عيْن «الراي» رصدت الموقع الذي يمارس به الآلاف من الهنود طقوسهم الدينية منذ 9 سنوات
معبد للسيخ في الكويت!
وضع عدد من المقيمين الهنود من طائفة السيخ، الكويت على خريطة دول العالم التي يوجد فيها معابد للسيخ، من دون مراعاة لما تمثله هذه الخطوة من حساسيات، في ظل مطالبات أتباع ديانات إبراهيمية وغير إبراهيمية بزيادة دور العبادة المخصصة لهم.
عيْن «الراي» رصدت هذا التجاوز غير القانوني، الذي يشكل مفاجأة صادمة، بعدما وضعت مجموعة من السيخ عبارة «معبد السيخ» (Sulaibiya Gurdwara Sikh Temple) على موقع في الصليبية يظهر بوضوح على الخرائط الإلكترونية عبر تطبيقي «غوغل مابس» و «غوغل إرث».
المعبد، الواقع على الدائري الخامس، هو مكان مخصص لإحدى الشركات في منطقة الصليبية السكنية، ليمثل بذلك تجاوزاً آخر كونه انتهاكا لحرمة تلك المنطقة السكنية.
يرتاد معبد السيخ هذا، المؤسس منذ نحو تسع سنوات، الآلاف من الهنود بشكل دوري ويمارسون به طقوسهم الدينية ويطبخون الطعام ويوزعونه، في مخالفة صريحة للدستور، الذي ينص في مادته الـ35 على أن «حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب»، بيد أن المقصود هي الأديان السماوية الثلاث، أي الإسلام والمسيحية واليهودية.
ويفتح هذا المعبد السيخي، وهو قسيمة مؤجرة من أملاك الدولة كمخزن لشركة، ولا يحق لصاحبها أن يقوم بتأجيرها لاستخدامها بغير الغرض المخصص لها، أبواب التساؤل: هل سيكون حبة في عقد مخالفات لطوائف أخرى ربما تسوّل لها أنفسها إنشاء أماكن عبادة بعيداً عن أعين الدولة، وكيف ستتصرف الجهات الحكومية المعنية إزاء المعبد السيخي؟
هكذا وصلت «الراي» إلى المعبد
... وهذا ما شاهَدَته
في ما يلي يشرح محرر «الراي» تفاصيل ما شاهده:
1- اتجهتُ إلى الموقع المحدد، بحسب «غوغل»، ووصلتُ إلى المكان المقصود، فتبيّن أنه عبارة عن مجموعة من المخازن مؤجرة لشركة، وكل الأبواب مغلقة، ما عدا باب كيربي صغير مفتوح قليلاً، تدخل منه وتخرج منه مجموعة من الهنود السيخ.
2- بعد السلام والسؤال إن كان هناك مكان للتعبد والصلاة، أكد الموجودون أن الباب الصغير يُوصل إلى المعبد.
3- ترجلتُ من السيارة وبرفقتي زميلي المصور، وطلبتُ منه أن يترك كاميرته في السيارة حتى لا نثير حفيظة الموجودين، فيمنعوننا من الدخول ومعرفة ما يجري في الداخل.
4- المشهد كان مفاجئاً... أكثر من 40 شخصاً بدوا مشغولين في أعمال مختلفة من غسيل وطبخ وأحاديث جانبية مع بعضهم البعض، وعندما شاهدوني وزميلي بملامحنا ولباسنا العربي تركزت أنظارهم علينا حتى شعرتُ بالخوف، فرحت ألوم نفسي خلال ثوان «أنا شسويت» ولكن تصبرت واستعنت بالله لأكمل مهمتي، حتى انبرى أحدهم نحونا واستقبلنا بكل ترحيب، وسألنا بلغة عربية مكسرة، لكن مفهومة، «من أنتم وما هدفكم من الدخول إلى هذا المكان؟».
5- تركز نظري على الأكل الموجود وبجانبه صحون صغيرة فيها بصل وطماطم مقطعة... وبسرعة قلتُ له أنا وزميلي جائعين وشممنا رائحة الطبخ فاعتقدنا أنه يوجد هنا مطعم.
6- بعد هذا التبرير، بدت عليه ملامح الراحة والاطمئنان، فقال: «هذا مكان للصلاة ونحن نجتمع هنا من وقت لآخر، خصوصاً في العطل والمناسبات، ونقوم بالطبخ والتعبد في هذا المكان، حيث يأتي الكثير من الهنود من طائفة السيخ للتجمع هنا». فسألته «لكنني لا أرى المكان مجهزاً للصلاة»، فقال لي «ادخل من هذا الباب وسترى مكان تعبدنا».
7- الصدمة عندما فتح لنا باباً آخر، فظهرت صالة مفروشة تتوزع فيها مجموعة من الهنود، منهم من يقرأ ومنهم جالسون يتحدثون وبعضهم نائم، فأخذت أبحث في أرجاء الصالة الكبيرة التي تتسع لأكثر من ألف شخص، عن علامات للتعبد أو ما شابه، فبادرني بالقول: «هنا بس صلاة وبعدين أكل».
8- بعد تركيزي على تفاصيل المكان، بدا مُحدّثي غاضباً وفي عينيه تساؤلات، فحاولتُ تهدئته وطلبتُ منه أن أتصوّر معه حتى يطمئن، ثم قمت بتصوير الصالة ومكان الطبخ بهاتفي، محاولاً كسب ودهم، حتى أخرج من المكان بسلام مع زميلي قبل أن يفتضح أمرنا... وهكذا حصل.
هل يتكرر سيناريو 2001 ... عبر «الراي» أيضاً؟
قبل نحو 18 عاماً، اكتشفت السلطات الكويتية وجود معبد للسيخ في سلوى، وقامت بإزالته بعد ضجة كبيرة في البلاد.
وجاء الإعلان عن الإزالة عبر «الرأي العام»، على لسان وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد باقر، في تصريح نقلته عن «الرأي العام» الصحف العربية والخليجية والهندية ووكالات الأنباء العالمية.
وقال باقر، في تصريحه لـ«الرأي العام» بتاريخ 16 يونيو 2001، إن السلطات الكويتية قررت إغلاق المعبد الخاص بطائفة السيخ الهندية، مؤكداً أنه غير مرخص له ومخالف للقانون، وأن قيام طائفة السيخ باستغلال منزل سكني مقراً لها كمعبد يعد استهانة بالقانون. وعما إذا كان إغلاق المعبد يتناقض مع مبدأ حرية الاعتقاد التي يكفلها الدستور، أكد باقر أن المادة 35 من الدستور تنص على أن حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية إقامة الشعائر الدينية، طبقاً للعادات المرعية على ألا يخل ذلك بالنظام العام.
وأوضح أن المقصود بلفظ الأديان في المادة 35، هي الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، أما الأديان الأخرى فإن الأمر في شأنها متروك لتقدير السلطة العامة للبلاد، مشيراً إلى أن إقامتها للشعائر الخاصة بها تحتاج إلى ترخيص وموافقة مجلس الوزراء ومجلس الأمة.
بدوره، قال رئيس المجلس البلدي آنذاك أحمد العدساني، في تصريح لـ«الرأي العام»، إن المعبد كان مقاماً منذ العام 1985، وان البلدية خاطبت وزارة الداخلية لدخول المبنى السكني الذي يقع فيه المعبد، بعد الحصول على إذن من النيابة العامة. وأضاف «لن نسمح بالاعتداء على القوانين العامة أو المساس بحرمة الدين الاسلامي».
12 ألفاً من السيخ
في الكويت
أفاد آخر تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية في شأن الحرية الدينية في الكويت لعام 2018 أنه يوجد 12 ألفاً من طائفة السيخ في البلاد.
وذكر التقرير أن «التقديرات غير الرسمية لأعضاء الديانات المختلفة تشير إلى وجود نحو 250 ألفاً من الهندوس وما بين 10 و12 ألفاً من السيخ و7 آلاف من الدروز و400 من البهائيين».
أصحاب «الكافات الخمس»
... شعارهم
«لا هندوس ولا مسلمين»
نشأت المعتقدات السيخية في الهند بين نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلاديين، تحت شعار: «لا هندوس ولا مسلمون»، على يد شخص يسمى ناناك ويُلقب بـ«غورو».
كلمة «سيخ» هي كلمة سنسكريتية تعني المُريد أو التابع، فيما تسمى العمامة التي يرتدونها «داستار»، وصار زعماؤهم بعد ذلك يُعرفون باسم المهراجا. لا يقص السيخ شعورهم لأنهم يرون أن إطلاق الشعر به مسحة روحية ورمز للبساطة والقداسة والقوة، كما أنه يشير إلى القبول بما خلقه الله ورمز للعضوية في انتمائهم الديني، كما أن السيخي لا يحني رأسه لغورو وبالتالي لا يحنيها لحلاق.
أما عن معتقداتهم، فهم يدعون إلى الاعتقاد بخالقٍ واحد، ويقولون بتحريم عبادة الأصنام، وينادون بالمساواة بين الناس، ويؤكدون على وحدانية الخالق الحي الذي لا يموت، والذي ليس له شكل، ويتعدى أفهام البشر، ويمنعون تمثيل الإله في صور، ولا يقرّون بعبادة الشمس والأنهار والأشجار التي يعبدها الهندوس، كما لا يهتمون بالتطهر والحج إلى نهر «الغانج»، وقد انفصلوا تدريجياً عن المجتمع الهندوسي، حتى صارت لهم شخصية دينية متميزة.
يُبيحون شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، ويُحرّمون لحم البقر ويقدّسونه إلى حد ما، ويعتقدون بتناسخ الأرواح، ويؤمنون بأن روح كل واحد من المعلمين تنتقل منه إلى المعلم التالي له، ويحرقون موتاهم كالهندوس.
وعن أصول الدين لديهم فهي خمسة، وتسمى الكافات الخمس، لأنها تبدأ بحرف «الكاف» باللغة الكورمكية، وهي:
1 - كيش: وتعني ترك الشعر مرسلاً من دون قص من المهد إلى اللحد، وذلك لمنع دخول الغرباء بينهم بقصد التجسس.
2 - كازا: وتعني أن يلبس الرجل سواراً حديداً في معصميه، بقصد التذلل، والاقتداء بالدراويش.
3 - كريباك: وتعني أن يلبس الرجل تبّاناً - وهو أشبه بلباس السباحة - تحت السراويل، رمزاً للعفة.
4 - كانجا: وتعني أن يضع الرجل مشطاً صغيراً في شعر رأسه، وذلك لتمشيط الشعر وترجيله وتهذيبه.
5 - كاخ: وتعني أن يمتلك السيخي حربة صغيرة - أو خنجرا - على الدوام، وذلك لإعطائه قوة واعتداداً، وليدافع به عن نفسه إذا لزم الأمر.
يعتبر السيخ المعبد الذهبي قبلتهم وأقدس أقداسهم، ويحتفظون فيه بمخطوطاتهم وآثارهم الدينية المقدسة ويقع في مدينة أمريتسار في ولاية البنجاب الهندية.
وهو مبنى رخامي مربع ذو قبة نحاسية مذهبة وأبواب قائمة في جوانبه الأربعة وتم تشييده في 1604، وسمي بالمعبد الذهبي لأن قبته الرئيسية مغطاة بالذهب من الداخل والخارج. ويعد أكبر مطعم في العالم حيث توجد داخله العديد من المطابخ، ويتم فيه تقديم الطعام لجميع الزوار بغض النظر عن الدين أو الخلفية.