بعد انتشار فيديو تسميم الكلاب الضالة بطريقة خاطئة وقتلها بالسلاح بطريقة إجرامية، وصفها الكثير على أنها طريقة غير إنسانية وينقصها حسن التعامل والرحمة والرأفة، أصبحت قضية قتل الكلاب والحيوانات الضالة بمختلف أنواعها هي قضية مثيرة للجدل، وسط انتقادات واسعة ارتفعت فيها الأصوات التي تطالب بالرحمة والشفقة لها، ورغم انتشار الكلاب الضالة بطريقة فوضوية في كل أنحاء البلاد، إلا أننا لا نجد أي جهة فكرت بتفعيل القانون الخاص بتنظيم حيازة الكلاب، لحفظ الصحة العامة للمجتمع.
فلننظر قليلاً إلى الدول المتقدمة - وفي مقدمتها الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا - كيف يتعاملون مع الكلاب والحيوانات الأخرى، وحرصهم الكبير في تطبيق قانون حيازة الحيوانات الأليفة بطريقة حضارية منظمة، من خلال وجود أماكن ومحلات مختصة، والاهتمام الكبير بتربيتها ورعايتها وعلاج من خلال كوادر متخصصة، وتكريس دكاترة وموظفين بيطريين حكوميين، أو في القطاع الخاص، مهمتهم متابعة كل أمور هذه الحيوانات من تسجيل أسمائها وأسماء أصحابها، ومتابعة ملفاتها الطبية وغيرها. من توزيع اللوحات المعدنية لتكون معلقة حول رقبة هذه الحيوانات مع وجود مايكرو شيب خاص يحتوي على كل بياناتها، أي أن هناك قاعدة بيانات مسجلة إلكترونيا لدى الجهة لمتابعة عملية التراخيص، وتنبيه أصحابها على ضرورة التقيد بالقانون.
كما نلاحظ أن عملية مكافحة الكلاب الضالة لدى الدول المتقدمة، لا تتم إلا بالطرق السليمة والصيد السهل، من خلال تخديرها وحجزها في أماكن مخصصة لذلك، على عكس ما نقوم به من قتل وانتهاكات صارخة بحق الحيوانات الضارة أو الأليفة، فكيف نتجرأ بعد شرائها بأعلى الأسعار، وبعد تربيتها في الأماكن المخصصة لها، أن نرميها في الصحراء أو البحر أو الشارع، حتى تتصارع مع ظروف الطقس.
ونلاحظ أيضاً أن معظم أصحاب هذه الحيوانات أو الكلاب، لا يحرص على مراقبة المفترس منها، وبالتالي هذا الإهمال قد يعرض الأبرياء للخطر.
إن مكافحة الكلاب الضالة في الكويت لا تتحقق إلا بتعاون الجهات المعنية وتضافر الجهود من هيئة الزراعة - البلدية - الصحة - الاطفاء - الداخلية، وتقاعس هذه الجهات المسؤولة عن دورها هو سبب انتشار الكلاب الضالة في الأماكن النائية والمهجورة والسكنية وغيرها، ثم عدم قدرة هيئة الزراعة بكوادرها المتواضعة الحالية على تنفيذ هذا القانون ربما جعل هذه المشكلة أكثر تعقيداً، وبالتالي فالقضية تحتاج إلى تشكيل فريق مختص لمتابعة وصيد الحيوانات الضالة، حتى لا تتكاثر حفاظاً على سلامة المجتمع من الأخطار الصحية والأمنية، نعم نحن بحاجة إلى فريق وطني متخصص في معالجة هذه المشكلة، لأن الكلاب الضالة تحولت إلى كلاب مسعورة، ربما تحمل معها الأمراض المعدية، وبالتالي هذه النوعية من الحيوانات تحتاج إلى تأهيل جذري وعلاج فوري لتكون أليفة صديقة للإنسان، والمطلوب البدء بعمليات مسح شامل لجميع مناطق الكويت لضبط وإصلاح تلك الحيوانات الأليفة فيها والمسعورة، ليكون التعامل معها وفق طرق إنسانية رحيمة، فهي بحاجة فعلاً إلى فحص وتعقيم وتطعيم وغذاء سليم ثم يأتي من بعده التدريب والتأهيل للاستئناس بها، لتكون جاهزة للبيع مرة أخرى أو للتبني والتصدير إلى خارج البلاد.
ولكل حادث حديث.
alifairouz1961@outlook.com