عطونا أفكار... حسوا فينا... حسحسونا

تصغير
تكبير

حكومتنا دمها خفيف، ليش؟!... نقول لكم تالي، بس خلونا نقرا مع بعض هالسالفة.
قبل سنوات طويلة كنت أحضر أحياناً اجتماعات يعقدها رئيس مجلس الوزراء أو نائب رئيس مجلس الوزراء مع الصحافة المحلية التي كانت محدودة العدد، وذلك لإطلاع رؤساء التحرير على آخر التطورات. طبعاً هذه الاجتماعات تفصل عادة بينها فواصل زمنية طويلة، حيث لا تطلب الحكومة عقدها إلا في «الورطات»، فيتم طلب الاجتماع مع مسؤولي وسائل الإعلام ولا تخلو الاجتماعات عادة من بعض الملامة والعتاب على بعض التوجهات العنيفة أو القاسية التي تنتهجها الصحف في ذلك الزمن الهادئ الخالي من «رتم» الصخب العالي الذي نعيشه هذه الأيام.
رئيس تحرير الزميلة «كويت تايمز» الأستاذ الراحل يوسف العليان رحمه الله، كان رجلاً هادئاً دمث الخلق، وكلما عُقد اجتماع من هذا النوع وأسمعونا فيه لوماً وعتاباً يبادرهم بالقول: «قولولنا... علمونا... مو بس إذا صارت سالفة تجتمعون فينا للعتاب».


وهنا، مع الراحل العليان كل الحق في ما يقوله، فالحكومة هي من تعرف كل شيء، وكما يقول عادل إمام في إحدى مسرحياته «مش انتو الحكومة وبتعرفوا كل حاجة؟»... فالحكومة التي تعرف كل شيء وبيدها كل شيء تتراخى وتتخاذل وتترك «القرعة ترعى»... وإذا كبرت الأمور لامت وعاتبت وطلبت الفزعة والعون.
وإذا كنت قادراً على استذكار وفهم ما قاله مراراً الراحل العليان رحمه الله قبل سنوات طويلة مضت، فإنني أعلن أن ما عجزت عن فهمه اليوم، هو أن الحكومة بعد كل هذه السنين ممثلة بمجلس وزرائها وأماناتها العامة وغير العامة ووزاراتها المتنوعة وهيئاتها الملحقة والمستقلة وجيوش مستشاريها من وزراء سابقين وأساتذة جامعة وحتى مدربي اليوغا وفنون التنفس فجراً... والمكاتب الاستشارية المحلية والعالمية التي يقودها الإخوة الأعزاء عوير وزوير و... «بلير» وبعثاتها الديبلوماسية التي تنتشر في كل أصقاع الأرض وترصد وتعرف كل خبرات بني يعرب وبني جورج وبني سام وبني ماو وبني خروشوف وكلاشنيكوف وغورباتشوف وغيرهم من أبناء سيدنا آدم، تترك الحكومة هذا كله وتلتفت نحونا نحن المواطنين المساكين منعدمي الحيلة والقرار لتقول لنا: «عطونا أفكار... اقتراحات... حسوا فينا... حسحسونا... فأنتم الروافد الداعمة لسياسات الحكومة في رسم خططها التنموية»!
كلام جميل قاله جهاز الناطق الرسمي، وكلام معقول نقلته «كونا»، «ماقدرش أقول حاجة عنووووو»... اللهم إلا ان أذكركم بأنكم الحكومة وبيدكم كل شيء... عندكم الدراسات والأفكار والرؤى الواقعية والخيالية، ولكن ما ينقصكم فقط هو «الإرادة» ولا شيء غير الإرادة... هذه الكلمة السحرية الوحيدة التي يمكن لها أن تغيّركم وتغيّرنا معكم من حال إلى حال، ولكننا نبحث عنها منذ نحو خمسين عاماً ولم نجدها بعد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي