الكويت باتت له أماً وأباً

طريق يلد طفلاً... في الجليب!

تصغير
تكبير

كلما أُعطي الطفل جهاز الهاتف قال «ألو.. ألو.. ألو» فقط  

هل ولد هذا الطفل في الجليب أم أنه جُلب إليها ليترك فيها؟

طريق يلد طفلاً!
لم ينمو كنبتة برية في حفرة من المطرة الأخيرة، وإنما هو طفل من لحم ودم وفيه نفس!
أمست الكويت الخميس الماضي على خبر عمم أنه تم العثور على طفل ضائع في جليب الشيوخ.


... وما أدراك ما الجليب!
ومنذ حينه (الخميس) لم يتقدم أحد للتعرف عليه.
العسكريان اللذان كانا في دورية على رأس عملهما يجوبان شوارع منطقة جليب الشيوخ وقرابة الثامنة مساءً لمحا وجهاً لطفل على قارعة الطريق لا من حوله أحد، وسرعان ما ترجلا لمعرفة سبب وجوده وحيداً في تلك الساعة المعتمة من الليل.
تقدّم العسكريان من الطفل الذي كانت لغته الوحيدة الدموع الذارفة على خديه الصغيرين.
العسكريان - وكأنهما - راحا يناديان (ياناس ياعرب لمنو هالطفل)، ولم يجدا من إجابة سوى صدى أصواتهما.
ووفق التعليمات، قاما بما يفرضه عليهما واجبهما ونقلاه إلى مخفر جليب الشيوخ، علّ وعسى أن يتقدم من فقده أو لمعرفة إن كان هناك بلاغ مسجل بخصوص تغيب أقارب، لكن لم يوجد قريب أو بعيد للباكي على قارعة الطريق.
امتد الليل وأطل الصباح ولا حس ولا خبر مما ترك (الطفل) على هذه الشاكلة في الجليب.
المخفر تولى دفّة المتابعة والتحقيق بحثاً عن بصيص أمل يرشد إلى من حملت في أحشائها هذا الطفل وتركته عرضة لكل المخاطر.
خليّة أمنيّة، على مستوى وزارة الداخلية تشكّلت وتواصلت التحقيقات يُمنة ويسرةً، في جميع الاتجاهات بحثاً عن أبوي الطفل.
وراح رجال الأمن، يجولون في دور العبادة وأماكن التجمعات والمستشفيات والجمعيات علّهم يفكون لغز من ترك الطفل في الجليب.
بموازاة ذلك نقل (طفل الطريق) إلى مستشفى الفروانية فجر الجمعة لإجراء الفحوصات الطبية عليه.
الطفل الذي لا يتجاوز الثالثة من العمر، وغير المدرك لما يدور من حوله لا ينطق بشكل سليم لطفل مثل عمره، وليس من مقدوره الإجابة عن اسمه أو أي اسم آخر.
وارتسمت أسئلة كثيرة أمام الخلية الأمنية لتجد إجابة عليها تمثلت بأن الطفل ليس حديث الولادة كما درجت العادة بأن يُترك أمام باب مسجد أو يُرمى فور ولادته، وأنه قارب الثلاث سنوات من العمر، فأين قضى هذه الفترة الاولى من عمره وفي كنف من؟
ومن ضمن الأسئلة هل هناك جريمة ما ارتكبت بحق ذوي الطفل (؟)، وحتى الآن بعد أن مضت ليس الساعات الطوال وحسب، بل قرابة أربعة أيام ولم يطل أحد منهم، فإن ذويه هم من ارتكبوا جريمة بحقه!
«الراي» تحركت أمس نحو جليب الشيوخ لتقفي أثر المكان الذي كان عثر فيه العسكريين على الطفل، إنها منطقة موحشة تئنّ من عدم مظاهر الحياة، وراجت الأسئلة الصامتة هل ولد هذا الطفل في هذه المنطقة وكبر فيها أم أنه جُلب إليها ليترك في الجليب؟
ولمواكبة ما حصل أيضاً، قصدت «الراي» مستشفى الفرانية حيث يرقد الطفل في الجناح السادس تحت مظلة أمنية مشددة شعارها (ممنوع الاقتراب)، ووُجهت بصد أمني «ممنوع يعني ممنوع»، وكل ما رشح عن وضع الطفل أنه كلما أُعطي جهاز الهاتف يقول «ألو.. ألو.. ألو»، فقط هذه الكلمة التي يُحسن نطقها.
طفل الطريق، الذي تم التخلي عنه من قبل أهله، باتت له الكويت أُماً وأباً ورعايةً لبناء مستقبله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي