تقنية تشخيصية
شبكية العين «تتنبأ» مبكراً بمرض ألزهايمر!
في تطور بحثي فائق الأهمية، أظهرت نتائج رصد للكيفية التي تُشتت بها شبكية العين أشعة الضوء بارقة أمل جديدة تبشر بالتشخيص المبكر جداً لمرض ألزهايمر المرتبط بالشيخوخة، وهو التطور الذي سيسهم في الوقاية ضد ذلك المرض.
توصَّل علماء من جامعة مينيسوتا الأميركية إلى اكتشاف مهم حول التشخيص المبكر لمرض «ألزهايمر»، وذلك من خلال دراسة حديثة أجروها ونشرت نتائجها أخيراً في دورية «كيميكال نوروساينس» الطبية المتخصصة في علم الأعصاب الكيميائي.
وأوضح العلماء أن دراستهم البحثية الرائدة اعتمدت بشكل أساسي على تقنية «التصوير فوق الطيفي» (HSI) للشبكية كطريقة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر لدى 35 شخصا تطوعوا للخضوع للتجارب.
ما هي تلك التقنية؟
تقنية «التصوير فوق الطيفي» هي طريقة تصوير تشخيصي جديدة نسبياً في مجال الطب. وكأداة تشخيصية معاونة، يمكن لهذه التقنية أن توفر معلومات ثمينة حول مكونات وهيكلية الأنسجة. وتتميز هذه الطريقة، التي يستغرق تنفيذها حوالي 10 دقائق فقط، بكونها لا تتداخل ماديا مع أنسجة شبكية العين ولا تتطلب حقن مواد صبغية.
ومن خلال هذه الطريقة، قام العلماء بالتقاط صور فوق طيفية لشبكية العين باستخدام كاميرا خاصة متصلة بنظام تحليل طيفي كمبيوتري متطور يقوم بتحليل أنماط تشتت الضوء على الأنسجة.
نظرة على «ألزهايمر»
مرض ألزهايمر مسؤول عن 60 إلى 80 في المئة من حالات خرف الشيخوخة، وهو مرض غير قابل للشفاء ويؤدي إلى إضعاف الذاكرة والتفكير تدريجياً إلى درجة أن حياة المريض بشكل مستقل تصبح غير ممكنة.
فبسبب نشوء تكتلات سامة من بروتين بيتا-أميلويد في المخ، يصبح مريض ألزهايمر غير قادر على التفكير أو التذكر بشكل طبيعي.
ولذلك، إذا كان هناك طريقة للكشف عن تكتلات بيتا-اميلويد السامة في مراحلها المبكرة، فإن من شأن هذا أن يتيح التشخيص المبكر وزيادة احتمالات العلاج بما يؤخر ظهور المرض فعليا إلى أقصى أجل ممكن.
محددات بيولوجية
ولأن الشبكية هي امتداد طبيعي لأنسجة الدماغ، فمن الممكن لهذه التكتلات السامة أن تتمدد وتتشكل في أنسجة الشبكية أيضاً.
وانطلاقا من هذه الحقيقة، قرر العلماء أن يبحثوا عن محددات بيولوجية لمرض ألزهايمر في شبكية العين التي من السهل جدا فحصها من دون أي تداخلات مادية.
وتعتمد تقنية «التصوير فوق الطيفي» للشبكية على مبدأ فيزيائي بـ«تشتت رايلي»، أي تشتيت الإشعاع الكهرومغناطيسي بواسطة جسيمات أصغر بكثير من الطول الموجي للإشعاع ذاته.
وفي سياق ورقة دراستهم البحثية الرائدة، شرح العلماء أن ما يحصل بسبب هذا المبدأ الفيزيائي هو أن الشبكية التي في نسيجها تكتلات صغيرة من بروتين بيتا-أميلويد تشتت الأشعة بطريقة مختلفة عن شبكية العين التي لا تحوي مثل تلك التكتلات.
وقبل تطبيق تلك التقنية على عينات بشرية، قام الفريق البحثي أولاً بالتأكد من فعاليتها وخلوها من المخاطر بتطبيقها على عينات فئران تجارب مصابة ببدايات مرض ألزهايمر وجاءت جميع النتائج مبشرة بجدوى تلك الطريقة في التنبؤ التشخيصي المبكر.
وفي مرحلة لاحقة، أجريت الطريقة على العينات البشرية، ثم قارن الباحثون نتائج التصوير فوق الطيفي للشبكية لـ19 شخص مصابون بمراحل متفاوتة من مرض ألزهايمر مع أفراد مجموعة ضبط تألفت من 16 شخصاً غير مصابين بذلك المرض وأيضا ليس لديهم تاريخ عائلي للإصابة به.
وخلال فحص كل واحد من المتطوعين، قام العلماء بإجراء تصوير فوق طيفي لأجزاء مختلفة من شبكية العين، بما في ذلك القرص البصري، ونقطة ما فوق الشبكية، ومركز الشبكية.
تحليل النتائج
وأظهر تحليل نتائج التصوير أن الأشخاص الذين تشتتت أشعتهم الشبكية بأكبر انحراف طيفي مقارنة بأفراد مجموعة الضبط الأصحاء هم أنفسهم الذين كشفت اختبارات الذاكرة أنهم مصابون بالبوادر المبكرة لمرض ألزهايمر والتي تعرف اصطلاحياً بمرحلة «الاختلال المعرفي المعتدل».
وفي حين أكد العلماء على أن هذه النتائج تشير بوضوح إلى أن دقة وحساسية هذه التقنية عالية في ما يتعلق باكتشاف المراحل المبكرة لمرض ألزهايمر تمهيدا للتصدي له وتأجيله قدر المستطاع، فإنهم أشاروا في المقابل إلى أنهم سيقومون بإجراء مزيد من التجارب لمعرفة المزيد حول أدوار عوامل واعتبارات ربما كان لها تأثير على مستوى دقة النتائج، بما في ذلك: عمر المريض، وبعض أمراض العين كمرض المياه الزرقاء ومرض عتامة عدسة العين.