مثقفون بلا حدود
ليلى السبعان ودورها في علم اللغة (2 من 5)
من نواة الكويت إلى محيط الخليج تنطلق بنا الأكاديمية الكويتية ليلى خلف السبعان بمؤلف معاصر، وقد فتحت آفاق التبصر على لغة حية مشتركة لدول الخليج العربية، فتحت عنوان «لغة الإعلام المعاصر في دولة الكويت ودول مجلس التعاون» من إصدار سنة 1999م، وفي عبارة غاية في الروعة تقول السبعان: «أهمية هذا البحث تنبع من إيمان عميق بأهمية اللغة العربية التي تكاد تكون منفردة بين لغات العالم الحية؛ فهي من أطول هذه اللغات عمراً ومن أكثرها تأثيراً في التاريخ العلمي والثقافي والسياسي للبشرية، ومع ذلك فإنها من أقل لغات العالم حظاً من حيث العناية بتاريخها، ورصد ظواهرها المختلفة وتعقب تطور هذه الظواهر واستقصاء العوامل الفاعلة في تحديد مسارات التطور وتتبع تاريخها الطويل، منذ كانت لغة لقوم يعيشون في قلب الجزيرة العربية، إلى أن أصبحت لسان حضارة وأداة حياة». أ.هـ.
ثم تتحدث السبعان في الفصل الأول من كتابها عن الإذاعة الكويتية المسموعة من عام 1951م، إلى عام 1995م، بطريقة التأريخ موثقة كل مصدر ومرجع بهذا الصدد بدقة متناهية، وبالأخلاق التي تقتضيها الأمانة العلمية. وتتساءل الدكتورة ليلى: «لماذا الإذاعة المسموعة؟ وما مفهوم مصطلح المستويات الذي يتضمنه العنوان؟ وما حدود المادة التي تقوم عليها الدراسة في الزمان والمكان والنوع؟ وما المنهج الذي نتبعه في إنجازها» أ.هـ.
ولضيق المساحة لا أستطيع أن أستعرض كل إجابات الدكتورة القيمة، فقد أجابت عن هذه الأسئلة وفق معايير ومقاييس علمية، ولا بأس أن أذكر إجابتها عن السؤال الأول حيث تقول: «إن الإذاعة المسموعة، وهي جهاز الاستقبال الذي تنتقل به المادة المذاعة إلى الجماعة اللغوية، أصبحت بفضل التقدم التقني الهائل، وسيلة متاحة رخيصة الثمن، وواسعة الانتشار في الدور والسيارات، وأماكن الترفيه وفي المواقف الفردية، والجماعية، ومن ثمة تمارس الإذاعة المسموعة نفوذاً وتأثيراً على قطاعات عريضة ومتنوعة من أبناء الجامعة اللغوية، بطريقة مركزية من حيث الإرسال، وغير محددة من حيث استقبالها والتأثير والانفعال معها» أ.هـ
وتقدم السبعان بحثاً علمياً نشر في مجلة كلية الآداب، جامعة المنصورة، مصر، ملحق بالعدد الحادي والثلاثين، أغسطس 2002م، بعنوان «دور الأمثال في التقعيد النحوي - دراسة في أمثال مغني اللبيب لابن هشام».
صدّرت السبعان مقدمة كتابها بآيتين قرآنيتين كريمتين، قال تعالى: «ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون» الزمر: 27، وقال جل شأنه: «ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم» النور: 35.
ومن لطيف ما نقلته السبعان هو اهتمام وعناية علماء اللغة بعلم الأمثال، حيث تقول: «ولهذه الأهمية للمثل وإيجازه وكثرة معانيه نجد أن كثيرا من جامعي الأمثال القدماء كانوا من علماء اللغة، وأن كثيرا من هذه الأمثال كانت مواد أساسية في علم اللغة والنحو، وكانت تقف جنبا إلى جنب بجوار شواهد القرآن والحديث وكلام العرب شعرا ونثرا، فمن جامعي الأمثال: أبوهلال العسكري، والزخمشري، ومؤرج السدوسي، والمفضل الضبي، وغيرهم من كبار اللغويين» أ،هـ،
وحينما ننتقل مع الدكتورة ليلى السبعان من الأمثال وتعريف المثل والخصائص اللغوية للمثل، نقف عند المثل في التقعيد النحوي، فلم يحظ كتاب نحوي مثلما حظي به كتاب مغني اللبيب في الاهتمام بالأمثال؛ فقد رصدت السبعان خمسة وعشرين مثلاً على قضايا نحوية. وهذا العدد لا يكاد يذكر مع عدد الشواهد القرآنية التي لا تعد ولا تحصى وشواهد الشعر العربي المحتج به الذي بلغ سبعة وثلاثين ألف بيت أو شطر غالباً أو جزءاً من شطري في بعض الأحيان. وهذا العدد لا يشمل المكرر منها. أما الحديث النبوي الشريف الذي يتجنبه كثير من النحاة فقد استشهد به ابن هشام ثلاثاً وستين مرة. وللحديث بقية.
fahd61rashed@hotmail.com