مثقفون بلا حدود
الممثل المخرج في المسرح
سئل أحد النقاد المغاربة: «ما رأيك بالممثل المخرج في المسرح؟ أجاب: سوف يكون لدينا نصف ممثل ونصف مخرج». أ.هـ
هذا يعني أن أداء الممثل المخرج في المسرح سوف يتأثر، وأن عمل المخرج الممثل في المسرح سوف يكون ناقصاً.
منذ العهد اليوناني القديم كان المسرح هو مقياس الثقافات، ومنبر الحريات، ومقرّ المناظرات، وميدان المساجلات، وساحة المشاحنات والمجادلات. أما اليوم فيتجه ظني أن المسرح العربي فقد شيئاً من هذه الرسالة السامية والرفيعة، فبات في معظمه مسرح التهريج والتهكم والتجريح والتقليد.
في رأيي الشخصي أن التمثيل هو ملكة وموهبة يمن بها الله على من يشاء من عباده، مثل ملكة وموهبة الصوت الجميل، ولكن إذا صُقلت هذه الموهبة بدراسة قواعدها تميّزت على أقرانها. أما الإخراج فهو علوم مكتسبة وتحصيل علمي ودراسة مجازة؛ وفي ضوئه فمن الممكن أن يكون الممثل مخرجا، ومن غير الممكن أن يكون المخرج ممثلاً، ولعل سر نجاح الفنان القدير عملاق الفن العربي والعالمي عادل إمام، أنه أخلص للتمثيل، على أنه كان قادراً أن يخرج أو ينتج؛ إلا أنه آثر أن يكون ممثلاً ليس غير، وبذلك تفوق وتألق وصار على ما هو عليه الآن من مكانة مرموقة وعلو قدم.
يرى الدكتور صلاح الدين الفاضل، أن «المخرج قائد العملية الفنية سواء كان مخرجاً مسرحياً يهتم بتفاصيل العرض المسرحي ويدير أدق عملياته، أو مخرجاً سينمائياً يقف خلف الكاميرات موجّها المصور والممثل والفنيين، مهتما بتحقيق رؤياه من خلال هذا العمل أو مخرجاً إذاعياً يقدم حلقه الفني بمنظومة صوتيات الراديو». أ.هـ
«نص مسرحي، إحساس فني صادق، مهارة في الأداء»: يلعب المخرج دوراً أساسياً ومهماً في انتقاء من يتمتع بهذه الثلاثة، وعلينا أن ندرك أن هذه العملية ليست بهذه السهولة واليسر؛ إنما هي مسألة شائكة بالنسبة للمخرج، ومرهقة له ومخاضها عسير وولادتها قيصرية صعبة قد تموت فيها الأم مثلما تموت الفكرة، وقد يموت فيها المولود مثلما يموت تاريخ صاحب الفكرة.
لذا؛ يقول الخبراء: «يلزم توافر عناصر القيادة في شخصية المخرج لأن الإخراج عملية قيادية بالدرجة الأولى، وعليه يتوقف حسن انتظام العمل بخلق روح التناغم بين العناصر المختلفة المشاركة» أ.هـ.
فعلى سبيل المثال، يعتمد المخرج المسرحي منذ البداية على الكوميديا بنسبة سبعين في المئة من عرض المسرحية، ثم ينتقل بتناغم وانسجام إلى التراجيديا، وهو بذلك يهيئ المشاهد إلى النهاية الدرامية للمسرحية، والتي يقصد من ورائها تسليط الضوء على ظاهرة اجتماعية أو سياسية أو غيرهما من الظواهر التي تفشـّت في المجتمع المحلي أو الدولي محاولاً إيجاد أنجع الحلول لها، فيدخل المشاهد ضاحكاً ويخرج باكياً.
اليوم ينبغي أن تكون هناك (نقابة للمخرجين) تنظم العمل الفني، وتشترط شهادة إخراج من المعهد العالي للمسرح؛ فالممرض لا يصبح طبيباً بالخبرة! فما ينطبق على الممثل المخرج ينطبق أيضاً على المؤلف المخرج أو المؤلف الممثل. يجب علينا أن نحترم التخصصات والفصل بين الوظائف.
* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com