مهرجان القرين / خلال جلسات ندوة القرين الرئيسية
باحثون وأكاديميون: الإعلام الجديد... حدد مسارات الأفكار
المشاركون في الجلسة المسائية
جانب من الندوة
اتسمت ندوة القرين الرئيسية في محاورها وجلساتها الصباحية والمسائية المتعاقبة... بأطروحات موضوعية، ناقشت مسألة الإعلام الجديد وما يصاحبه من أزمات ثقافية، تلك التي أقيمت أمس وأول من أمس في فندق «راديسون بلو» بمشاركة نخبة من الباحثين والمثقفين والأكاديميين.
فمحورها الأول «الإعلام الجديد والشعبوية في المجتمعات الغربية وتأثيرها على الأوضاع العربية»، تضمن جلستين، الأولى تخص «الإعلام الغربي ونمذجة الشخصية العربية»، والثانية ناقشت «الإعلام الجديد وأثره على قيم الديموقراطية الليبرالية».
وفي ما يخص الجلسة الأولى، شهدت الندوة طرح ثلاث أورق بحثية مقدمة من الدكتور وائل فاروق، وسيد عبدالله من مصر، ووليد علاء الدين من الإمارات، وأدارها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأسبق عبدالله بشارة.
فاروق قدم ورقة بحثية مطولة بعنوان «ديموقراطية العدم: إعلام ما بعد الحداثة بين الواقعي والافتراضي»، قال فيه: «الواقع الجديد تكنولوجيا بلا هوية نسعى لإضفاء شخصيتنا عليها، وتراث ما زال يمثل العامل الحاسم في إدراك وصياغة هويتنا، حيث نعيش حالة من اللاتناغم بين فضاءات متباينة ننتمي لها بالدرجة نفسها، ولكن من دون وعي حقيقي يجمع هذه الانتماءات في سياقها الإنساني الواحد، حالة من الالتباس الذي يصعب فضه بين هذه العوالم والذي يجعلنا في النهاية عالقين في الحيرة - كهذا الشاب - أمام كل التقاطعات الممكنة بين هذه الفضاءات».
وطرح عبدالله في ورقته البحثية سؤاله: «تدريس الثقافة العربية في أميركا... لمن؟ ولماذا؟ من الفضاء الإلكتروني إلى الفضاء الأكاديمي... والعكس!».
وقال: «لا تقتصر إشكالية تكريس التصورات المغلوطة عن الثقافة والقضايا العربية وثقافتهم على المنصات الإعلامية في التلفزيون أو الإنترنت، ولكن تمتد في كثير من الأحيان إلى المجال الأكاديمي كذلك».
ودراسة علاء الدين تقترح تصنيفاً علمياً لأنماط الصحافيين وفق منهج متكامل، أساسه تحليل المضمون والخطاب، بمعاونة عدد من العلوم الإنسانية، بهدف الانتقال من موقف المتفرج السلبي، إلى العمل بإيجابية في مقاومة الصورة النمطية للثقافات العربية في المجتمعات الغربية، وإيجاد صورة أقل تشوهاً، عبر «استخدام» الصحافي الغربي نفسه، كل وفق النمط الذي تكشف الدراسة انتماءه إليه.
والجلسة الثانية من المحور الأول شارك فيها الباحثان الدكتور عمار علي حسن من مصر، والدكتور إبراهيم البعيز من السعودية، كي يتحدث حسن عن «الإعلام الجديد وأثره على قيم الديموقراطية الليبرالية»، مستعرضاً جوانب من العلاقة التاريخية بين الإعلام والسلطة في النظم الديمقراطية، وكذلك في النظم الشمولية.
وعرض حسن في ورقته تصوراً عن الإعلام الجديد الذي يراه ابناً شرعياً لليبرالية، لا سيما في قيمها الأساسية التي ترتكز على المواطنة، والمراكز القانونية المتساوية، والمشاركة الواسعة، واحترام حرية التفكير والتعبير والتدبير، والانفتاح على الآخر، والتعددية، واللامركزية، والمساءلة، والشفافية، والسوق المفتوحة، والحكومات المفتوحة أيضاً... إلخ.
وناقش البعيز مسألة «الاتصال السياسي في المشهد الإعلامي الجديد»، موضحاً أن الإعلام يمثل عنصراً أساسياً ضمن منظومة مؤسسات الدولة الحديثة، ويتفاعل مع بقية المؤسسات بدرجات مختلفة من التأثير والتأثر، ومستويات متباينة في المساهمة في تشكيل الرأي العام، وفتح نوافذ المشاركة في صنع القرار.
والمحور الثاني - الذي عنوانه «الإعلام الجديد وتأثيره على المجتمع في البلدان العربية» - ناقش تجارب من مصر والمغرب والسعودية. وشارك في جلسته الأولى الباحث المغربي عمر بنعياش، والباحثة المصرية ليلى النقيب، والباحث السعودي الدكتور محمد حبيبي، وأدارها أنور الرواس.
قال بنعياش في ورقته البحثية: «عرف المغرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين ثلاثة انتقالات كبرى؛ الانتقال السياسي من دولة مستعمَرة إلى دولة مستقلة، وفي العقدين الأولين من الألفية الثالثة عرف انتقالاً كبيراً آخر تجلى في تحول الثقل الديموغرافي من البوادي إلى الحواضر. ويبقى الانتقال الأكبر والأهم الذي شهده المغرب على الإطلاق هو الانتقال الرقمي».
وتحت عنوان «الإعلام الجديد بين التوسع والانحسار»، تناولت النقيب الحالة المصرية في ورقتها والتطورات التي حدثت في الإعلام المصري خلال العقدين الأخيرين. وكان التركيز على الإعلام المرئي والمسموع؛ لارتباطه بمجال خبرتها العملية.
وتطرق حبيبي في ورقته البحثية إلى أثر الإعلام الجديد في المجتمع السعودي، مشيراً إلى آخر وأبرز تجليات تأثير الإعلام الجديد وشبكات التواصل على المجتمع السعودي، وأهم آثارها في تشكيل الرأي العام وطرح قضايا المجتمع، وتشكل الأساليب والعادات الجديدة في تلقي المعلومة والخبر.
والجلسة الثانية من المحور الأول قدمت فيه الدكتورة بيبي العجمي التجربة الكويتية وتأثير الإعلام الجديد فيها، كما تحدث الدكتور عبدالحسين شعبان عن الإعلام بين التشريع والثقافة.
والعجمي في معرض حديثها تحدثت عن الكويت ومدى تأثرها بالإعلام بالجديد، تحت عنوان «المعلوماتية المجتمعية: نظرة جديدة لأبحاث الإعلام الجديد وتأثيراته على المجتمع»، كاشفة الحالة الكويتية في المشهد العربي ومدى تأثر المجتمعات بالإعلام الجديد وأدواته.
والمحور الثالث من الندوة عالج «تأثير الإعلام الجديد في تشكيل الرأي العام»، وأدارت جلسته الأولى الدكتورة غدير أسيري، وتمت فيه مناقشة والاستماع إلى 5 أوراق بحثية، وكانت البداية مع الكاتبة السودانية آن الصافي التي قدمت ورقة بعنوان «تأثير الإعلام الجديد على تشكيل الرأي العام».
ومن الكويت تباحث الدكتور علي دشتي حول التجهيل والعشوائية والتخطيط في الإعلام الجديد، ليقول: «تاريخياً الإعلام التقليدي أو ما يسمى بالصحافة المحلية، كان لها تأثير كبير في الرأي العام، وكان لها دور في تحديد الأولويات، هذا التأثير اليوم تحول إلى الفضاء بما يعرف بالإعلام الجديد أو شبكات التواصل الاجتماعي».
وتحت عنوان «الإعلام والمغالطات المنطقية... صناعة المعنى» بحث الدكتور عيسى إدريس من الكويت، المغالطات المنطقية في الاعلام الجديد، إذ يقول: «إن معالم بيئة الإعلام الذي نعيش فيها تحدد ما نعرفه عن العالم، وتحدد بدرجة كبيرة فهمنا للواقع، كما أن الأشكال الجديدة للإعلام قسمت الجماهير، وجعلت استهلاك المادة الإعلامية يختلف على نطاق واسع عبر مختلف شرائح الجمهور، وأصبح الجمهور العريض الذي ميّز العصر الذهبي للتلفزيون شيئاً من الماضي».
وموضوع «الأثر الثقافي للإعلام الجديد على المسرح نموذجاً من التأثير على الجوانب الثقافية»، بحث فيه الدكتور علي العنزي، وقدم ورقة بعنوان «المؤسسة المسرحية الخليجية والميديا» قرأ ملخصها الدكتور أيمن بكر، ليقول فيها: «لطالما أثيرت مسألة نقدية مسرحية مهمة، تركت من دون أن يجيب أحد عن معطياتها، وذلك حينما طُرح سؤالان جوهريان جديران بالاستحضار والتأمل في الدورة العاشرة لمهرجان الفرق المسرحية الأهلية الخليجية، مؤداهما: هل يمكن قبول الحديث عن العولمة والفضائيات والانفجار المعلوماتي والعصرنة وتجليات التحديث كتحديات ينبغي على مسرحنا مواجهتها وهو لا يزال غارقاً في إشكاليات تفصل بينه وبين الغياب شعرة؟ ولماذا تراجع مسرحنا الخليجي... ليصبح في منطقة ضيقة وخانقة، في زمن لهاثي اختراقي نووي في كل تفاصيل إيقاعاته الحياتية اليومية؟».
وحول مدى تأثر الفنون في آلة الإعلام الجديد، تحدث الباحث حسن زكي من مصر عن «الإعلام الجديد وانهيار الذائقتين الموسيقية والتشكيلية»، ليقول: «إن الإعلام في صوره الثلاث: المقروءة والمسموعة والمرئية، مع شريحة عريضة من متعاطي هذا المنتج، قد استطاع خلخلة القيم والموروث في أكثر المجتمعات تماسكاً، من دون أن يميز في ذلك بين ريف وحضر».
واحتوى المحور الرابع على عنوان «اقتصاديات الإعلام الجديد»، ليلقي فيه الدكتور أسامة البحيري بحثاً حول «العولمة الثقافية... الفعل ورد الفعل»، وناب الدكتور حامد الحمود عن أمجد منيف، من السعودية في قراءة مقتطفات من بحثه بعنوان «اقتصاديات الإعلام الجديد وحدود الحرية».
وألقى عامر التميمي من الكويت بحث «اقتصاديات الإعلام الجديد وتأثيراتها على الواقع العربي في حدود الحرية» نيابة عن الدكتور طارق فايق من دولة فلسطين، لتعذر حضوره.