كلما دخلت أروقة النيابة العامة، وتحديداً نيابة الإعلام للتحقيق في قضايا المطبوعات والنشر أو قضايا الإعلام المرئي والمسموع التي لا تتوقف، وكلما مددت ناظري الى تلك المكاتب الكثيرة في الطابق الرابع من سراي النيابة الجديد، وكلما رأيت في هذه المكاتب هؤلاء الشباب من أبناء الكويت الذين تصدوا للعمل العام ولهذه المهام الصعبة، كلما فعلت ذلك تذكّرت واسترجعت تلك التجارب القديمة قبل أكثر من عشرين عاما عندما كان الصحافي يجلس على كرسي خشبي متواضع وفوق رأسه لافتة كُتب عليها «نيابة الخمور والمخدرات»!! في ممر مزدحم منتظراً دوره في التحقيق في زمن لم تكن فيه نيابة مختصة بالإعلام مثلما هو حاصل اليوم.
في تلك الأيام كانت القضايا تأخذ وقتاً طويلاً، وكان الصحافي يتصبب عرقاً من الإحراج وهذه اللافتة المحرجة فوق رأسه عندما كانت هذه النيابة هي المكلفة بالتحقيق في قضايا الإعلام والنشر.
ومع كل الاحترام والتقدير للإخوة الوافدين ممن عملوا ويعملون في سلك القضاء والنيابة، فإنني لا أذكر أنه في تلك الأيام كان الكويتيون يحققون في قضايا الإعلام اللهم إلا ما ندر، ولكن اليوم.. إذا دخلت الطابق الرابع من سراي النيابة الجديد ستجد العشرات من مكاتب وكلاء النيابة الافاضل وهم مجموعة من خيرة أبناء الكويت يحملون على عواتقهم أعباء هذا الكم الرهيب من القضايا التي باتت تتكاثر بشكل غير مسبوق في ظل قوانين معيبة أصدرها مجلس الأمة و«توهق» فيها أهل الإعلام مع الأسف، ويتصدى لها بكل عيوبها وأخطائها رجال النيابة ليرفعوا نتائج عملهم الى القضاء مؤدين بذلك دورهم البالغ الأهمية في إرساء العدالة التي لا تستقر الدول ولا أهلها مادام ميزانها مختلاً.