خواطر قلم

متى تعود إلى خطبة «الجمعة» هيبتها؟!

تصغير
تكبير

لا أريد الحديث عن فضائل صلاة الجمعة ولا وجوب حضورها ولا آدابها، فهي معروفة عند جميع المسلمين تقريباً.
لكني أشير إلى ما أصاب خطبة الجمعة اليوم في الكويت وغيرها من بلاد المسلمين، من تراجع وتقهقر وعدم ملامستها لحاجات الناس وواقعهم، بل أصبحت سبباً لنوم البعض وسخط آخرين ومجلبة للإثم لفريق ثالث يشتم الخطيب والوزارة ومن كتب الخطبة وأجازها.
في صلوات الجمعة سابقاً كانت الخطبة تحيي الأمم وتشحذ الهمم ومن خلالها تُركب الخيل طلباً للجهاد، وفيها ينعقد العزم على نصرة المظلوم والانتصار من الظالم، وفيها كان الحث على مكارم الأخلاق ومتابعة النوازل التي تحيق بالمسلمين، وفي خطبة الجمعة كان الناس يستسلمون حقاً لله، وفيها تجسيد لمعنى الصلاة الجامعة التي تتحقق روحاً وجسداً ومنهجاً، اقتداءً بسيد الأولين والآخرين واستجابة حقة لشريعة رب العالمين.


كان خطباء الجوامع من أهل العلم والفضل والذكر، وكان الخطيب إذا تكلم لم يُنصت له المصلون وحسب، بل كانوا يستجيبون لكل ما يقول من حق وافق الدليل الصحيح والاستدلال السليم، وكان الناس يتحلقون حول خطيبهم بعد الصلاة يسألونه عما أشكل عليهم من فهم بعض ما جاء في الخطبة.
كان الخطيب واعياً لما يُحاك للأمة من مؤامرات وما يراد لها من أذى وإذلال، وكان ينبه الناس للخطر المقبل قبل وصوله، أين نحن من خطب الشيخ عمر الأشقر والشيخ حسن أيوب والشيخ طايس الجميلي والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق والشيخ أحمد القطان والشيخ ناظم المسباح والشيخ يوسف السند والشيخ المشهداني في كويت ثمانينات القرن الماضي.
لا أنكر وجود ثلة من الخطباء المميزين في وقتنا الحالي أمثال المشايخ والدكاترة الأفاضل طارق الطواري وعيسى العيسى وبدر الحجرف وعبدالرؤوف الكمالي وطلال العامر وحمد سنان وآخرين، أجهلهم أو غابوا عن ذاكرتي، لكني أتمنى العودة إلى مستوى خطب الجمعة التي أبرزت لنا عظماء الأمة وكبار موجهيها من أمثال الشيخ المجاهد عزالدين القسام والشيخ عبدالحميد كشك وغيرهم الكثير، ممن ألهبوا حماسة الغيرة على الدين في نفوس المصلين وجعلوا منابر المساجد وقوداً يشحذ همم المسلمين وناراً على الطغاة المعتدين.
لا نريد لخطبة الجمعة أن تكون درساً فقهياً رتيباً، ولا نريد لها أن تكون تطرفاً يعمينا عن رؤية الحقائق، بل نريدها جرعة إيمانية جاذبة للشباب قبل كبار السن وللصبيان اليافعين قبل الشباب المراهقين، نريدها دروساً تربوية أخلاقية تدعو إلى الوسطية الحقة، لا وسطية الأحزاب ولا وسطية أهواء بعض الأنظمة، ولا وسطية أصحاب المصالح الضيقة.
نريد لخطبة الجمعة أن تنتصر لدين الله تعالى وتعمل على ترسيخ الإيمان في النفوس، لا خطبة تدعو إلى التطاول على الإسلام وأهله، لأن اختيار الخطبة كان لأجل مصلحة فلان أو لأجل حساب علّان.
يا سادة إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، فاتقوا الله في دينه، ولا تكونوا سبباً لإلحاد الشباب وفتنة للذين آمنوا. والسلام.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي