات مع نتائج فحوصات 51 متطوعاً آخرين ممن ليسوا عرضة لذلك الخطر ذاته.
ومن خلال نتائج المقارنة، لاحظ الباحثون أن الأشخاص المعرضين لخطر الاصابة بالاكتئاب كان لديهم مستويات حمض انثرانيليك في مصل الدم أعلى من الأشخاص غير المعرضين، وأن الأشخاص الأقل عرضة للاصابة بالاكتئاب يكون لديهم مستويات أقل من التريبتوفان.
ولأن مسار الكينورينين يستهلك ويستقلب التريبتوفان محولاً إياه إلى حمض الانثرانيليك وبالتالي زيادة مستوياته، فإن تلك الحقيقة تُعزز النتائج التي توصل إليها الباحثون.
بعد ذلك، أراد الباحثون اختبار ما إذا كان يمكن للمستقلَبات أن تتنبأ بمدى تفاقم الاكتئاب لدى الأشخاص. وللقيام بذلك، استخدم الباحثون بيانات 33 شخصاً أشارت درجات الاكتئاب الاكلينيكي الخاصة بهم إلى انحدارهم المستمر وبشكل واضح إلى تلك الحالة النفسية.
وكشف التحليل عن وجود علاقة ارتباطية واضحة مع مرور الوقت بين ارتفاع مستويات حمض الانثرانيليك بشكل متزايد وبين تزايد ظهور الأعراض الشديدة للاكتئاب الاكلينيكي.
وخلص الباحثون في ختام دراستهم إلى القول: «بشكل عام، تشير هذه النتائج إلى أن حمض الانثرانيليك يعتبر مؤشراً بيولوجياً يمكن الاستدلال به للكشف عن الأشخاص المعرضين لخطر الاصابة بالاكتئاب».
البروفيسور سايتو قال معلقاً على تلك النتائج: «هذا الاكتشاف يؤكد أن هناك بالفعل علاقة مباشرة قوية بين مستويات حمض الانثرانيليك في الدم وبين مستوى الاكتئاب على المقياس الاكلينيكي»، مشيراً إلى أن أهمية هذه النتائج تكمن في كونها ستساعد على ابتكار وانتاج وتطوير عقاقير وقائية وعلاجية للاكتئاب.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي