طموحات جماهير الـ «بايرن»... «أكبر» من كوفاتش

No Image
تصغير
تكبير

كان لافتاً، يوم أول من أمس، ذاك الانقلاب من قبل قسم من مشجعي فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم على ناديهم، لدرجة وصلت الى حدود تمنّي الفوز لبوروسيا دورتموند في الـ«كلاسيكر» الذي جمع القطبين، السبت، على ملعب «أليانز أرينا» أمام 75 ألف متفرج في قمة المرحلة 28 من بطولة الدوري.
وتأتي أهمية «الانقلاب» من واقع أن دورتموند كان متقدماً في الترتيب على الفريق البافاري بنقطتين، ومن شأن فوزه في «الموقعة شبه الحاسمة» أن يفتح باب لقب تاسع في الـ«بوندسليغا» أمامه.
وينطلق حنق هذا الجزء من المشجعين على ناديهم من واقع أن الإدارة لم تحرّك ساكناً في سوق الانتقالات خلال السنوات الماضية لضم لاعبين من الطراز الـ«سوبر» القادرين على تعزيز حظوظ الفريق على جبهة دوري أبطال أوروبا.
ويرى هؤلاء بأن الخسارة محلياً ستجبر القيّمين على النادي على التحرك بصورة موسّعة للتغيير، فيما سيمثل النجاح المحلي حجة لإبقاء الأمور على ما هي عليه.لا يخفى على أحد بأن فوز أي فريق ألماني، ومن ضمنها دورتموند، بالدوري المحلي أو بالكأس المحلية، يدخل باب الإنجاز ويستحق أن يدمغ موسم هذا الفريق أو ذاك بـ«الناجح».
الأمر مختلف تماماً في بايرن ميونيخ الذي وضع نفسه في مكان أكثر تقدماً من أترابه المحليين، إلى حد وصل فيه إحراز الثنائية المحلية المتمثلة في الدوري والكأس، الى حيث يُعتبر واجباً لا يستحق احتفالاً موازياً للجهود التي بذلت في سبيل تحقيقه.
البعض الآخر يرى بأن الثنائية لا تعدو عن كونها تعويضاً للفشل في إحراز كأس دوري الأبطال التي لطالما سعى «العملاق البافاري» خلفها.
الواقع أن «بايرن» هو من وضع نفسه في هذا المكان. فقد كان، خلال العقد الأخير، لاعباً أساسياً على جبهة الـ«تشامبيونز ليغ»، والمنافس الوحيد الواضح لأطماع ريال مدريد وبرشلونة الاسبانيين، فبلغ النهائي في 2010 و2012، وتوج باللقب الخامس في 2013 قبل ان يفرض نفسه حاضراً دائماً في الأدوار المتقدمة.
من هنا، وشم «بايرن» نفسه بـ«الطابع الأوروبي»، إلى حد بات معه التتويج باللقب المحلي مجرد جائزة ترضية.
هذه المكانة التي وضع «دي روتن» نفسه فيها، لم تكن خافية عن جماهيره المنتشرة في أصقاع العالم كافة، لكن الأخيرة بدت أكثر حرصاً على اللقب القاري منه الثنائية المحلية، وترى بأن لا شيء قادرا على تعويض خيبة السقوط الموسمي في دوري الأبطال.
تضع تلك الجماهير مسابقة دوري الأبطال في كفة، والمسابقات الأخرى في كفة أخرى، بمعنى أن الفشل في الأولى لا يمكن تعويضه عبر النجاح في الثانية.
ولا يمكن لبايرن ميونيخ في هذا الإطار أن يخطو خطوات الى الخلف ويضع نفسه في خانة أدنى من تلك التي جعلته منافساً رئيسياً على «الكأس ذات الأذنين الكبيرين».
يدرك «النادي الأحمر» بأن الزمن لم يعد زمن العواطف في كرة القدم، وبأن عصب اللعبة، بلغة الأندية، هو الأموال. وهو ما تدركه جيداً جماهيره الحريصة التي راقبت، في السنوات الأخيرة، الصفقات المجنونة التي تبرمها الأندية الأوروبية المصنفة «عدوّة» من دون أن تأتي الإدارة البافارية بأي خطوة على هذا الصعيد، متمسكة بنجوم مرّ عليهم الزمن، او ساعيةً الى إبرام صفقات مع لاعبين من الصف الثاني، وإن بمبالغ مالية ضخمة ألمانياً.
أضف إلى كل ذلك أن تعيين الكرواتي نيكو كوفاتش على رأس الإدارة الفنية لم يحظَ برضا كثيرين من عشاق النادي، انطلاقاً من كونه غير ملمّ بدوري أبطال أوروبا وأجوائها وظروفها ومتطلباتها، وصولاً إلى اعتباره غير قادر على مواجهة الإدارة القوية بقيادة الرئيس أولي هونيس إن رغب يوماً في إحداث تغيير على التشكيلة تستلزم إبرام صفقات ضخمة.
الشعور السائد حيال كوفاتش يتمثل في أن بايرن ميونيخ أكبر منه، وهو من يعطيه على مستوى السمعة والخبرة. وفي المقابل، لا يمكن لمدرب «شاب» أن يمنح نادياً عملاقاً بقدر ما يمكن أن يأخذ منه.
وهنا أيضاً تعتبر الجماهير على حق، خصوصاً وأن من سبق كوفاتش في المنصب أسماء كبيرة من أمثال يوب هاينكيس والإسباني جوسيب غوارديولا والإيطالي كارلو أنشيلوتي، وكل هؤلاء يمتلكون «الصفة الأوروبية» القادرة على جعل الفريق منافساً حقيقياً على لقب الـ«تشامبيونز ليغ».
يوم السبت الماضي، خطا «بايرن» خطوة كبيرة نحو لقبه السابع تواليا في الـ«بوندسليغا» عندما سحق «دورتموند» بخماسية نظيفة.
وأصاب الفريق البافاري عصفورين بحجر واحد حيث ثأر لخسارته 2-3 ذهابا أمام «الأصفر»، وانتزع منه الصدارة بفارق نقطة واحدة قبل ست مراحل على الختام، وبات حسم اللقب بيده في سعيه إلى الثنائية المحلية (بلغ نصف نهائي مسابقة الكأس) بعد خروجه من ثمن نهائي دوري الأبطال.
يذكر أنها المرة الأولى منذ الموسم 2001-2002 يكون فيها الفارق نقطة واحدة بين المتصدر ومطارده المباشر بعد المرحلة 28.
ولعل التصاريح التي أفرزتها قمة السبت تكشف فارق التطلعات «المحلية» بين القطبين. فقد رأى الرئيس التنفيذي لبوروسيا دورتمود هانس-يواكيم فاتسكه أن بقاء فريقه منافسا جديا على اللقب حتى هذه المرحلة من الدوري يعد «نجاحا كبيرا»، موضحاً: «هذه المرة الثالثة فقط خلال عقد من الزمن نشهد سباق لقب فعلياً في البوندسليغا».
من جهته، أكد الرئيس التنفيذي لبايرن ميونيخ كارل-هاينتس رومينيغه اقتناعه بأن فريقه بات قريبا من التتويج بلقبه السابع تواليا، وقال: «سنفوز بالدوري (...) لدينا أهداف كبيرة، ونحن في موقع واعد في المسابقتين المحليتين، لذا هدفنا هو التتويج بالثنائية» المحلية.
الجماهير البافارية لا تكترث بكل ذلك، بل تعي بأن اقتراب «بايرن» من تحقيق الثنائية المحلية يعني اقتراب كوفاتش من تحقيق انجاز في موسمه الاول في «أليانز آرينا»، وهو ما يعني، ربما، أن استمراره مع الفريق سيكون واجباً.
هذا الواقع لا يستحبه قسم كبير من جمهور الـ«بايرن» خصوصاً وأن هونيس أعلن صراحة بأن النادي سيخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الصفوف في الموسم المقبل، وهو ما بدأه بالفعل عبر ضم الفرنسي لوكاس هرنانديز من أتلتيكو مدريد الاسباني مقابل 80 مليون يورو (رقم قياسي في تاريخ ألمانيا).
سياسة تعزيز الفريق بلاعبين من مستوى رفيع تستلزم مدرباً من مستوى رفيع، هذا هو لسان حال «البافاريين» في وقت يشعر فيه كوفاتش بالنشوة التي دفعته الى القول بعد سحق «دورتموند»: «نحن سعداء بالتأكيد. لعبنا 90 دقيقة جيدة وكسبنا المباراة عن جدارة واستحقاق، وأتمنى أن نخوض المباريات المقبلة بهذه الطريقة وهذا المستوى»، مضيفا: «كان الفوز مهما بالنسبة لنا».
لكن ما تعتقده الجماهير ولم يقله المدرب الكرواتي هو من قبيل: «متى تتحرك الإدارة وتؤكد تمسكها بي؟».
فهل تكون الثنائية مؤشراً لبقاء كوفاتش... أم تفرض رغبة الجماهير والميزانية الضخمة إسماً لامعاً في منصب المدرب؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي