الرأي اليوم / الاستقرار يا سيد القرار

No Image
تصغير
تكبير

كم كان صوتكم صدى هدير الانتصار، وأنتم تهنّئون لاعبي منتخبنا الوطني بالفوز في أولى مبارياته في بطولة كأس الخليج. كم كانت كلماتكم حافزاً لأبطالنا الذين نسوا تعب الملاعب وتسابقوا على التجمع أمام الهاتف لسماع مباركتكم وتشجيعكم... وكم كانت متابعتكم لتفاصيل الفرح الكويتي إضافة لفرح جميع الكويتيّين. زدتهم سعادة، وعادت بهم الذاكرة إلى الأمجاد الكروية التي ظلّلت تاريخاً يصعب نسيانه.
صارت البطولة محل اهتمام غالبية الكويتيين رغم التعثر في المباراة الثانية، لكننا نتحدّث هنا عن فرح وأمل وذكريات يصعب نسيانها. واسمح لنا يا طويل العمر أن ننقل لكم تساؤلات الناس عن مانعي هذا الفرح وحاجبيه لسنوات طويلة، وعن كيفية الوثوق بأمل متجدّد من البطولات فيما الحسرة تكلّل مشاعر يصعب نسيانها عن الذين تسبّبوا بالإيقاف الرياضي من أبناء الأسرة فقط لأنهم اعتبروا هذا القطاع الحيوي والمهم مزرعة لهم أو منصّة للضغط السياسي أو ملعباً للصراع على السلطة.
الجميع يعرف اليوم يا صاحب السمو أن هذه المجموعة من أبناء الأسرة هي التي حرّضت الاتحاد الدولي على محاصرة الكويت رياضياً، واستخدمت نفوذها وعلاقاتها (وكله موثّق بالرسائل ومحاضر الاجتماعات) لمنع رفع الإيقاف، وحاولت ابتزاز الحكومة بهذا الملف من قبيل: إما استعادة النفوذ السياسي داخلياً وإما لا مشاركات رياضية... ثم انتهت الأمور إلى ما انتهت إليه حيث تمكّن أبناء الكويت المخلصون وبجهد استثنائي من إعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الفرح إلى عشاق الأزرق في الكويت وخارجها.


وأنتم يا صاحب السمو الذين أكّدتم لنا في كل نطق أن التغيير يبدأ بالمحاسبة، وأن في القصاص حياة، وأن المسؤول عن الخطأ يجب أن يعاقب كي لا يصبح نهجه سنّة. ومن هنا، من عودة المشاركة في البطولات، تعود بنا الذاكرة إلى أن من أفلت بفعلته التي وضعت قطاعاً شبابياً ضخماً مثل الرياضة في زنزانة المصالح الشخصية، عاد وارتكب من الأمور الشيء الكثير.
هل نستعيد الحديث عن المؤامرات والفبركات وعمليات التزوير التي طالت رموزاً راحلة وحاضرة؟ هل نرجع إلى تاريخ قريب صارت فيه الأعراض والكرامات عرضة للطعن بلا سند شرعي أو أخلاقي أو قانوني؟ هل نستذكر كيف تلاقت مصالح «أشرار» من داخل الأسرة مع مصالح طامحين سياسيّين فارتفعت أوراق سوداء على شاشات في الساحات اتّضح لاحقاً أنها مزوّرة بل وبشكل بدائيّ سخيف؟ وهل ننسى طعن هذه المجموعة بقضائنا الشامخ وفبركة شرائط ونشر مقالات هدفها هدم هذا الصرح – الحصن؟ ثم انتهى ذلك كله باعتذار شكلي فيما يقبع سنوات في السجن من يرتكب (حرفياً) واحداً في المئة من مخالفات هذه المجموعة.
ولو أردنا أن نعود إلى النطق السامي تحديداً لوجدناه مليئاً بعبارات الألم والحسرة وعبارات التحذير من التمادي وعبارات الخوف على الكويت ووحدتها ومستقبلها من ظواهر لا تمت إلى مجتمعها بصلة... بل وصلت الأمور إلى تحذيركم حرفياً أن «ما يجري ليس أمراً عفوياً أو وليد الساعة بل جزء من مخطط مدروس يهدف إلى هدم كيان الدولة ودستورها».
ومن الرياضة وفبركة الشرائط والتزوير ومحاولات ضرب الصرح القضائي... إلى منصات الهدم الجديدة. هذه المنصات التي تدخل في إطار وسائل التواصل الاجتماعي والتي لا يخلو نطق سامٍ من التحذير منها. المجموعة نفسها مطعّمة ببعض الشخصيات لم تتوان عن تشكيل «قروبات» بعدما لفظها المجتمع، أظهرت نتائج التحقيق مع أفرادها إثر تفريغ المحتويات نصوصاً ورسائل ومواقف يعفّ اللسان عن ذكرها، والعودة إلى محاضر المحاكمات تكشف القيمة والمستوى.
اليوم، لا يغيب عن بال أحد أن هذه المجموعة مضافاً إليها من هو معروف ومكشوف، هم من يتولى إدارة حسابات وهميّة في وسائل التواصل تعمل على بثّ الإشاعات والتعرّض للكرامات وتمزيق الوحدة الوطنية، عدا عن استخدامها ميادين للحروب بين أبناء العمومة داخل أسرة الحكم... وأنتم يا صاحب السمو أول وأكثر من حذّر من «معاول الهدم» ولذلك نكتفي بما قلتموه ولن نزيد.
الكويت اليوم في وسط عاصفة إقليمية، وأنتم يا سيد القرار تعملون على إطفاء الحرائق وإبعاد لهيبها عن بيتنا الداخلي، وتحاولون بنيّة الصادق وهمّة الحريص حلّ الخلاف الخليجي، وتجعلون من الوحدة الداخلية والاستقرار قاعدة انطلاق للتنمية، وآخر ما نحتاج إليه هو تحوّل كل هذه الظواهر - الممتدّة من تجييش العالم ضد الرياضة إلى جيش إلكتروني ضدّ الوحدة والاستقرار - إلى كرة ثلج تكبر فتستعصي معالجتها. سيقول قائل إن القانون هو الفيصل، وهذا صحيح. لكن أبناءك أهل الكويت يرون أن التأخّر في تطبيق القانون يشبه تأخّر سيارة الإطفاء في الوصول إلى بيت يحترق فتصبح الخسائر مضاعفة والحلول أصعب.
نسمع ألمك في النطق السامي. نلمس مخاوفك على الوحدة والأمن. نرى بعينيك فرحة العودة بالكويت إلى الإنجازات الرياضيّة وغيرها. جميعنا معك وحولك في فرض هيبة القانون ومعاقبة المتجاوزين... ويا سيد القرار، الاستقرار في المرحلة المقبلة أمر مصيريّ يتساوى والوجود نفسه بالنسبة إلى الكويت والكويتيّين. الاستقرار نقيض هذه الظواهر السوداء التي لا تريد أن تهدأ أو تتوقّف عن إشعال نار الفتن. القرار دائماً في يدكم وهو المعبر للأمن والأمان والاستقرار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي