تقنية طبية
علاج إشعاعي «ينسِف» خلايا السرطان بسرعة البرق
تشير النتائج الأولية لتجارب تقنية طبية علاجية جديدة إلى إمكانية القضاء تماماً على الأورام السرطانية «بسرعة البرق» حرفياً، ومن دون إلحاق أي أضرار بالخلايا السليمة.
فكيف تعمل تلك التقنية الواعدة التي أطلق عليها مطوروها اسم «FLASH»؟
خلصت دراسة طبية أميركية جديدة إلى إثبات أنه سيكون باستطاعة الأطباء في المستقبل غير البعيد استهداف خلايا الأورام السرطانية بسيل إشعاعي يتألف من بروتونات ذرية تقضي تماما على تلك الخلايا في غضون أقل من نصف ثانية، مع إمكانية تقليص تلك المدة إلى جزء من ألف جزء من الثانية.
فباستخدام تقنية علاج إشعاعي ناشئة يطلقون عليها اسم FLASH، نجح باحثون وأطباء بجامعة بنسلفانيا الأميركية في إثبات إمكانية القضاء على الأورام السرطانية في أعشار من الثانية، وبتكلفة أقل بكثير من تكلفة العلاجات الإشعاعية التقليدية الشائع استخدامها منذ سنوات.
تلك النتائج الأولية المبشرة تم استخلاصها من أبحاث مكثفة أجريت مختبرياً على فئران تجارب، ونُشرت تلك النتائج أخيرا في المجلة الدولية لعلم الإشعاع في مجالات الأورام والبيولوجيا والفيزياء.
واستخدم الباحثون جهازاً إشعاعيا طبياً متطوراً يعرف بـ«السيكلوترون» ويقوم بتسريع الجسيمات الذرية ثم يطلقها في نبضات سريعة تستهدف الخلايا السرطانية وتدمرها تماما على الفور وبلا رجعة.
وقال اختصاصي معالجة الأورام بالإشعاع الدكتور كيث سينجل الذي شارك في قيادة التجارب البحثية بمستشفى جامعة بنسلفانيا: «تقنية FLASH تقضي وتسيطر على الأورام السرطانية بطريقة مماثلة للاشعاع التقليدي، لكن الذي يميزها إلى جانب سرعتها الفائقة هو أن تأثيرها الضار على الأنسجة غير السرطانية (السليمة) أقل بدرجة كبيرة»، مشيرا إلى أن تلك المزايا ثمينة جدا وستكون خطوة ثورية في مجال معالجة السرطان. وهذا يعني أن تقنية FLASH تدمر وتبيد الخلايا والأنسجة السرطانية وفي الوقت ذاته لا تلحق ضررا بالخلايا والأنسجة السليمة.
وأضاف الدكتور سينجل موضحاً: «التقنيات الإشعاعية المستخدمة منذ سنوات تعتمد على قصف الورم السرطاني بشعاع مستمر يتألف من جسيمات ذرية متناهية الصغر، وتكون إما فوتونات أو إلكترونات سالبة الشحنة. لكن الجديد في تقنيتنا هذه هو أننا نجحنا في إضافة جسيمات ذرية أكثر دقة وسرعة، ألا وهي البروتونات موجبة الشحنة».
وتعليقاً على هذا التطور التقني، قالت الدكتورة ماري كاثرين فوزينين، رئيسة مختبر معالجة الأورام بالإشعاع بمستشفى جامعة لوزان بسويسرا: «إنها تقنية فريد من نوعها بمعنى أنها غير مسبوقة من حيث السرعة والدقة إلى جانب تدمير الخلايا الخبيثة مع عدم الإضرار بالخلايا السليمة المجاورة لها»، لكنها أضافت مستدركة: «لكن هذا لا يعني بالضرورة أن استخدام البروتونات لتدمير الخلايا السرطانية أفضل في كل الأحوال من استخدام الفوتونات أو الإلكترونات. فكل واحدة من هذه الجسيمات المختلفة لها إيجابياتها وسلبياتها».
ووافقها الدكتور سينجل على ذلك قائلا: «على الرغم من المزايا التي أبدتها تقنية FLASH من خلال العلاج بالبروتونات، قد يكون واقع الأمر هو أن كل نوع من الجسيمات الذرية مناسب بشكل فريد لاستهداف أنواع معينة من الأورام السرطانية أو في مناطق محددة في الجسم»، مشيراً إلى أنه سيتعين إجراء مزيد من التجارب والدراسات البحثية لاكتشاف ذلك.
يشار إلى أن اسم FLASH (الذي يعني «ومضة خاطفة») مستوحى ببساطة من السرعة الفائقة التي تستهدف بها أشعة تلك التقنية الجديدة الخلايا السرطانية وتنسفها تماماً ومن دون الحاجة إلى جلسات لاحقة.