رُوي في الأثر أن شخصاً شكا إلى أحد الشيوخ: «لماذا لا أجد إلا الغدر والخيانة ممَنْ أحسن إليهم؟»، ولم يرد عليه الشيخ? فتساءل: «لماذا أجد الجفاء ممَنْ أحببتهم وأخلصت لهم؟»، ولم يجب الشيخ? وزاد في السؤال: «لماذا لا يحسن الناس الظن بي؟ لماذا يكذب مَنْ أصدقهم? ويقسون عليّ مَنْ أحنو عليهم ويرحل عني من أعانقهم»؟
هنا وضع الشيخ يده على قلب الرجل وقال له: يا أخي لا أدري لماذا أحبك الله كل هذا القدر? ربما أنت ممَنْ قال الله عنهم «أولئك هم المحسنون» أصحاب مراتب الصبر والإحسان... أعلم يا أخي أنك جئت تشكو لي حب الله لك.
القصد من عرض هذه القصة? أن أذى الناس هو مؤشر على حب الله لك في ابتلاء ظاهري، وباطنه بلوغك مرتبة الإحسان.
والشاهد أننا في عصر الماديات? وزمن الرويبضة الذي يكذّب فيه الصادق ويخوّن فيه الأمين.
هل السكوت عن الأخطاء الشائعة مقبول؟ وهل عزوف البعض عن تقبلك أو ذكرك بقول حسن، يعطيك الحق في الغضب والتوقف عن قول الحق وفعل الخير؟
لا يجوز على الإطلاق... أنت تعلم مَنْ أنت؟ وفي داخلك كإنسان عوامل خير وشر، وأنت أدرى بما يبدر منك من قول وعمل.
عندما قبلنا بالشكليات والظواهر الطارئة وتركنا لب الحقيقة وجوهر معنى العلاقات الإنسانية، برزت كل ما نلاحظه من علاقات فيها حسد وبغضاء وتكذيب ونفاق وجفاء.
ضعف في فهمنا لما يجب أن نكون عليه عند بناء أي علاقة، خصوصاً في ما يخص الأقربين.
كبار السن من العقلاء الحكماء علمونا منهج «الطيب خير من الردى»، ولذلك فنحن أحوج إلى فعل الخير ولا نحسب لردود الأفعال? نصدق القول ولا نلتفت إلى الافتراءات والإشاعات... فهذا في حد ذاته يزيد من حسناتك!
الزبدة:
أذى الناس... لماذا تطرقت إليه؟
مَنْ يعرف طقوس الانتخابات تشاورية كانت أو رئيسية، يفهم مغزى القصة التي بدأت بها المقال.
لقد تراجع الأخيار من الحكماء والعقلاء، وسلمنا اختيارنا لمَنْ يجيد كل ما ذكرت، وصار المقياس مفصلاً على خدمات تقدم ومعايير مادية وخلافه.
الخامات الطيبة من أهل الخبرة والمعرفة وحُسن السيرة والسلوك لا أرى قبولاً لهم... هم يريدون الأخيار أن تتبع سياسة «هذا قال وذاك فعل»، وعلى هذا النحو من الشكليات التي في غالبها تقع تحت تأثير الحسد والغيرة.
ذكرته بعد عتاب بلغني: «ليش ما قلت كذا وكذا وقمت بكذا وكذا»...؟ وردي له ولغيره قد بسطته في هذا المقال لتعم الفائدة على الجميع.
الأخيار بسطاء يا سيدي: يقولون الحق? ويعملون وفق قناعات محددة الأطر ولهذا السبب هم خارج الحسبة... الله المستعان.
[email protected]
Twitter: @Terki_ALazmi