أكدت أن التغيير يحتاج إلى وقت «لا نملكه لأننا في وضع خطر»
ابتهال الخطيب في «عشر إلا عشر»: المجتمع الكويتي يُعاني من العنصرية أكثر من السابق
- نعم يوجد تقسيم طائفي وقبلي وعائلي في المجتمع
- الكويت تراجعت في مجال حقوق الإنسان حيث كانت متميّزة سابقاً
- من الطبيعي أن يكون هناك غني وفقير لكن الغنى لا يُحَوّلك إلى عنصري
- لدينا مظاهر عنصرية يجب أن نواجهها وألا نسكت على الممارسات التي نراها
- هناك مواقف عنصرية تجاه الوافدين والبدون والمرأة الكويتية
- المنطق هو أن الكويت للكويتيين مدنياً... لكن المشكلة تكمن في التمييز بالأمور الإنسانية
أكدت الاستاذة في كلية الاداب في جامعة الكويت الدكتورة ابتهال الخطيب وجود تقسيم طائفي وقبلي وعائلي بشكل واضح في المجتمع الكويتي، مؤيد من قبل الحكومة والمال السياسي، معتبرة أن ذلك موجود في الحكومات كلها، ومؤكدة أن «الدور على الشعب في مقاومة الظاهرة»، معلنة أن «التغيير يحتاج الى وقت، ولكننا نحن لا نملك هذا الوقت لاننا في وضع خطر».
وقالت الخطيب في لقاء على قناة «الراي» في برنامج «عشر إلا عشر» مع الزميل راشد الهلفي مساء أول من أمس، ان الحد الادنى للعنصرية أو الميل تجاه الاسرة أو العائلة أو الطائفة أو القبيلة، هو نوع من التركيب الجيني في البشر، مبينة ان من الطبيعي ان يميل الانسان الى مجموعته، مشيرة الى ان الخطورة تكمن في تعدي الميل في الاتجاه عن الحد الطبيعي الى التعدي على حقوق الاخرين، واستخدام النفوذ لخلق هالة خاصة حول الشخص وشعوره بالفوقية، مؤكدة أنه ايا كان الانتماء فإن العنصرية مرفوضة.
وبينت الخطيب ان «العنصرية ليست رأيا تحاول اقناع الناس به. العنصرية هي الاحساس والشعور بالفوقية لشيء لم تصنعه، مثل اللون او الطائفة او القبيلة او الحزب وغيرها، أما الشعور بالانتماء لجهة معينة فهو امر ايجابي».
وأوضحت ان الميل للعنصرية صراع مع النفس، فكلنا لدينا عنصرية نسبية، وبالتالي نبقى بشرا كبقية البشر، افضليتك بعملك وشعورك بالمسؤولية تجاه الغير، موضحة ان العنصرية الكبيرة تتجلى امامنا، «وهي ليست بهذه الخطورة مثل العنصرية الحاصلة لدينا مع الوافدين، و خطاب الرئيس الاميركي ترامب، ولكن الخطورة تكمن في العنصريات الصغيرة التي تتحول تدريجيا الى عادة من العادات اليومية».
وبينت الخطيب ان العنصرية الصغيرة مثل ان نقول لابننا الذي يبكي «لا تكن امرأة، فإن هذا يؤصل لدى الطفل العنصرية تجاه المرأة في المجتمع، ويخلق نمطا في المجتمع ويضعف كيانه وتماسكه»، مشيرة الى ان الاختلاف في الرأي يختلف عن الفوقية.
وأشارت إلى ان النظام الطبقي موضوع مختلف، فمن الطبيعي ان يكون هناك غني وفقير، فالغنى لا يحولك الى عنصري بل تصرفك وكلامك وعلاقتك مع الاخرين هي من تحولك الى عنصري، فمعظم الكويتيين مستواهم المادي افضل من الوافدين وتعاملنا معهم بالمجمل تعامل طبيعي، فهذا لا يشكل مشكلة، اما إذا اعطت المادة الشعور بالفوقية للغني او الميسور ماديا على الاخرين، فهنا تكون المشكلة.
ولفتت الخطيب الى ان «المجتمع الكويتي يعاني الآن من العنصرية اكثر من السابق، وهذه الحالة ليست في الكويت فقط بل تزايدت في العالم، وما عززها خطابات ترامب والمشاكل الشرق اوسطية، التي طورت العنصرية، فعندما تحس الناس ان مصالحها مُسّت، فتتحرك فيها الميول الى العنصرية، وهي للاسف موجة عامة لها انعكاساتها الشديدة على المجتمع الكويتي».
وأشارت الى ان «من هذه الانعكاسات الجديدة موقف الكويتيين من الوافدين، والاقدم موقف الكويتيين من البدون، وهنا لا اقصد كل الكويتيين، فالمقصود من كلامي واضح، فهناك مواقف عنصرية تجاه الوافدين والبدون والمرأة الكويتية»، مبينة ان «لدينا مظاهر عنصرية يجب ان نواجهها فلا نقول ان الكويت بلد الخير ونسكت عن الممارسات التي نراها في الداخل».
ولفتت الخطيب ان «مقولة الكويت للكويتيين هذه فيها دراسة مطولة، فانا لا أرفض استحقاق الجنسية، والمنطق هو ان الكويت للكويتيين مدنيا، فهناك مميزات مدنية للمواطن وله الاولوية في بلده اسوة بدول العالم، ولكن المشكلة تكمن في التمييز في الامور الانسانية، مثل أولوية الدخول على الطبيب، فالأولوية هنا لا يجب ان تكون للمواطن بل لمن مرضه اخطر، وكذلك في التعليم، فمن لديه شهادات يجب ان يحصل على فرصة جيدة للمنافسة على الوظيفة. يجب ان نعزز من الحقوق الانسانية مثل الطبابة والتعليم فهذه أمور لا تحتمل التمييز العرقي».
وأكدت أن الكويت تراجعت في حقوق الانسان، حيث كانت متميزة في هذا الجانب سابقا، «إذ نسمع خطابا ينادي بفرض الضريبة على الوافد لارتياده الشواطئ او الشوارع، وهي دعوة تدفع لعزلهم واما لتبعدهم عن البلد او تجعلهم يجلسون (بالعين شوكة) فالتمييز على الانتماء يخلق سوءا في المجتمع، فالضريبة في العالم ان فرضت فهي تفرض على الكل دون تمييز جنسية عن غيرها».
ودعت الى «وجوب ان نحاسب انفسنا داخليا، فهناك تدني مستوى الرعاية الصحية للبدون، وليس لهم مقاعد في التعليم الجامعي بسبب التعسف في استخراج بطاقاتهم، ولو اخذناها من منطق اناني، فهل من مصلحة الكويت ان يجلس المتعلمون في بيوتهم أم نشغلهم في مرافق الدولة؟».
وفي ما يخص انتخابات المجالس المختلفة في الكويت، قالت الخطيب ان العنصرية في الانتخابات اصبحت «تحصيل حاصل» فالانتخابات قسمت البلد الى عنصرية وفئوية، والمناطق مقسمة على هذا الاساس في عقلنا، وهذه العنصريات في ذهننا يوميا، مبينة ان من احدث هذا التقسيم الجهة التي تملك النفوذ وهي الحكومة، وهي من عززت هذا الوضع.
وأعلنت ان «تصحيح هذا الوضع القائم يحتاج الى اعادة ثقة المواطن في الحكومة، بحيث يثق المواطن في ان الحكومة تعطيه حقه دون نقصان، سواء وصل ابن عمه او ابن قبيلته او طائفته، فالان قبل ان تنجز معاملتك في وزارة تبحث عن من تعرف، فالبلد من الاعلى مؤسسات ووزارات، ومن الاسفل سراديب للعلاقات المعقدة لتخليص الامور».
واتهمت الخطيب الحكومة والسياسيين والبرلمانيين بـ «المساهمة الكبرى في هذا الوضع، فالحكومة يعجبها الوضع من تفككنا، ومن الطبيعي انشغال الناس بهذا الوضع، الذي يعطي الحكومة القوة والنفوذ»، موضحة ان معالجة هذا الامر مسؤولية كبيرة، في مواجهة شبكة معقدة من العلاقات وليس شبكة مدنية حقيقية.
... «البدون» الثمانيني بين «رعاية المسنين» وغرفة «الشينكو»
تطرقت الدكتورة الخطيب إلى قضية المسن البدون، قائلة ان هذا الرجل المسن يبلغ من العمر 80 عاما وهو عاجز ومريض ويعيش في غرفة «شينكو»، ودار رعاية المسنين ترفض استقباله لأنه بدون. وتساءلت: ألا نسمي هذا عنصرية؟ مبينة ان القانون لا يعني ان من يمنع مثل هذه الحالات هو في وضع صحيح، لأن القانون من وضع البشر، يحتمل الصواب والخطأ.
واضافت: رجل مسن يرمى بالشارع لانه بدون، فيما يجب ان «نحشم» آخر ايامه، ونحن في بلد الانسانية، ورغم المناشدات لا يزال هذا المسن مرميا في غرفته «الشينكو».