إضاءات

نحن مَنْ جنينا على أنفسنا ... لا غيرنا!

No Image
تصغير
تكبير

في جانب من الوعي العربي... أتابع بكثير من الحزن والأسى، ما سعى إليه رئيس الولايات المتحدة الأميركية ترامب - ونجح فيه - من تحركات حثيثة لعزل الإرادة العربية، في مصلحة الكيان الإسرائيلي، من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة له ومن ثم نقل السفارة الأميركية إليه، وجرّ بعض الدول الموالية له لتعزيز اعترافه، ثم - أخيراً وليس آخراً - الاعتراف بهضبة الجولان المحتلة جزءاً من أراضي هذا الكيان.
وفي الجانب الآخر - الذي يسير موازياً مع الجانب الأول - أتابع بحزن وأسى مضاعفين... تلك الفرقة التي يعيش وطأتها مجتمعنا العربي، وما أصابه من انقسامات، في الرأي والتوجه، وحتى في الأحلام والتطلعات، رغم ما يؤكد عليه التاريخ والجغرافيا والمصير واللغة والثقافة من وحدة، كان من المفترض أن تكون حافزاً لتلاحم الأفكار والتوجهات، من أجل الخروج من تلك الأزمات المتتالية - التي تعصف بالإرادة العربية من كل صوب وحدب - بأقل الخسائر.
نعم أتابع الجانبين، وأرى أنهما مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بعضهما ببعض، غير أن الجانب الثاني - المتعلق بالفرقة العربية - هو النتيجة الفعلية التي أظهرت بشكل فج الجانب الأول، فلولا هذا التشتت الذي تشهده الرؤية العربية، ولولا ما نعانيه من تمزق في اتخاذ القرار المشترك، ولولا التهام الزمن أحلامنا بسبب ما نعيشه من افتقار للوعي الجمعي، والقدرة على تحريك المسار وفق مصالحنا العربية، لما تجرأ ترامب على أن يتخذ بسهولة ويسر، قراريه - قراراً تلو الآخر - وبتحد منقطع النظير، لكل ما يتعلق بالأعراف والمواثيق الدولية.


أقول ما قلته وأنا على علم تام بأن هذا الرأي قاله قبلي الكثير من الذين يخلصون لمجتمعاتهم العربية، ولكنه - رغم قولهم - إلا أن السياسة العربية لا تطبقه على أرض الواقع، وسيظل غير مطبق إلى أجل لا يعلمه إلا الله، ولكني أردت من قولي أن أوضح أن المسؤول الأول - وقد يكون الأخير - في ما نحن فيه هو أنفسنا، ولا نلوم من يتخذ قرارات مجحفة في حقنا، لأنه يميل إلى الكفة الراجحة، ونحن للأسف كفتنا ليست راجحة بالمرة، فهي متهاوية، وفي تهاو مستمر، ولن يفيدنا الشجب ولا الرفض ولا الكلام، طالما أن الأوضاع لا تتغير، وأحلامنا لا نريد لها أن تتحقق، ووحدتنا غائبة مع أشياء كثيرة غابت في متاهات الزمن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي