«ميد»: ربط الدينار بسلة عملات مكّن من السيطرة على الفائدة والتضخم
أشار تقرير لمجلة ميد إلى أن الكويت استعادت في مايو 2007، ربط عملتها بسلة عملات، منها الدولار واليورو وربما اليوان، لتستعيد السيطرة على سعر الفائدة، لافتاً إلى أن ربط الدينار بعملات شركاء الكويت التجاريين الرئيسيين في أوروبا وآسيا سمح لها بتحسين إدارة التضخم، حيث يتكيف سعر الصرف مع التحركات في العملات الرئيسية الثلاث.
من ناحية أخرى، أكد التقرير أن ربط هذه العملات الرئيسية الثلاث يوفر مستوى مساوياً من المصداقية مثل ربطها بالدولار، مع تمكين الاقتصادات من التغلب على مشكلة التضخم المستورد بشكل أفضل، والأهم من ذلك أن نظام السلة سيمكّن بنوك المنطقة المركزية من ممارسة سيطرة أفضل على أسعار الفائدة والدورة الاقتصادية المحلية.
ولفت إلى أن إصلاح نظام سعر الصرف لمصلحة الربط مع العملات الثلاث، سيتطلب من دول الخليج تنفيذ إصلاحات مهمة في السياسة النقدية، تشمل إنشاء قدرة أقوى للتنبؤ بالتضخم، فضلاً عن تعزيز أدوات التدخل في أسواق المال.
ووفقاً للتقرير، فإنه لأكثر من 3 عقود، استفادت اقتصادات الخليج من ربط عملاتها بالدولار، ما ساهم في تحقيق الاستقرار النقدي للمستثمرين والتجار ومجتمع الأعمال، إلا أن التغيرات الهيكلية في اقتصادات المنطقة، التي تشمل إعادة تنظيم العلاقات التجارية والاستثمارية تجاه القارة الآسيوية، يجعل من المنطقي النظر في مقترحات الإصلاح.
وذكر التقرير أنه في حين تمكنت دول الخليج من الدفاع عن ربط عملتها بالدولار من خلال احتياطياتها الأجنبية القوية، فإن أسعار النفط المتقلبة والأنماط التجارية المتغيرة تثير تساؤلات حول التكاليف مقابل الفوائد الناتجة من الحفاظ على ربط عملات دول المنطقة بالدولار، وما إذا كان هذا النظام مناسباً لاحتياجات الاقتصادات التي تنفّذ أجندة التنويع الاقتصادي.
وأوضح أن الارتباط بالسياسة النقدية الأميركية أدى إلى حرمان صانعي السياسات من أداة جوهرية لاتخاذ تدابير لمواجهة التقلبات الدورية، تتمثل في كبح التضخم ومنع الفائض من الاستثمار والفوائض التجارية عندما تكون أسعار النفط مرتفعة، والعكس عندما ينخفض النفط، وقد يضر القدرة التنافسية للقطاع غير النفطي على المدى الطويل، مبيناً أنه في السياسة النقدية، يجب أن يعكس اختيار ربط العملات العلاقات التجارية، إضافة إلى تكوين عملة الدين العام، وبما أن مستويات الدين الخليجي منخفضة بشكل عام، فإن هيكلية العلاقات التجارية أمر مهم.
ولفت التقرير إلى أن إعادة ترتيب أنماط التجارة في دول الخليج، ولا سيّما تجاه القارة الآسيوية، تحتاج إلى النظر فيها بإمعان، خصوصاً عند تقييم فوائد وتكاليف النظام الحالي، مشيراً إلى أن أكثر من ثلثي الواردات السعودية والإماراتية جُلبت من منطقة أوروبا وآسيا خلال 2016، حيث تشكل القارة الآسيوية نحو 39 في المئة من الواردات المتجهة إلى السعودية، ونحو 40 في المئة بالنسبة للإمارات. وفي المقابل تشكل واردات السعودية من قبل أميركا الشمالية نحو 15 في المئة، و12 في المئة بالنسبة للإمارات.
وبشكل مماثل، فإن أكثر من نصف الصادرات من قبل كلا الاقتصادين تتوجه إلى القارة الأوروبية والآسيوية، في حين تبلغ النسبة المتجهة نحو أميركا الشمالية ما يقارب 4 في المئة.
أما بالنسبة لصادرات الطاقة، فإن 68 في المئة من صادرات النفط السعودي تتجه إلى شرق وجنوب آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، بينما تتجه 99 في المئة من صادرات الإمارات إلى المناطق نفسها، وتتجه 16 في المئة من الصادرات النفطية السعودية إلى الأميركتين، مقارنة بنحو 0.8 في المئة من الصادرات الإماراتية.
ولفت إلى أنه عندما تمنع أسعار الصرف من التكيف في مواجهة تدفقات رأس المال أو التدفقات الداخلة غير المتوقعة، لا يمكن إجراء التعديل إلا من خلال الأسعار.
وأوضح التقرير أنه في حالة دول الخليج، يمكن أن يؤدي الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط وتدفقات رأس المال الناتجة إلى زيادات كبيرة في التضخم، في حين يمكن أن يؤدي الانخفاض إلى عجز وتدفق رأس المال إلى الخارج، مشيراً إلى أن التضخم أو الانكماش المرتفع لا يمكن أن يشكلا فائدة للاقتصاد على الإطلاق، ولهذا السبب فإن جميع مصدري السلع الرئيسيين تقريباً مثل كندا ونيوزيلندا والنرويج، يسمحون ببعض التقلبات في أسعار صرف العملات ويستهدفون التضخم باستخدام أسعار الفائدة.
وبيّن أنه في الفترة التي سبقت 2008، مع بلوغ أسعار النفط ذروتها، عانت دول الخليج في احتواء التضخم.
من جانب آخر، بيّن التقرير أن مشكلة ربط العملة تكمن في أن دول الخليج غير قادرة على استخدام أسعار الفائدة لإدارة الدورة الاقتصادية المحلية، لافتاً إلى أنه كان هناك مزيج قاتل بشكل خاص في السنوات التي سبقت 2008 عندما تزامن انخفاض أسعار الفائدة في أميركا مع ارتفاع أسعار النفط، تاركاً صناع السياسات مكتوفي الأيدي. وبالمثل، في أعقاب تراجع أسعار النفط في 2015، استفادت دول الخليج من استمرار انخفاض أسعار الفائدة لتعزيز النشاط الاقتصادي، ولكن أسعار الفائدة في أميركا كانت تصاعدية حتى أواخر 2018.