فان دايك... من «الخطوط الخلفية» إلى الواجهة

No Image
تصغير
تكبير

لم يكن وصول مدافع ليفربول، الدولي الهولندي فيرجيل فان دايك، إلى القمة سهلاً، أو فلنقل متوقعاً في بداية مسيرته مع كرة القدم.
فقد عانى الفتى اجتماعياً ورياضياً قبل أن يحصل على المبتغى، ويتوَّج، أول من أمس، كأفضل لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز، من قبل رابطة اللاعبين المحترفين، خلال حفلها السنوي الذي أقيم في لندن.
فان دايك (27 عاما) الذي تفوق على مهاجم مانشستر سيتي، الدولي الإنكليزي رحيم سترلينغ، خَلَفَ زميله المصري محمد صلاح الذي نال الجائزة، في العام الماضي، في موسمه الأول مع ليفربول.
ساهم أغلى مدافع في العالم والذي انضم الى «الفريق الأحمر»، في يناير 2018، قادماً من ساوثمبتون مقابل 75 مليون جنيه استرليني (87 مليون يورو)، في تحقيق ليفربول لـ20 «كلين شيت» هذا الموسم، مقابل دخول مرمى الفريق 20 هدفا فقط في الدوري الممتاز، وبلوغه نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
وقد هيمن ليفربول ومانشستر سيتي اللذان يتنافسان بقوة هذا الموسم على لقب الدوري، على قائمة المرشحين التي أعلنت، السبت الماضي، حيث أدرجت أسماء لاعبَين من ليفربول في اللائحة النهائية هما فان دايك والسنغالي ساديو مانيه، ونجم تشلسي البلجيكي إدين هازار، بالاضافة الى ستة من «سيتي» هم الأرجنتيني سيرخيو أغويرو والبرتغالي برناردو سيلفا، ورحيم سترلينغ (24 عاما) الذي نال جائزة أفضل لاعب واعد، متقدماً على زميله، الألماني لوروا سانيه الذي ظفر بالجائزة، العام الماضي.
وقال فان دايك لشبكة «سكاي سبورتس» بعيد تتويجه: «سعيد للغاية بعد الفوز بهذه الجائزة. إنه أمر لا يصدق. الجائزة تعتمد على تصويت اللاعبين، هذا مذهل»، وأضاف: «أعتقد أن هذا أفضل ما يمكن أن تحصل عليه، أنا فخور للغاية».

بريق المدافعين
لا شك في أن تتويج الهولندي بالجائزة المرموقة، وخصوصاً أنه يشغل موقعاً في «الخطوط الخلفية»، أعاد بعض البريق إلى المدافعين على حساب لاعبي خطي الوسط والهجوم، مع العلم بأن فان دايك هو أول مدافع يتوّج بها منذ قائد تشلسي السابق جون تيري، في العام 2005.
واللافت أن فيرجيل بدأ مسيرته مع غرونينغن الهولندي مهاجماً قبل أن يجري تحويله إلى مدافع نظراً إلى قوته البدنية الهائلة، وكشف أنه «شهدتُ الموت بعيني في أسوأ تجربة مرت عليّ»، وتابع: «عندما كنت ألعب لغرونينغن وأنا في سن الـ17 عاماً، شعرت بآلام حادة في المعدة بعد أحد التدريبات. ثم وجدتني الوالدة على الأرض أتألم بشدة من تضخم حاد في الزائدة. تم نقلي إلى المستشفى حيث خضعت لعملية طارئة»، وأضاف: «حدث تضخم في الزائدة الدودية أدى إلى التهابات. كان هذا المرض حسب ما علمت يؤدي إلى الوفاة. عندها، ما عادت كرة القدم تعني لي شيئاً. الأمر الأهم بالنسبة لي كان البقاء على قيد الحياة».
واعتاد قائد المنتخب الهولندي ارتداء القميص رقم 4، رافضاً أن يرفقه بوضع اسم العائلة (فان دايك)، بل يختار اسمه الأول (فيرجيل).
ويعود السر في ذلك إلى استياء اللاعب من والده، الأمر الذي دفعه إلى عدم استخدام اسم عائلته.
ووفقا لإحدى الصحف البريطانية، أكد خال اللاعب ويُدعى ستيفن فو سيو، أن فان دايك الأب هجر الأم وأبناءهما الثلاثة، ومن ضمنهم فيرجيل، عندما كان الأخير طفلا، وأضاف: «فيرجيل لم يسامح الأب بعد ذلك».
وتابع: «الحقيقة أن الأب لم يكن حاضرا لأعوام عدة في حياته. أمه كانت البطل الحقيقي خلال نشأته».
وأكد أن ابن شقيقته عبّر بوضوح عن مشاعره تجاه والده عندما قرر تمثيل الأندية التي لعب لها ومنتخب هولندا باسمه الأول فقط.
غاسل الصحون
كان فان دايك يعمل في مطعم «أونكل جين» حين كان في الـ16 من العمر حيث نشأ في أسرة بسيطة لأب هولندي ولأم من أصول سورينامية.
أحبّ البرازيلي رونالدينيو كثيراً، وربما يفسر ذلك سر قصّة شعره الحالية، وارتكزت طموحاته كمراهق في أن يصبح لاعباً محترفاً، لكن ظروف الأسرة كانت صعبة.
انضم إلى فريق الناشئين في نادي فيليم تيلبورغ الهولندي الذي لم يوقع معه عقدا، ولم يكن يحصل حينها على راتب من كرة القدم، ما دفعه للبحث عن عمل يكسب منه دخلا يسد به احتياجاته، فوجد نفسه في مطعم «أونكل جين» يعمل غاسل صحون.
عرض عليه مالك المطعم التخلي عن بعض تدريبات كرة القدم في سبيل العمل ساعات إضافية وتحسين راتبه لكنه كان يرفض، ويصر على أنه يعمل في المطعم بشكل موقت، وأن وظيفته الأساسية تكمن في ارض الملعب.
انضم لنادي غرونينغن حيث تحوّل من مهاجم الى مدافع ثم سجّل ظهوره الأول في الدوري الهولندي قبل أن يكمل عامه الـ20، وبعدها تم تصعيده، في الموسم التالي، ليصبح لاعبا دائما في الفريق الأول.
يضحك فان دايك في حوار مع صحيفة «دايلي ميل» البريطانية عندما يتذكر غضبه بعدما تم تعديل مركزه. ولم يكن يعلم بأن شخصاً ما في المدرجات سيراقبه، بعد فترة، بإعجاب، وسيرى فيه أفضل مدافع في العالم مستقبلاً.
هذا الشخص كان مدرب سلتيك الأسكتلندي، نيل لينون، الذي سافر خصيصاً لمشاهدته على الطبيعة قبل فتح مفاوضات سريعة مع ناديه تكللت بالنجاح مقابل أكثر بقليل من مليونَي يورو.
في اسكتلندا، أصبح فان دايك بطلاً للدوري، وعرف أجواء المنافسات الأوروبية، وواجه أندية كبيرة كميلان الإيطالي وبرشلونة الإسباني، قبل أن يتحول، بعد عامين فقط، إلى ساوثمبتون في إنكلترا.
صيف العام 2017، بدأت أندية ليفربول، مانشستر سيتي، وتشلسي تتنازع على ضمه، قبل أن يعلن ساوثمبتون أنه ليس للبيع، ويتوصل بعدها إلى صيغة اتفاق مع الـ«ريدز».

متطلبات كلوب
مثّل فان دايك ما يبحث عنه المدرب الألماني يورغن كلوب تماماً: قلب دفاع يجيد القيام بدورين، الأول ويتمثل في اللعب بنظام الضغط العالي الذي يتطلب كفاءة عالية في عرقلة الهجمات المرتدة، السرعة في ملاحقة الخصوم في المساحات الشاسعة، والفوز بالمواجهات الثنائية، والثاني يتركز في إجادة الألعاب الهوائية التي كانت تشكل صداعاً يؤرق الجميع.
المقومات التي تميز بها فان دايك أضافت لخط ليفربول الخلفي التماسك والصلابة اللذين لم يكونا متوافرين سابقاً.
هذا التأثير فتح الباب أمام الهولندي للفوز، في وقت وجيز للغاية، بثقة ومحبة زملائه. وقبل أن يتم شهره العاشر في «أنفيلد»، اختير القائد الثالث للفريق.
يتذكر قسم كبير من جماهير ليفربول تلك الأغنية التي أطلقها مشجعون للغريم التاريخي مانشستر يونايتد للسخرية من صفقة ضم الهولندي وقالوا فيها: «لديك فان دايك، لديك فان دايك. لا أظن أنك تفهم. 75 مليون إسترليني».
وبعد تتويج فان دايك بجائزة أفضل لاعب في الدوري الممتاز، أعادت جماهير الـ«ريدز» نشر الأغنية، مصحوبة بتعليقات أكثر سخرية، حملت معنى: «من الذي يضحك الآن؟».
بالتأكيد سيضحك عشاق ليفربول أكثر في حال تكللت جهود فريقهم، في الموسم الراهن، بلقب لا شك في أنه سيكون لفان دايك القادم من «الخطوط الخلفية» ليحتل الواجهة، اليد الطولى فيه.

... وسترلينغ «الأفضل»
برأي «الكتّاب»

توّج نجم مانشستر سيتي رحيم سترلينغ بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، والمقدمة من رابطة الكتاب الإنكليز، متفوقاً على نجم دفاع ليفربول الهولندى فيرجيل فان دايك.
وحصل سترلينغ (24 عاما) على نسبة أصوات وصلت إلى 64 في المئة، ليعوض خسارته جائزة أفضل لاعب المقدمة من رابطة اللاعبين المحترفين، والتي توج بها فان دايك.
خاض سترلينغ، الفائز بجائزة أفضل لاعب واعد من رابطة اللاعبين المحترفين، 48 مباراة مع فريقه في المسابقات كافة خلال الموسم الراهن، مسجلاً 23 هدفاً، بواقع 17 في الـ«بريميرليغ»، 5 في دوري أبطال أوروبا، وهدف في كأس الاتحاد الإنكليزي، كما صنع 17 هدفاً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي