كلمات ناطقة

حيَّ على... «الفساد»

تصغير
تكبير

في ما ينشغل الشارع المحلي بمسألة الحكومة المرتقبة، وسط ترشيحات وتشكيلات متنوعة ومتباينة، تعكس كل منها أمنيات وتطلعات مروجيها، كأن الشخص المعني بالقضية - رئيس مجلس الوزراء المكلف - في واد آخر، وكأنه يريد إرسال رسائل معينة إلى كل الجهات ذات العلاقة بكشف عن توجهه والسياسة المرتقبة للحكومة الجديدة، في ظل ما ينتظرها من استحقاقات وتحديات قد تبدو ثقيلة وصعبة، ما لم يكن هناك عزم قوي ونية صادقة في المضي قدما في الطريق الذي رسمه.
سمو الشيخ صباح الخالد، يبدو أنه اتبع النصيحة بحذافيرها، فهو يتمهّل كثيراً في الإعلان عن تشكيلة حكومته الأولى، وفي موازاة ذلك يقوم بنشاط يوحي بما يفكر به أو يخطط له، حيث عمد إلى لقاءات بعيدة تماماً عن مسألة المشاورات الخاصة باختيار وزرائه، حيث التقى رئيسي السلطتين التشريعية والقضائية، ثم التقى رؤساء تحرير الصحف، وبعث خلال اللقاء رسائل حازمة تلخص توجهه المقبل، وسياسة حكومته التي تقوم على التعاون لا التهاون، مشدداً على محاربة الفساد بنهج إصلاحي، وداعيا المواطنين ليكون «خفراء» في حماية مقدرات الدولة، عندما طلب منهم المساعدة في محاربة الفساد، والتقدم بأي معلومات أو بلاغات عما يرونه من مظاهر الفساد إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة». ثم أكمل خططه بزيارة ديوان المحاسبة ولقاء قيادته والتأكيد على فتح الملفات الكبيرة والثقيلة، حيث أعلن عن تبنيه ملفات التجاوزات الكبيرة التي سجلها ديوان المحاسبة، مؤكداً أنه سيتم إعطاؤها ما تستحق من أهمية، تنفيذا للتوجيهات السامية التي أكدت على محاربة الفساد وحماية المال العام، كما شدد على قيادات الديوان بضرورة متابعة جميع الملفات المتعلقة بالاعتداء على المال العام.
ولعل أول ثمار توجه الخالد نحو محاربة الفساد، قُطفت بالتجاوب الشعبي الذي تجلى في ازدياد عدد البلاغات المقدمة من المواطنين إلى «نزاهة» والتي تتعلق بقضايا فساد، وهذا الأمر يحمل في طياته مغزيين اثنين، أولهما وصول المواطن إلى درجة متقدمة من السخط على حالة الفساد المستشرية في مفاصل الدولة، والتي دفع هو ثمنها من خلال تراجع الدولة في مختلف القطاعات، ومعاناته من الأمور الخدمية التي تراجعت، وحتى المعاملات الحكومية التي أصبح المواطن بحاجة إلى واسطة لينجز عمله ويخلص أموره. والثاني توق المواطنين وتشوقهم إلى شخصية تعمل بإخلاص لتخليص البلد من الفساد والمفسدين، بعد أن فقد الأمل خلال المرحلة الماضية التي تكررت السيناريوهات فيها مع كل تشكيل حكومي، حتى لم يعد هناك أمل للمواطن في إيجاد حلول لمشاكله، ليأتي تكليف الرئيس الجديد فيعيد بصيص الأمل إلى نفوسهم، ولا سيما أن صاحب السمو أكد في آخر خطاب وجهه للمواطنين أن ملف الفساد سيكون تحت إشرافه ومتابعته، وهو ما يحمل الحكومة الجديدة مسؤوليات مضاعفة، ومهمات كبيرة، مؤيدين بالدعم السامي والتأييد الشعبي، لتحقيق الآمال.


في موازاة ذلك تبدو حملة «نبيها عفو» التي أطلقها نواب سابقون ونشطاء سياسيون ومجتمعيون، مكملة للنهج الجديد، فبداية مرحلة جديدة تتطلب فتح صفحة جديدة، تكون فيها عودة أبناء الكويت من الخارج ضرورية لتعزيز الثقة الشعبية بالحكومة وتأكيد اللحمة الوطنية والتكاتف الشعبي الحكومي، فهل يتولى الخالد ملف العفو الشامل ضمن أجندته؟ هذا ما نأمله وننتظر حصوله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي