حسناً فعل بعض نواب مجلس الأمة حينما تقدم بطلب طرح موضوع إحالة نواب حاليين وسابقين إلى النيابة العامة، للنقاش العام في الجلسة المقبلة، وذلك استناداً إلى المادة 112 من الدستور والمادة 146 من اللائحة الداخلية للمجلس، إثر تضخم حسابات البعض، والذي أثاره النائب رياض العدساني تحت قبة البرلمان وخارجه، وذلك لاستيضاح سياسة الحكومة في هذا الصدد، لا سيما وأن موضوع تضخم حسابات النواب يعد من المواضيع الخطيرة، التي لا يمكن السكوت عنها، متى ما اقترن هذا التضخم بكسب غير مشروع والتفاف على القوانين وسط نسيان وظيفتهم الاساسية، وهي سلطة الرقابة والتشريع على جميع قطاعات ومؤسسات الدولة.
وبالتالي فان المسؤولية تقع علينا طالما أن الاتهامات الدائرة وجهت رسمياً إلى البعض منهم، في ما يتعلق بأسباب تضخم الحسابات لبعض النواب السابقين والحاليين، وأيضا لرجال الأعمال، فهناك تجاوزات مالية وقانونية وإدارية، وهناك تحويلات مالية وعمولات وتضارب مصالح، والطامة عند استغلال السلطة والتخفي وراء الحصانة النيابية، واستغلال هذه العطايا المجهولة في غسل الأموال، والتي تحيطها شبهات مالية، فالمبالغ - أي كانت مصادرها - قد بلغت الآلاف والملايين من الدنانير، ومن حق المواطنين، خصوصاً الناخبين أن يستفسروا لمعرفة هذا الأمر المريب.
فالامر لم يقف عند تضخم الحسابات فقط، وإنما وصل إلى إنشاء شركات استثمارية ضخمة وصناديق عقارية عملاقة!
وقد هدد النائب العدساني الوزراء المختصين - خصوصاً وزيري المالية والداخلية - بضرورة تحويل ملف تضخم الحسابات إلى الجهات المختصة، وفي حالة عدم الاستجابة لهذه الرغبة سيضطر إلى استخدام أداة الاستجواب، كما طالب رئيس الوزراء بضرورة الاشراف على هذا الأمر والتنسيق بين وزارات الدولة المختلفة، وعدم إرسال ملفات ناقصة لبعض النواب، وبعض رجال الاعمال، بغرض التغطية وحماية البعض من المساءلة.
كما أن هناك شكوك بأن قضية تضخم بعض الحسابات نتجت عن عملية غسيل أموال والتفاف على القانون، ناهيك عن شبهة تبادل في الأموال بين نائب وتاجر أثناء فترة عضويته - كما قال العدساني - ولكن هناك من يدعي بعدم وجود فراغ تشريعي مع وجود قانون تعارض المصالح وقانون الجزاء، وهيئة مكافحة الفساد وإنهاء باتفاقية الأمم المتحدة في هذا الشأن، بالإضافة إلى قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ووحدة التحريات المالية، إلا أن البعض يؤكد أن هناك فراغا تشريعياً أدى إلى التحفظ على بلاغ الأرصدة السابقة «المتضخمة».
في حين يبدو أن الوضع يختلف عن سابقه، فقضية الإيداعات المليونية السابقة قد تقدمت فيها البنوك وتحولت البلاغات إلى النيابة العامة، أما اليوم فإننا نرى أن الحكومة هي من قدمت البلاغ في هذا الشأن، ففي حال حفظه لدى النيابة العامة، على الجهات الحكومية المعنية أن تتظلم من القرار.
إن ملف تضخم الحسابات - كما قال العدساني - يحتوي على أكثر من ثلاثين اسماً حتى الآن وهذا ليس بقليل، وهناك ملفات حكومية أخرى تحول حولها شبهة فساد، تم تحويل ملفاتها بالكامل إلى النيابة، وبفضل التحقيق تم استرجاع بعض الأموال العامة إلى خزينة الدولة، ثم محاكمة القياديين المتورطين فيها، وبالتالي علينا جميعا أن نتكاتف في محاربة آفة غسيل الأموال والرشوة والعطايا والتجاوزات المالية في البلاد، حتى نحمي الكويت من عملية الهدر في الأموال العامة والمحرمة دولياً.
وفي ختام المقال نريد أن نشيد ونشكر السادة النواب الدكتور بدر الملا والدكتور عادل الدمخي وعبدالله الكندري وعبدالوهاب البابطين وأسامة الشاهين، ويأتي في مقدمهم رياض العدساني على اهتمامهم البالغ في هذه القضية، التي تهم الشعب الكويتي، فطرح موضوع تضخم الحسابات النيابية، وموضوع إحالة نواب سابقين وحاليين إلى النيابة العامة، يجب التصدي لها سواء كانت أموالاً نقدية أو كل ما يدور في فلكها، ويتطلب التحقيق فيها لاتخاذ إجراءات سياسية وقانونية حاسمة، فإن كان هؤلاء متورطين في هذا السلوك - بلاشك - فتجب المطالبة بإسقاط الحصانة النيابية عنهم لمحاسبتهم، لأنهم لا يستحقون شرف تمثيل هذه الأمة... ولكل حادث حديث.
alifairoux1961@outlook.com