قضية / استهلاك بـ «أرقام فلكية»... و«هروب رسمي» من تكريسها

«الفواتير الحكومية»... «سيف» مصلت على «رقاب» الأندية

u0625u062du062fu0649 u0627u0644u0641u0648u0627u062au064au0631 u0627u0644u062au064a u064au0635u0644 u0627u0644u0625u062cu0645u0627u0644u064a u0641u064au0647u0627 u0625u0644u0649 600 u0623u0644u0641 u062fu064au0646u0627u0631
إحدى الفواتير التي يصل الإجمالي فيها إلى 600 ألف دينار
تصغير
تكبير
  • أحد الأندية الكبرى بلغت فواتيره مليوناً و113 ألف دينار في قراءتين... منها 660 ألفاً للاستاد الرياضي و355 ألفاً لمجمع أحواض السباحة 
  • الأندية تعاني من غياب الاستثمارات وإعانة سنوية لا تسد الحاجة... فكيف تقدر على دفع استهلاك مادتين حيويتين؟

قد نعذر الحكومة ومعها الهيئة العامة للرياضة من الناحية الإجرائية والقانونية، بعدم توافر اعتمادات لازمة لتتكفلا بسداد فواتير استهلاك الكهرباء والماء والاتصالات عن الأندية، لكن لا يمكن التغاضي عن الامر وتركه يمر مرور الكرام، لان الفواتير «باهظة» وأرقامها تدخل في خانة «الفلكية» التي لا تقدر حتى المؤسسات التجارية على دفعها. فما الحال في أندية لا تحصل غالبيتها الساحقة الا على دخل متواضع و«تعتاش» على اعانة سنوية لا تكفي لسد الحاجة، بل وان معظمها يرزح تحت عبء الديون والمنشآت المتهالكة ويعاني من التراجع ويشكو الحال.
والأسوأ أن الجهات الحكومية «وضعت في أذنها الاولى طين والثانية عجين» في ما يتعلق بالمسألة و«هربت من الامر الواقع الى الامام» بأن كرست «إلقاء الحمل» على الاندية رسميا من خلال القرار 63 لسنة 2019 بشأن ضوابط منح الدعم للاندية الرياضية المنشور في الجريدة الرسمية، في 29 سبتمبر الماضي.
وقد نصت المادة 6 صراحة على ان «الاندية الرياضية (الشاملة والمتخصصة) تتحمل قيمة استهلاك الكهرباء والمياه».


قد يخيل لأي متابع بأن فواتير هاتين الخدمتين الحيويتين وغيرها عادية، لا تتعدى بضعة آلاف من الدنانير سنويا، لكن الواقع يخالف ذلك، وقد فوجئنا، لا بل صُدمنا بشدة عندما اطلعنا على فواتير استهلاك طُلب من احد الاندية الكبرى دفعها وقد فاقت المليون دينار كويتي، وبلغت بالتحديد 1,113,587.708 دينار من خلال قراءتين فقط لعدادته بتاريخي 21 نوفمبر 2017 و31 مارس 2018، بما فيها الرصيد السابق من المتأخرات والذي لا يزيد على 85 ألف دينار (قبل رفع قيمة الاستهلاك على ما يبدو).
وما يلفت النظر، فاتورة يبدو انها تمثل قراءتين ومتأخرات لعدادات كهرباء الاستاد الرياضي وقاربت الـ660 ألف دينار وبلغت برقم اجمالي 658,350.525 دينارا، واخرى يبدو انها تمثل ايضا قراءتين ومتأخرات لعدادات كهرباء ومياه مجمع حوض سباحة وتخطت الـ355 ألف دينار وبلغت برقم اجمالي 355,622.952 دينارا.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تستطيع الاندية التي لا يتجاوز الرقم الاقصى لاعانتها السنوية (الدعم المالي) الـ750 ألف دينار، تحمُّل هكذا مبلغ حتى لو كان نظير استهلاك بضعة اشهر او سنة او سنتين او حتى ثلاث؟
بالطبع لا، فهذا النادي المطلوب منه دفع هذه الفاتورة يرزح تحت عبء ديون تناهز الـ600 ألف دينار، في حين ان آخر كبير يملك مساحة اقل منه، على سبيل المثال، يعاني من ديون تبلغ مليوني دينار.
الغالبية الساحقة من الاندية لا تحظى باستثمار تجاري ولا تحصل على دخل منه، وما تجمعه خزائنها ليس الا ارقاما متواضعة، مقارنة بإنفاق كبير على خدمات ورواتب عاملين ومدربين ولاعبين واداريين وفنيين واجهزة طبية واحتياجات مختلفة وغيرها، ضمن دورها ورسالتها الاجتماعية تجاه الشباب، وهي لن تقدر على مواجهة صعاب تُضاف الى كاهلها، خصوصا وانها مؤسسات عامة غير ربحية، ولا توجهاً تجارياً ولا استثمارياً بحتاً لها، وبالتالي تعتبر مجالس اداراتها من المتطوعين، شأنها شأن العديد من العاملين فيها حباً في الرياضة.
ويجدر بنا التذكير بأن واقع هذه الفواتير ينطبق على الاندية كافة، وكل منها يملك استادا رياضيا ولو بأقل قدر ممكن من المواصفات، في حين ان معظمها يملك ايضا مجمعات لاحواض السباحة او على الاقل عددا من الاحواض.
كما نورد بأنه يمكن لنادٍ ما ان «يقنن» ويعمل «على قدر الحال» بأن يلغي لعبة ما ويخفض عدد العاملين، لكنه لا يستطيع ان يفعل ذلك في ما يتعلق بالكهرباء والمياه وهما مادتان حيويتان لا يمكن الاستغناء عنهما او تقنين استعمالهما. هناك مباريات تحتاج الى اضاءة وتبلغ قوة الكشاف الواحد بين 1200 و1600 لوكس، ويزداد الاستهلاك لو علمنا انها تعمل وفق النظام القديم، وليس الجديد (LED).
كما تتطلب الساعة الالكترونية استهلاكا مضاعفا، مع عدم نسيان الري اليومي لعشب الاستادات والملاعب الفرعية.
حوض السباحة الواحد يستهلك ملايين الغالونات، وتتطلب ماكيناته قوة دفع كهربائية كبيرة، في حين ان الصالات المغلقة تحتاج الى تكييف واستهلاك كبير للكهرباء.
ما ذكرناه «غيض من فيض» من امثلة عن استهلاك لا غنى عنه ولا يقتصر على كهرباء ومياه بضعة مكاتب ادارية او موظفين أو اجهزة كمبيوتر أو اجهزة تلفزة وما شابه، اذ ان احتياجات الاندية، خصوصاً الشاملة، كبيرة ومضاعفة لاحتوائها آلافا من الشباب الرياضي الذي لا يمكن حرمانه من مادتين حيويتين او تقنينها عليه في بلد ذي حرارة مرتفعة مثل الكويت.
العتب كبير على الجهات الحكومية التي تُعطي الاندية بيد، وتأخذ ما تمنحه اياها باليد الاخرى، وتضعها تحت عبء لا ولن تقدر عليه، في وقت لا تستطيع ان تستغني عنه او تقننه حتى، وبالتالي يتوجب ان تعيد النظر في كل ما سبق ومعاملة الاندية سواسية بأي مؤسسات أخرى باعتبارها جمعيات نفع عام ذات دور رائد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي