رؤية ورأي

السطل أم المجلس الأعلى؟

تصغير
تكبير

شاهدت - كغيري - مقطع «السطل» المقتطع من لقاء برنامج «شارع السور» في تلفزيون الكويت، حول الحملة الخليجية للترشيد والمسؤولية المجتمعية. اللقاء الذي امتد لأكثر من خمسين دقيقة مع المهندسة إقبال الطيار، مديرة إدارة كفاءة الطاقة والترشيد في وزارة الكهرباء والماء، رئيسة الحملة الخليجية للترشيد منذ انطلاقها في عام 2015 أثناء الاجتماع الخليجي في دولة قطر.
للأسف المقطع المُجتزَأ، مع ما رافقه من تعليقات، كان مضللاً ومسيئاً للقائمين على مشاريع الترشيد في الكويت وللأطراف الراعية والداعمة لها، كالمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية. فالمقطع غيّب العديد من الأمور المعرفية والفنية التي تم تداولها في اللقاء، سواء من قبل المهندسة إقبال أو الدكتور محمد الشريكة مدير إدارة الكهرباء والماء في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، أو الدكتور محمد الراشد المدير التنفيذي لمركز أبحاث المياه في معهد الكويت للأبحاث العلمية، اللذين كانت لهما مداخلتان هاتفيتان.
لذلك، لا بد أن أبيّن أن المهندسة إقبال لم تختزل ترشيد استهلاك المياه في السطل، بل أشارت إلى أنهم أهدوا أيضاً مُرَشِّدات المياه للاستخدامات الداخلية، ثم قاطعها المحاور بسبب ضيق الوقت قبل أن تنهي حديثها حول منهجيتهم في الاهداءات. وفي اللقاء نفسه، ذكر الدكتور محمد الراشد أن وزارة الكهرباء والماء ومعهد الكويت للأبحاث العلمية، تمكّنا من توزيع مليون جهاز ترشيد استهلاك المياه على العديد من المنازل، ونتج عن تلك الحملة تخفيض استهلاك المياه فيها بنسب وصلت إلى 40 في المئة. المراد أن حملتهم أشمل بكثير من مجرد إهداء سطل.


أضف إلى ما سبق أن الدكتور الراشد أشار إلى أن خطط وبرامج ترشيد المياه في الكويت يتم صياغتها وتوجيهها وفق نتائج دراسات ميدانية، كالدراسة الاستطلاعية الحديثة التي تم فيها تركيب عدادات ذكية «داخلية» دقيقة جداً، تعمل بالموجات فوق الصوتية، في عدد من المنازل لمعرفة مواطن ومواقع استهلاك المياه. الشاهد أن سياسات الترشيد في الكويت أرقى بكثير مما أظهره مقطع السطل المضلل.
لم أكتب هذا المقال للثناء على إنجازات المهندسة اقبال، فقد سبقني في ذلك عدد من الدكاترة الكويتيين البارزين إقليمياً وعالمياً في مجالات الترشيد. ولكنني أكتبه لأسلط الضوء على ما يبدو كسلسلة من حلقات التنمّر الإلكتروني ضد المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية. السلسلة التي بدأت بعد اجتماع الشهر الماضي للجنة الشؤون الاقتصادية والمالية البرلمانية مع قيادات في المجلس الأعلى وجهات معنية بمشروع انشاء المنطقة الاقتصادية الشمالية.
عنوان حلقة التنمّر الأولى كان تعيين الدكتور ناصر المجيبل عضوا في المجلس الأعلى. حيث اجتهد أبطال تلك الحلقة في تحذيرنا من خطورة أفكاره على أمن الكويت. ولكنني أتساءل لماذا لم يحذرونا منه عندما عيّن عضواً في المجلس الاستشاري الاعلامي لرؤية الكويت 2035؟ رغم كونه مجلساً رفيعاً ذا دور محوري متداخل بشدة مع دور المجلس الأعلى في المرحلة الحالية.
وأما الحلقة الثانية فكان عنوانها التنمّر بالسطل، حيث أظهرت أن الدعوة إلى استخدام السطل لغسل السيارة ولاستخدامات أخرى خارج المنزل دعوة رجعية، في حين أنها دعوة شائعة في العالم المتحضر. لذلك أتساءل لماذا التركيز على جزئية السطل رغم أن المقابلة تخللتها جزئيات أخرى أشد استفزازا للمواطنين، من قبيل الإشارة إلى الدراسة التي أوصت بتخفيف الدعم الحكومي وزيادة تعرفة المياه؟ هل لأن السطل في ذلك المقطع اقترن بالمجلس الأعلى؟
وبالنسبة لقصة الحلقة الثالثة، فقد تم تأليفها من خلال اقتطاع كلام الدكتور خالد مهدي بشأن تكاثر الكويتيين، في مورد كلامه حول صعوبة إجراء تعديل سريع في التركيبة السكانية. لذلك أتساءل من هو المستهدف في هذه الحلقة؟ هل هو الدكتور أم مليارات التنمية التي يشرف عليها المجلس الأعلى أم غيرهما؟ لا أستطيع أن أجزم ولكنني أعلم أن العنصر المشترك بين ضحايا الحلقات الثلاث هو المجلس الأعلى.
أنا متوجّس من مشاريع تطوير الجزر والمنطقة الشمالية الاقتصادية، ولكنني في ذات الوقت متوجس أيضاً من معارضيها. فمن جانب، أخشى أن يتكرر سيناريو صفقة «الداو كيميكال»، ومن جانب آخر أنا متخوّف من جشع أطراف شاركوا في خطة التنمية السابقة (37 مليار دينار)، ويصرّون اليوم على المساهمة في خطة التنمية الحالية ولو بالعودة كـ«فداويّة» شيخ التنمية.
لذلك أناشد المجلس الأعلى تبني المزيد من الشفافية بشأن خططه الاستراتيجية، من خلال توفير مسوداتها وبياناتها في موقعه على شبكة الانترنت، وتشجيع المهتمين والمختصين بالاطلاع عليها ومراجعتها والتعقيب عليها طوعا... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».
abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي