رؤية ترتكز على تحليل «عوامل الاقتناع» في مجالات السياسة والأعمال والإعلانات التجارية

لماذا تضاءل تأثير وسائل التواصل على أصحاب القرار والمعلنين؟

No Image
تصغير
تكبير
  • العلامات التجارية العالمية الكبرى باتت تتفادى نشر إعلاناتها في حسابات «التواصل» وتوجهت  إلى الصحف التقليدية

تبلور في الأفق إجماع بين خبراء ومحللين عالميين في مجال تسويق الصحافة الالكترونية، حول رؤية استنتاجية تحليلية تحذر من أن هناك تضاؤلا في حجم التأثير الفعلي لوسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي، في ما يتعلق تحديدا بدورها في «اتخاذ القرار» من جانب الطرف المتلقي «القارئ» للمحتوى المنشور إلكترونيا، وخصوصا عندما يكون الناشر شخصاً مستقلاً بذاته أو كياناً اعتبارياً غير مرخّص له من جهات حكومية.
هذه الرؤية المتصاعدة ارتكزت على تحليل نتائج دراسات إحصائية أجريت في دول مجموعة العشرين (G-20) تحديدا على مدار السنوات الثلاثة الماضية، وهي النتائج التي تشير إلى أنه على الرغم من اتساع قاعدة انتشار المحتوى، عند نشره عبر تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي، فإن «موجات» تأثيره تنكمش تدريجيا حتى تصل إلى أضعف حالاتها عند مرحلة «اتخاذ القرار» من جانب الطرف النهائي المستهدف بالمحتوى، سواء كان القارئ العادي أو المعلن أو حتى صانع القرار السياسي.
ووفقا لتلك الرؤية، فإن مصطلح «اتخاذ القرار» في هذا السياق يشير إلى: «القناعات والسلوكيات العملية التي تتشكل لدى مُتلقّي المحتوى، سواء كان الأمر يتعلق باعتناق طرح سياسي معين أو بقرار يتعلق بالمال والأعمال أو حتى بشراء سلعة أو خدمة». وبتعبير آخر، تكمن المفارقة في أن قاعدة انتشار وسائل التواصل تبدو واسعة افتراضيا، لكن واقع الحال هو أن مفاعيلها تنكمش إلى أن تصبح محصلتها التأثيرية ضئيلة في النهاية بشكل يتناقض مع الضخامة الظاهرية لتلك القاعدة (كما هو مبين في المخطط التدريجي المرفق).


أما من الناحية المنهجية، فإن الرؤية خلصت إلى استنتاجاتها من خلال آلية بحثية استقصائية تعتمد على تحليل المفاعيل (المؤثرات) ذات الصلة بما يسمى بـ«عوامل الاقتناع»، أي العوامل الجوهرية التي يرتكز عليها اقتناع (أو عدم اقتناع) المتلقي بمصداقية المحتوى قبل أن يصل في النهاية إلى مرحلة «اتخاذ القرار». وتحديدا، تمحورت الآلية حول المحتويات التي تستهدف التأثير على المتلقي عند اتخاذ وصنع القرار في 3 مجالات: القناعات السياسية، وتوجهات المال والأعمال، وشراء السلع والخدمات.
وبشكل عام، اتفق معتنقو هذه الرؤية الجديدة على تفسير تلك المفارقة الضخمة بين «قاعدة الانتشار» و«التأثير على القرار» بمجموعة من الاعتبارات التي يأتي في صدارتها ما يلي:
* المحتوى الذي يقدمه الناشرون التقليديون المرخَّصون يتمتع لدى المتلقي بمصداقية أعلى بكثير من المحتوى المماثل الذي تنشره شخصيات حقيقة (مشاهير) أو كيانات اعتبارية غير مرخصة عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي مهما كانت أعداد متابعيها ضخمة. فالمتلقي يعلم أن الناشر التقليدي المرخَّص يكون حريصا جدا على سمعته وعلى تفادي المساءلة القانونية، لذا فإنه يتوخى أقصى درجات الدقة والتدقيق قبل نشر أي محتوى حتى وإن كان إعلانيا، فضلا عن أنه يمنح شتى الأطراف حق الرد والتوضيح.
* معظم المغردين والناشرين غير المرخصين عبر منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي يميلون عادة إلى خلط نزعاتهم وآرائهم وتوجهاتهم الشخصية مع المحتوى الذي يبثونه، وكثيرون منهم تحركهم دوافع كيدية لتصفية حسابات سياسية أو اقتصادية أو تجارية، وهذا يعني أنهم لا يستقطبون ولا يؤثرون فعليا سوى على المتابعين الذين يستهويهم ذلك الأسلوب، وهم يشكلون غالبا نسبة ضئيلة.
* كثير من كبار المعلنين جربوا نشر إعلاناتهم عبر حسابات مغردين أو مدونين مشاهير، لكنهم سارعوا لاحقا إلى سحب تلك الإعلانات تحت وطأة الشعور بإحراج شديد بسبب تضرر سمعة ذلك المغرد أو المدون بفضيحة أو قضية مشينة أو ما شابه ذلك. ولهذا السبب تحديدا، لوحظ أن جميع العلامات التجارية العالمية الكبرى باتت تتفادى تماماً نشر إعلاناتها لدى حسابات المشاهير، وتوجهت عوضا عن ذلك إلى النشر لدى الصحف التقليدية المرخصة (سواء في طبعاتها الورقية أو الالكترونية).
* هناك تراجع حاد في إقبال المعلنين على نشر إعلاناتهم على صفحات حسابات مشاهير المغردين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لأسباب من أبرزها أن تلك الشركات اكتشفت أن أعداد متابعي معظم تلك الحسابات وهمية، وأن هناك أساليب احتيالية يستطيعون من خلالها شراء مئات الآلاف من المتابعين الذين لا وجود فعليا لهم بل ليسوا سوى مجرد حسابات مهجورة تماما.
* الإحصائيات التي تفرزها محركات مراقبة تفاعل القراء حول العالم كشفت عن أن 2 إلى 3 في المئة فقط من بين المتابعين الحقيقيين لصفحات وحسابات مغردي ومدوني وسائل التواصل الاجتماعي هم من يتأثرون فعليا (أي يتخذون قرارا)، سواء مع المحتوى الإعلامي أو الإعلاني.
* إلى جانب عنصر المصداقية، النشر لدى الصحف التقليدية المرخصة يتيح مزايا وخدمات متعددة، بما في ذلك نشر المحتوى مرتين دائمتين إحداهما في الطبعة الورقية والثانية بصيغة PDF في موقع الصحيفة الالكتروني، ناهيك عن امكانية نشره في خدمات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للصحيفة.

العوامل المساهمة في تراجع التأثير

? محتوى الناشرين المرخَّصين يتمتع بمصداقية أعلى بكثير من محتوى المشاهير أو الكيانات الاعتبارية غير المرخصة
? معظم الناشرين غير المرخصين يميلون إلى خلط نزعاتهم وآرائهم وتوجهاتهم الشخصية مع المحتوى الذي يبثونه
? معلنون كبار سحبوا إعلاناتهم من المواقع تحت وطأة الحرج لتضرر سمعة ذلك المغرد أو المدون بفضيحة أو قضية مشينة
? الإحصائيات كشفت أن 3 في المئة فقط من المتابعين الحقيقيين لحسابات وسائل التواصل يتخذون قراراً
? التوجه إلى الصحف التقليدية المرخصة يتيح مزايا متعددة منها النشر في وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لها

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي