مثقفون بلا حدود
الأمن المعلوماتي في علم المكتبات (2 من 3)
قضية الأمن بشكل عام أضحت قضية معقدة خاضعة لإيدلوجيات وأفكار عدة يراها بعض من الناس متطرفة ويؤمن بها بعض آخر، أهداف يود البعض تحقيقها بالقوة والبعض بالحوار، وبعض يرجئها إلى وقت آخر، حقوق يراها البعض مستحقة، ويراها الآخر غير مستحقة، ومعظم ذلك إما أن يكون مكتوبا وإما مضمنا في كتب متخصصة وهي في النهاية تصنف على أنها معلومات فإما أن نحفظها واما ندسها في التراب!
والسؤال هنا عن أي معلومة سوف نتحدث في مقالنا هذا ؟
ما بين الأمن المعلوماتي والأمن المعرفي إدارتان هما (إدارة المعرفة) و(إدارة المعلومات)؛ يقول الباحث عماد عبدالوهاب الصباغ، في بحثه الذي ضمنه المجلة العربية للمعلومات: «البعض يفهم (إدارة المعرفة) على أساس كونها مصطلحاً بديلاً، أو مرادفاً لما نطلق عليه تسمية (إدارة المعلومات)... في حين يرى آخرون أن (إدارة المعرفة) ماهي إلا بعض الجهود (المعقدة) التي تتعلق بتنظيم المداخل إلى مصادر المعلومات عبر الشبكات، أما رجال الإدارة فينظرون إلى إدارة المعرفة على أساس كونها صرعة إدارية جديدة ليست في حقيقتها سوى جهد آخر يبذله منتجو تكنولوجيا المعلومات والاستشاريون الإداريون لبيع حلولهم المبتكرة إلى رجال الأعمال (في العالم الغربي) المتلهفين لأي أدوات يمكن أن تساعدهم على تحقيق التقدم التنافسي الذي يبحثون عنه ويتلهفون للحصول عليه»، كما يعرف بعض الباحثين (إدارة المعلومات) على أنها «حقل علمي في طريقه إلى أن يصبح أكثر شيوعا وتنظيما ويهتم هذا الفرع العلمي بضمان المداخل التي توصل إلى المعلومات، وتوفير الأمان والسرية للمعلومات، ونقل المعلومات وإيصالها إلى من يحتاجها، وخزن المعلومات واسترجاعها عند الطلب» أ.هـ.
وبما أن الأمر كذلك فيتجه ظني أننا أمام الخاص والعام، وأمام قانون دستوري وقانون أخلاقي، فالخاص في نظري هي (إدارة المعلومات) التي تحتاج إلى قانون دستوري صارم، وجزاءات رادعة لمن يخترق أو يتسلل هذه الإدارة ويطلع على ما تحتويه من بيانات؛ ومنها -على سبيل المثال لا الحصر - المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والهيئة العامة للمعلومات المدنية، والاستعلام القضائي، المؤسسات العسكرية والشرطية، البنوك... إلخ.
أما العام بنظري فهو (إدارة المعرفة) وتشمل المكتبات العامة والخاصة والمكتبات الوطنية ومكتبات الجامعات والمؤسسات العلمية، والمتاحف، الإذاعة، التلفزيون، السينما، الروابط الأدبية، المراكز الثقافية، والتراث المادي واللامادي، النقابات الفنية... إلخ.
وهذه الإدارة - أعني إدارة المعرفة - متاحة للجميع ليس بإمكانك أن تحجبها عن الناس؛ فمنهم الدارس ومنهم الباحث ومنهم الأدباء والمفكرون والمثقفون.. إلخ؛ فالضابط هنا للمحافظة على هذه المعارف وما تتضمنه من معلومات، وللمحافظة على حقوق أصحابها وملكيتهم لها، هو ضابط أخلاقي في المقام الأول (الضمير)، أو ما يسمى بـ(الأمانة العلمية)، حتى قوانين الحقوق الفكرية وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، لم تستطع ضبط عملية السطو وسرقة جهد الآخرين؛ فتعريف السرقات العلمية أصبح فضفاضا وضبابيا، وضجت أروقة المحاكم بعديد من القضايا ما يحسم منها الخمس فقط وبقية القضايا تراوح مكانها عشرات السنين. وللحديث بقية.
* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com