حروف مبعثرة
«زوربا»... لم يرقصها أرسطو
من يشاهد الرقصة اليونانية الشهيرة، والتي تشبه الدبكة أو أي رقصة تتطلب تشابك السواعد وتحريك الأرجل بخطوات موحدة، سيظن أنها من التراث أو التاريخ الإغريقي. كنت أعتقد ذلك، لكن صديقي «غ» وقدرة سبر أغواره أتحفتني أن معلوماتي ناقصة ولديّ جهل كبير وعميق بتاريخ الرقص اليوناني!
صدقوني، نسبة كبيرة من الناس انضمت مثلي إلى قائمة «غير المدركين».
تتذكرون مشهد الرقص في فيلم «زوربا» الذي قدمه الممثل الأميركي أنتوني كوين في العام 1964؟ الرقصة انتشرت بفضل الفيلم وألف موسيقاها حينها ميكيس تيودوراكيس. نعم، قبل 64، لم يكن اليونانيون يرقصون الزوربا أو السيرتاكي في حفلاتهم وسهراتهم!
غريب كيف فيلم تمكن من إدخال تقليد جديد وتراث جديد إلى بلد وبقعة من العالم قد يكون تاريخها مرتبطا ببداية التكوين!
من الستينيات انتشرت هذه الموسيقى وهذه العادة في مختلف أنحاء اليونان، وأصبحت شعاراً وطقوساً يمثل البلاد.
شاهدنا الزوربا أيضا في فيلم «Mamma Mia!» وفي أفلام أخرى!
ومع أن الموسيقى اشتهرت في مختلف أنحاء العالم وتعلمنا خطواتها البسيطة جميعاً، إلا أنها مكروهة في البيرو بسبب ارتباطها برئيس حزب مسلح دموي ارتكب أعمالا إجرامية غير إنسانية بحق شعب البيرو ووضع على لوائح المنظمات الإرهابية. ارتباطها برئيس الحزب سنديري لومينوزو جاء بسبب فيديو يظهره وهو يرقص الزوربا، ولذلك نبذ الشعب البيروفي موسيقاها ورقصتها.
أما في ما يخص تكسير الصحون، فالعادة قديمة ومرتبطة بأوقات الحِداد منذ العصور الوسطى. ويقال إنها ظهرت بسبب دعوة عشاء قدمتها عائلة غنية لأخرى فقيرة، وعند انتهاء تناول الطعام سمحوا للمدعوين بتحطيم الصحون ظناً منهم أن ذلك سيشعرهم بالارتياح ويحررهم من الفوارق الاجتماعية بين العائلتين.
عام 1969، منع الدكتاتور باباديبولوس هذه العادة وعادت وبقوة بعد انتهاء حكمه.
وبعد فيلم «زوربا» الإغريقي، ارتبط التقليد القديم بالتراث المستحدث، فشكلوا رمزاً وطنياً على شكل لوحة راقصة.
لكن المؤكد أن الإغريق كأرسطو وأفلاطون لم يألفوا هذا التراث وهذا التقليد، فالشراكة الوحيدة بين تاريخ قديم وآخر جديد آلة البُزُق!