ابن الزرزور... وشهادة الزور

نشاهد في حياتنا اليومية تساهلاً غير طبيعي من الناس في مسألة شهادة الزور، مع أنه نوع خطير من الكذب، عدّه الإسلام من الكبائر كما في حديث «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: (الشرك بالله وعقوق الوالدين - وجلس وكان متّكئا - فقال: ألا وشهادة الزور ألا وقول الزور)».
مصيبة شهادة الزور أنها قد تؤدي إلى إتلاف نفوس أو أخذ أموال بغير حق، أو تحليل حرام أو تحريم حلال!
ويشير الإمام الذهبي إلى أن شاهد الزور يرتكب عدة عظائم من الأمور ومنها: الكذب والافتراء، ظلم من شهد ضده وقد يعرضه لفقد ماله أو عرضه وربما روحه.

وأنه ظلم لمن شهد له لأنه ساق له مالاً حراماً فإن أخذه وجبت له النار.
دوافع شهادة الزور متنوعه فمن الناس من يشهد الزور لقرابة أو صداقة، والله تعالى يقول: «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين».
ومنهم من يشهد بسبب الترغيب للحصول على مال أو منصب، أو مصلحة، ومن غريب ما سمعنا عن بعض البلاد العربية ان هناك من يقف بالطابور على أبواب المحاكم كي يشهد الزور مقابل دراهم معدودة!
يحدثني أحد الأصدقاء من الجنسية العربية أنه فقد محلّه الذي يكسب منه رزقه ويعمل به منذ سنوات، بسبب شهادة زور لموظف يعمل عند صاحب العمارة!
البعض قد يشهد الزور لخلاف أو خصومة أو عداوة، والله تعالى يقول: «ولا يجْرِمنّكم شنئان (أي عداوة) قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى».
من صور شهادة الزور الأخرى تزكية إنسان ومدحه بما ليس فيه، خصوصاً في موضوع الزواج أو الشراكة في التجارة أو عند الترشح لوظيفة.
ومن شهادة الزور التصويت في الانتخابات لمن لا يستحق، سواء في انتخاب أعضاء مجالس الجمعيات التعاونية أو المجلس البلدي أو مجلس الأمة، أو رئاسة الدولة كما هو معمول به في بعض البلاد العربية والإسلامية.
وقد عدّ بعض أهل العلم الإجازات المرضية الكاذبة للتغيب عن العمل أو مقاعد الدراسة من أنواع شهادة الزور.
شهادة الزور من الكبائر ونُقِل عن ابن مسعود قوله: «تعدل شهادة الزور الشرك بالله» وقرأ: «فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور».
كانت الفنانة مريم الغضبان - رحمها الله - تؤدي دور (حبابة) وهي تلك الجدة التي تسرد الروايات والحكايات وقبل أن تبدأ بروايتها كانت تقول «زور ابن الزرزور» اللي عمره ما كذب ولا حلف زور، ذِبَحْ بقّة وترس سبعة جدور، وخلّى الشحوم واللحوم على الصواني تدور»، ورغم يقيننا أن هذا الكلام إنما هو من نسج الخيال، إلا أن بعض شهادات الزور في زماننا هذا فاقت ما كانت تتحدث عنه حبابة في وقتها.
Twitter: @abdulaziz2002