هذا سؤال محيّر جداً، في مجتمعاتنا من الذي يقود ومن هو المقود، هل العقل والفكر والعلم والمعرفة وذوو الاختصاص هم الذين يقودون عامة الناس؟ أم أن عامة الناس وبعض السفهاء أو السطحية والتفاهة هو من يقود الفريق الأول ومن بعده المجتمع كافة؟
الحقيقة المؤلمة أن دفة القيادة المجتمعية بيد السفهاء لا بيد العقلاء، وأن السطحية هي التي تتسيد، ويغيب العقل والمنطق تماماً، تعالوا نعيش وضعنا كما يحدث يومياً في مجتمعاتنا لنرى هذه الحقيقة المؤلمة كيف تتجسد، يخرج أحد السفهاء أو ناقصي العقول بتصريح ما أو فيديو مسجل أو رأي شاذ أو فكرة متهافتة أو أيٍ من تلك التفاهات التي تملأ الفضاء الإلكتروني، فيتلقف الناس هذا الخبر «الغريب» ويمررونه كلهم إلى كلهم! وما هي إلا بضع ساعات حتى تكون هذه التفاهة مرّت على كل أو غالبية المجتمع، حينها ينبري العقلاء الذين يظنون أن من واجبهم حراسة الفضيلة، فيرد كل واحد منهم في اختصاصه واهتمامه على هذه السفاهة.
تجد عالم الدين له رد والمفكر الباحث كذلك، تجد عشرات الآراء القانونية حول هذا الفيديو أو تلك التصريحات، كتّاب المقالات يردّون، الشعراء ينظمون، في النهاية بعد بضع ساعات يكون غالبية المجتمع بمفكريه وباحثيه وعقلائه قد تناول ورد على ذاك السفيه، وما أن تنتهي هذه «الزفّة» إلا وابتدأ «مولد» آخر بسفيه آخر وبرأي وتصريح لا يقل سفاهة أو تفاهة عن سابقه، فينتقل عقلاء المجتمع إلى هذا «الثاني» لينشغلوا بالرد عليه... وهكذا تسير الأمور عندنا!