رئيس الوزراء المستقيل يعلن دعم سمير الخطيب... وباسيل يقول: مستعدون أن نبادل وجودنا في الحكومة بأي عامل نجاح لها

لبنان... اللعب بأعصاب الحريري لاستدراجه إلى رئاسة الحكومة

No Image
تصغير
تكبير

رغم مرور 49 يوماً على الانتفاضةِ الشعبية في لبنان و36 يوماً على سقوط الحكومة باستقالة رئيسها سعد الحريري تحت ضغط الشارع، ما زالت «الغيومُ السود» تحوم فوق البلاد مع إدارة السلطة الظهْرَ للمحتجّين ومطالبهم واعتمادها المراوغة في رهانٍ على تعبِ الشارع بعدما انتزعتْ منه وسيلة الضغط الأكثر فاعلية والمتمثّلة بـ «قطْع الطرق» احتجاجاً على عدم الدعوة للاستشارات النيابية المُلْزِمة لتسمية رئيسٍ لحكومة اختصاصيين مستقلّين تعمل على كبْح الانهيار المتمادي والتحضير لانتخابات نيابية مبكرة.
وبدت التحركاتُ السياسيةُ أمس وما انطوتْ عليه من ضوضاء تحت عنوان العمل على كسْر المأزق الحكومي، أشبه بـ «حركاتٍ بهلوانية» فوق صفيحٍ لاهب من الأزمات غير المسبوقة التي استحضرتْ من الذاكرة المأسوية للبنانيين الموتَ جوعاً قبل نحو 100 عام، وخصوصاً أن البلاد التي تعاني من انعدام الجاذبية على المستوى السياسي تُقتاد نحو مصيرٍ مالي - اقتصادي - اجتماعي مشؤوم لم تلْجمه إجراءاتٌ هامشية يُعلن عنها بين الحين والآخَر.
ولم يعكس الضجيجُ، الذي يتّخذ تارةً شكل تسريباتٍ وتارةً أخرى إعلان نيات، حول حظوظ المرشح الافتراضي لترؤس الحكومة المدير العام لشركة «خطيب وعلمي» المهندس سمير الخطيب، أي مسعى لاختراقٍ جدي بقدر ما انطوى على التمادي في مناورةٍ لتحالُف فريق الرئيس ميشال عون والثنائي الشيعي («حزب الله» وحركة «أمل») يُراد منها حشْرُ الحريري و«اللعب بأعصابه» لدفْعه إلى خفْض شروطه، وتالياً الانصياع لمشيئة هذا التحالف الذي يريد العودةَ بزعيم «تيار المستقبل»، أي الحريري، إلى «بيت الطاعة» لترؤس حكومة تكنو - سياسية تكون نسخة شبه منقَّحة عن المستقيلة.


وكشفتْ مصادر واسعة الاطلاع في بيروت لـ «الراي» أن تحالف عون - الثنائي الشيعي قرّر، في استراتيجيته لاستدراج الحريري، الإيحاءَ بـ «فائضٍ من الجدية» في مفاوضاته مع الخطيب والتعاطي معه بمرونةٍ وإغراقه بـ «النيات الحسنة» وذلك لإشعار زعيم «المستقبل»، الذي ما زال يٌعانِد، بأن الطريقَ مفتوحةٌ أمام سواه، فإما يقوده «الإحراجُ» إلى تغطية الخطيب وإما يخفّض من سقف شروطه.
وتنْقل هذه المصادر عن تَحالُف عون - الثنائي الشيعي تقويماً يُفهم منه أن النجاح في احتواءِ الصدمة الأولى التي شكّلها انفجارُ الحِراك الشعبي، وتَراجُع ضغط الشارع، واسترداد هذا التحالف زمام المبادرة، وعدم ممانعة الخارج ولا سيما الأوروبيون مجيء حكومةٍ تكنو - سياسية، أَضْعَفَ الحريري الذي يريد حُكماً العودةَ إلى رئاسة الحكومة.
ومن غير المستبعد أن يكون الحريري استشعر وجود محاولة لإحراجه، فأعلن في دردشة مع الصحافيين «انني لن أشارك في ?الحكومة? وسألتقي وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ(حزب الله) حسين الخليل»، مشيراً الى «أنني داعم لسمير ?الخطيب? وهناك بعض التفاصيل التي يجب أن نتفق عليها».
وفي تقدير المصادر الواسعة الاطلاع أن تحالُف عون - الثنائي الشيعي، الذي يأخذ على الحريري مبالغته في طرْح شروطٍ لا يمكن التسليم بها، كإصراره على تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلّين، ما زال على تَمَسُّكه بزعيم «المستقبل» لرئاسة الحكومة لأسباب داخلية وخارجية على السواء.
وتملك هذه المصادر الكثير من المعطيات التي تشي بأن ما يَجْري مناورةٌ أكثر منه مبادرة حلٍّ، وتشبّه الحوارات الدائرة في شأن مهمّة الخطيب بلعبة الـ ping pong، وخصوصاً بين الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري الذي فوجئ بتبلُّغ طلبٍ من زعيم «المستقبل» بتخلّيه عن وزارة المال والوزير علي حسن خليل، فردّ على طريقته قبل أن يوحي بإمكان توزير رائد شرف الدين وفي المالية.
ولم تتردّد مصادر قريبة من الثنائي الشيعي في التعاطي مع ما شهدته بيروت وبعض المناطق من قطْع للطرق ليل أول من أمس، على أنه إشارة تذكيرية من الحريري بأنه صاحب المشروعية في ترؤس الحكومة، رغم أن «تيار المستقبل» (منسقية بيروت) كان نبّه الى «منتحلي صفة التيار والدعوات التي توجه باسم(المستقبل)عبر مواقع التواصل الاجتماعي لقطع الطرق»، مؤكداً أنه «غير معني بهذه الدعوات لا من قريب ولا من بعيد، وهو يهيب بالمواطنين والمحزبين والمناصرين الامتناع عن المشاركة في أي تحركات يمكن أن تهدد سلامة العاصمة وأهلها».
وكشفت المصادر أن الأوروبيين الذين يخشون هجرة نحو 3 ملايين نسمة من اللبنانيين والنازحين السوريين من لبنان إلى قارّتهم المُتْعَبة في حال تَطَوُّر الأوضاع في «بلاد الأرز» نحو الأسوأ، أبلغوا إلى مّن يعنيهم الأمر تَفَهُّمهم لقيام حكومة تكنو - سياسية لا تستبعد «حزب الله» الذي وصلتْه «تمنياتٌ» بتوزير شخصيات غير استفزازية وغير حزبية، على غرار وزير الصحة في الحكومة المستقيلة جميل جبق.
وعُلم في سياق غير بعيد أن «حزب الله» أصبح أكثر واقعية في تعاطيه مع حاكمية مصرف لبنان بعد سماعه شروحات تناولت عدم مسؤولية «المركزي» عن مفاعيل العقوبات الأميركية التي لا يمكنه مقاومتها، وعن أن السياسة النقدية ليست المسؤولة عما آل إليه الواقع المالي المأزوم في انزلاقاته الراهنة.
ولم يكن أدلّ على حرْص تحالف عون - الثنائي الشيعي على إثارة غبارٍ يشي بإمكانان اختراقات قريبة عبر الخطيب، تسريب حصول لقاء، تم لساعاتٍ إسباغُ الغموض المتعمّد حول انعقاده أو عدمه، بين الأخير ورئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل بحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم، وسط تَركُز الأنظار على المواقف التي أطلقها باسيل مساءً وتناولت الملف الحكومي ولم تخرج عن استراتيجية المناورة التي يعتمدها هذا التحالف.
فباسيل الذي تعمّد إبقاء الموقف من المشاركة في الحكومة أو عدمه في دائرة الغموض، أعلن «نأمل خيراً أن تكون الأمور شارفتْ على نهايات سعيدة»، موضحاً «ان تسمية رئيس الحكومة والمشاركة فيها والثقة مرتبطة بالنسبة إلينا فقط بمعيار الإنجاز والعمل والنجاح وهذا موقفنا الحقيقي».
وأكد «أن نجاح الحكومة أهمّ من وجودنا فيها ولسنا متمسكين بأي كرسي واذا كان وجودنا في الحكومة برأي أحد ما يمنع الانقاذ أو خطة الكهرباء فنحن على استعداد أن لا نشارك وهذا ليس للهروب من المسؤولية كما يحاول كثيرون القيام به، لكن لتحمل المسؤولية الى حد التضحية بالذات، ومستعدون أن نبادل وجودنا في الحكومة بأي عامل نجاح لها».
وكانت لافتة حركة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أمس في اتجاه كل من بري والحريري، وسط توقف دوائر مراقبة عند كلامه بعد زيارة رئيس البرلمان سواء لجهة اعتبار ما يحصل حول موضوع المرشح الخطيب غير دستوري «فالدستور مَن يرشح (عبر الاستشارات) ويجب العودة اليه وأن تحصل الاستشارات، ويتسمى الخطيب، عندها نسميه او لا نسميه»، أو قوله رداً على مشاركة حزبه في الحكومة: «كحزب كلا، لكن نسمي من الكفاءات الدرزية ونعطي لائحة وبعدها يختارها، إما سعد الحريري واما سمير الخطيب واما لا أعرف مَن».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي