ضربة... وضربة

تصغير
تكبير

تحديان كبيران واجهتهما الكويت ووزارة الداخلية أخيراً بمنتهى الاحترافية، التحدي الأول هو انتحار شاب من فئة البدون، ومحاولة استغلال هذا الظرف الإنساني واستثماره بطريقة بشعة للحصول على مكتسبات ليست بالضرورة مشروعة، مع تغليف هذه المساعي بتهديد علني غير مسبوق في الكويت بلغ حد التحريض العلني، وأمام الكاميرات على اغتيال مسؤولين في الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية.
التحدي الآخر كان عملية التتبع والمراقبة، وإلقاء القبض على شبكة إرهابية مصرية ينتمي أفرادها إلى تنظيم الإخوان المسلمين، وقد صدرت عليهم أحكام قضائية نهائية في بلادهم، إلا أنهم آثروا استخدام الكويت مقاماً للهروب.
التحديان يدخلان في خانة «الضربة الاستباقية» التي ضاعت هيبتها قبل سنوات عندما ارتبط تكرار هذه الجملة بـ «شوية أفلام» مفتعلة السخونة على غرار ضربة نهاش فتى العرب في رائعة «باي باي لندن»، لكن هذه السخونة المفتعلة سرعان ما أطفأها القضاء الكويتي وكشف زيفها وأعاد الحق إلى نصابه.


ولكن ما يحدث الآن يعيد لجملة «الضربة الاستباقية» هيبتها ومصداقيتها، حيث أعلن بيان وزارة الداخلية أن المضبوطين المصريين هم شبكة إرهابية تنتمي إلى تنظيم الإخوان المسلمين، هذه الصراحة في اللغة واختيار المفردات وكل هذا الوضوح هدفه قطع الشك باليقين، وإغلاق مجالات التلاعب والتأويل والتمسكن، أو التوسط تحت غطاء مفردات مثل «الشفاعة»، ولهذا استحق هذا العمل وصفه بالضربة الاستباقية المتعددة الاتجاهات، فهي استباقية لأي محاولات للتورية والتمييع وغض النظر أو التوسط، وهي استباقية لأي تشكيك في التعاون الأمني الكويتي- المصري، وهي استباقية لأي ظانٍ، أو مروج بأن الكويت تغرد خارج السرب الخليجي والعربي... فالكويت لا تغادر السرب لكن تغريدها مختلف وله خصوصيته.
أما الضربة الاستباقية الأخرى فكانت كما قلنا أعلاه في مواجهة التطاول والتهديد العلني غير المسبوق بالتحريض على قتل واغتيال مسؤولين ائتمنهم صاحب السمو الأمير وسمو رئيس الوزراء على أداء أعمالهم في الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية. وكلنا نعلم كم تحمل ويتحمل من يعملون في هذا الجهاز الطعن والتطاول والتشكيك والسب والتحريض من خفافيش الظلام الذين يديرون حسابات وهمية لا تتورع عن أي تلفيق وافتعال لإرهاب المسؤولين وإجبارهم على الرضوخ.
وليعلم من لا يعلم من المحرضين المعلنين، وغير المعلنين أن الكويت ليست بلداً مستجداً في مواجهة الأنذال وعديمي الولاء ومن استمرأوا عض أيادي الخير التي امتدت إليهم دوماً.
لقد واجهت الكويت قديماً وحديثاً الكثير، وتخطت الثورات العربية القديمة وما رافقها، وتخطت أطماع العراق وغزوه، وتخطت التهديدات ومحاولات الابتزاز من التنظيمات الإرهابية، وتخطت خبائث الربيع، ولا ينسى هؤلاء أن الكويت التي واجهت إجرام منظمة التحرير الفلسطينية وترسانتها المسلحة بمقاتليها وانتحارييها الذين ظنوا أن وجود 450 ألفاً سيجعل الكويت لقمة سائغة لهم... هي دولة قادرة على مواجهتهم بكل حزم وصرامة واقتدار، ولن يعيقها نذل هنا، وغدّار هناك... يحركهم محرض غبي داخل الكويت أو خارجها أنهى المكاسب المحتملة جراء التعاطف مع قضية البدون المنتحر ووضعها في خانة الخسائر المحققة.
شكراً لله الذي يسلط أعداء الكويت على أنفسهم ويسهّل الخلاص منهم...ولتعلم وزارة الداخلية أن الامن متى انفرط يصعب لملمته من جديد، وليعلم الجميع أن الكويت دار أمن وأمان لأهلها وللوافدين وللبدون المحترمين... أما الأنذال فليبحثوا لهم عن مرتع آخر يجمعهم... والسلام خير ختام.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي