منذ زمن بعيد ونحن نحذر من الاختلالات الفكرية والسلوكيات الأخلاقية، التي ستكون وبالاً على المجتمعات المسلمة عموماً والعربية على وجه الخصوص.
وبعد نحو 30 عاماً بدأت مجتمعاتنا تقطف بعضاً من ثمار تلك البذرة الخبيثة، التي زرعتها الليبرالية ورعتها الحداثية ومولتها أنظمة سياسية لمحاربة الإسلام، ومناوئة لكل ما فيه رائحة الدين الحق.
اليوم وأنا أتأمل واقعنا المؤلم - ليس في الكويت وحسب بل في دولنا العربية عموماً - وأرى ما بلغه أبناؤنا وبناتنا من البعد عن السلوكيات السوية والقيم الأخلاقية واستبدالها بمفاهيم وسلوكيات غربية لا تمت للإسلام بصلة، بل ولا تنتمي حتى للإنسانية الحقة بأي رابط، فانتشرت الظواهر الدخيلة التي تحارب فطرة الإنسان من شذوذ ومخدرات واستسلام للغزو الثقافي والفكري، وانحسار الترابط الأسري والزيارات العائلية، حتى في أكثر مناسباتنا قدسية كشهر رمضان والعيدين وغيرهما.
وأكثر ما نخشاه الترويج الناعم للفساد الأخلاقي عبر الإعلام المرئي الموجّه، فباتوا يصفون الزنا «ممارسة الحب» وتناول الخمور «مشروبات روحية» وتعاطي المخدرات «حرية شخصية»، لتهوين هذه الجرائم الأخلاقية وغيرها وتحبيبها في نفوس الأجيال المراهقة والشباب، حتى تكون الممارسات المحرمة جزءاً من «حرية الإنسان الشخصية» التي لا يجوز السؤال عنها واعتبار إنكارها والنهي عنها اعتداءً على حقوق مرتكبها وتطفلاً على حياته الخاصة.
وهذه سمة لفكر ما بعد الحداثة
في العام 2014 ازدادت نسبة حمل المراهقات القاصرات في بريطانيا بنسبة 9 في المئة بعد تشريع زواج المثليين، في مفارقة عجيبة حيث الإباحية مدعومة ومحمية بقوة القانون، لكن النفوس التي لا يردعها دين ولا يوقف هيجانها قانون تكون الغريزة المنفلتة هي القانون والدولة والسلوك، وحينها لا يأمن الإنسان على نفسه من أولئك الضالين المنحرفين.
قبل أيام صدر تشريع في فرنسا يسمح للقاصرات استخدام حبوب منع الحمل لتلافي حالات الحمل خارج إطار الزواج، التشريع البشري يسعى لمعالجة الناتج عن الخلل السلوكي، في حين أن التشريع الإلهي يعالج الخطأ قبل وقوعه، فالأحكام الشرعية وقائية وليست ردات فعل، كما هو حال البشر وقوانينهم وتشريعاتهم الوضعية.
اليوم يجب على الجميع التكاتف لصد الهجمة الأخلاقية الناعمة، التي لا نشعر بها وهي تتسلل إلى مجتمعاتنا فتفسدها.
اللهم احفظ الكويت وأهلها والمسلمين جميعاً من كل سوء وأذى.
@mh_awadi