«مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ»... سلسلة مفتوحة تستعرض أعشاباً ومزروعات فيها فوائد علاجية ووقائية
تداخلات ضارة... بين أعشاب طبية وعقاقير صيدلانية
صحيح أننا سلطنا الضوء في حلقات سابقة على فوائد ومنافع الأعشاب الطبية، لكن من المهم أيضاً التحذير من أضرارها المحتملة عند تعاطيها في ظل ظروف وأحوال معينة.
فكثيرون يميلون إلى الاعتقاد بأن الأعشاب الطبية والمكملات الغذائية التي تُصنع منها تكون آمنة في كل الأحوال لكون مكوناتها طبيعية وعضوية. لكن التحذير الذي ينبغي إبرازه هو أن تلك الأعشاب والمكملات تحوي مواد فعالة قد تتداخل تفاعلياً بطريقة ضارة إذا أُخذت مع عقاقير صيدلانية مُعينة بما في ذلك بعض الأدوية التي عادة تُباع من دون وصفة طبية.
هذا الأمر أثبتته نتائج دراسات بحثية كشفت عن أن تناول بعض أنواع الأعشاب بالتزامن مع عقاقير صيدلانية معينة قد يؤدي إلى زيادة أو إبطال مفعول الدواء، إلى جانب تأثيرات غير مرغوبة أخرى محتملة. بل إن التأثيرات العكسية السلبية لبعض الأعشاب والمكملات العشبية قد تحدث في حالات الحمل والإرضاع التي لا تكون مترافقة بالضرورة مع تعاطي عقاقير صيدلانية.
لذا، فمن الأفضل لجميع الحوامل والمرضعات وحاملي أمراض معينة أن يستشيروا طبيباً أو اختصاصي تغذية معتمداً قبل البدء في تعاطي أي أعشاب طبية أو مكملات غذائية تحوي أعشابا طبية. وبشكل خاص، يكون هذا الأمر ضرورياً في الحالات المرضية التالية: ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الغدة الدرقية، والأمراض النفسية، وداء باركنسون، وتضخم غدة البروستات، واضطرابات تجلط الدم، ومرض السكري، وأمراض القلب، والصرع، والسكتة الدماغية.
ونظراً إلى أهمية هذا الأمر، نسلط الضوء في حلقة اليوم على عدد من أبرز وأخطر بعض التداخلات العكسية والضارة المحتملة بين أعشاب طبية وعقاقير صيدلانية، مع التنبيه إلى أن التحذير ينطبق على سائر الأعشاب الطبية ومستحضراتها بما في ذلك غير المذكورة في حلقة اليوم.
نظرة عامة
يلجأ مرضى كثيرون إلى المواظبة على تعاطي خلطات أعشاب أو مكملات عشبية بالتزامن مع العقاقير الصيدلانية الموصوفة لهم، وذلك ظنا منهم بأن من شأن ذلك أن يسهم في جلب نتائج علاجية أفضل والتعجيل بالشفاء. لكن لأن الأعشاب الطبية تحوي مركبات كيمياوية طبيعية، فإنه من البديهي أن تتفاعل تلك المركبات مع نظيراتها التي تكون موجودة ضمن مكونات العقاقير الصيدلانية، وتكون نتيجة ذلك هي حدوث تداخلات عكسية غير مرغوبة، بل تكون ضارة في أحوال كثيرة.
وقد كشفت نتائج دراسات متخصصة عن أن معظم التداخلات بين الأعشاب والعقاقير تحدث في 4 مجموعات أساسية من الأدوية، وهي: عقاقير منع تجلط الدم، والعقاقير المثبطة للإنزيمات البروتينية، وعقاقير أمراض القلب المحتوية غليكوسيدات، والعقاقير المثبطة للمناعة التي يدخل مركب السيكلوسبورين في مكوناتها.
لذا، نضع بين أيديكم في التالي استعراضا يعتمد على تصنيف الأعشاب إلى مجموعات وفقا لتأثيراتها الطبية على الجسم، ويندرج تحت كل تصنيف سرد لأبرز الأمثلة من كل صنف، ثم يلي ذلك توضيح لبعض التداخلات المحتملة في حال تعاطي تلك الأعشاب بالتزامن مع أدوية وعقاقير صيدلانية معينة.
وهناك أعشاب سيتكرر ذكرها في أكثر من تصنيف نظرا لتعدد تأثيراتها. فعلى سبيل المثال، عشبة الكرفس لها تأثير مدر للبول، وثان خافض لضغط الدم، وثالث مضاد لتجلط الدم، ورابع مخفض لسكر الدم. ووحده الطبيب هو الذي يستطيع الإلمام بكل هذه التأثيرات المتعددة لكل عشبة إلى جانب معرفة التداخلات الضارة المحتملة التي قد تنشأ عن تعاطي تلك العشبة مع عقاقير معينة.
فإلى استعراضنا التصنيفي:
الأعشاب المخفضة للكولسترول
في مجال التخسيس تحديدا، يشيع استعمال الأعشاب الطبية التي تسهم في مكافحة وتخفيض كولسترول ودهون الدم.
• أمثلة:
- الفصفصة (البرسيم الحجازي)
- الخرشوف
- الحلبة
- الثوم
- موز الجنة (لسان الحمل)
- حشيشة الدود
• التداخلات المحتملة:
- مع العقاقير المخفضة للكولسترول: تسبب زيادة مفعولها، وبالتالي ظهور تأثيرات وأعراض جانبية غير مرغوبة.
- مع عقاقير مرض السكري: تسبب انخفاضا حاداً في نسبة سكر الدم.
الأعشاب المخفضة
لسكر الدم
هناك أعشاب طبية معينة أثبتت قدرة على كبح أو تخفيض نسبة السكر في الدم عند ارتفاعه عند المستوى المناسب.
• أمثلة:
- الفصفصة (البرسيم الحجازي)
- الصبار
- الكرفس
- الكينيا (الكافور)
- الحلبة
- الثوم
- الزنجبيل
- العرعر
- الخطمية
- المر
- القَرّاص
• التداخلات المحتملة:
- مع عقاقير مرض السكري: تعمل على زيادة مفعولها، وبالتالي إحداث تأثيرات عكسية مؤذية للمريض.
الأعشاب المليِّنة
الأعشاب المليِّنة هي تلك التي تحوي خصائص تساعد على مكافحة الإمساك المعوي المزمن لدى المرضى الذين يعانون صعوبة في التخلص من الفضلات المتبقية في الأمعاء الغليظة.
• أمثلة:
- الصبّار
- عشبة القشرة المقدسة (الكاسكارا)
- عشبة الفراسيون
- موز الجنة
- عشبة الراوند
• التداخلات المحتملة:
- مع عقاقير القرحة المعوية، والعقاقير المضادة لحموضة المعدة: يتسبب التداخل في تفاقم أعراض المرض أو انتكاس الحالة المرضية.
- مع العقاقير الدوائية الملينة: من شأن هذا الازدواج أن يؤدي إلى حدوث إسهال شديد مع مضاعفات أخرى غير مرغوبة.
الأعشاب المُدرّة
تتميز طائفة الأعشاب المُدرة بقدرتها على تحفيز الجسم على إدرار سوائل معينة، وخصوصا البول والدموع والعرق، إلى جانب الحليب لدى النساء المرضعات.
• أمثلة:
-الخرشوف
-عشبة الجينستاو
-الكرفس
- البلسان
- العرعر
• التداخلات المحتملة:
- مع العقاقير المدرة: تؤدي إلى حدوث زيادة كبيرة في معدل الادرار مع هبوط نسبة البوتاسيوم في بلازما الدم.
- مع العقاقير المعالجة لعدم الانتظام القلبي: تكبح مفعولها وتتسبب في هبوط نسبة البوتاسيوم في بلازما الدم.
- مع العقاقير المخفضة لضغط الدم: تتسبب في زيادة مفعولها بما قد يؤذي المريض أو حتى يعرّض حياته للخطر.
- مع عقاقير معالجة جميع أشكال مرض الذهان النفسي: تتسبب في زيادة تأثير عنصر الليثويوم، مع احتمال تسمم الدم به.
- مع العقاقير المهدئة والمنومة: تزيد احتمالات مخاطر التسمم بمكونات تلك العقاقير.
- مع العقاقير المعالجة لداء السكري: تتسبب في إحداث تأثيرات عكسية ومتضادة.
- مع عقاقير الكورتيزون:تسهم في زيادة معدل فقدان الجسم لعنصر البوتاسيوم.
الأعشاب المنشطة للقلب
هناك مجموعة كبيرة من الأعشاب الطبية التي تحوي مواد ومركبات كيميائية طبيعية تسهم في تنشيط أداء القلب وتدفق الدم في الدورة الدموية.
• أمثلة:
- عشبة الجينيستين
- عشبة الجمل
- الحلبة
- عنب الديب
- بقلة الملك
- الزنجبيل
- البقدونس
- الزعرور البري.
• التداخلات المحتملة:
- مع العقاقير المنشطة للقلب: تتسببب في زيادة مفعول تلك العقاقير وتنجم عن ذلك مضاعفات خطيرة جدا قد تهدد حياة المريض.
- مع العقاقير المعالجة لعدم الانتظام القلبي: تعرقل تأثيرها وبالتالي لا يستفيد المريض منها.
- مع عقاقير المرخية للعضلات: تؤدى إلى اصابة المريض بعدم الانتظام القلبي.
الأعشاب المخفضة لضغط الدم
هي مجموعة من الأعشاب الطبية التي يساعد تعاطيها على تخفيض ضغط الدم المرتفع لدى المرضى المصابين بارتفاع مزمن في ضغط الدم.
• أمثلة:
- الكركديه
- حشيشة الملاك
- الحلبة
- الفوقس (الطحلب الأسمر)
- بقلة الملك
- الثوم
- الزنجبيل
- الزعرور البري
- الفجل الحار
- عشبة الفراسيون
- القَرّاص
- البقدونس
- الجزر البري
- الصفصاف
• التداخلات المحتملة:
- مع العقاقير المدرة للبول: تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، وصعوبة التخلص من البول
- مع العقاقير المخفضة لضغط الدم: تسهم في مضاعفة مفعول تلك العقاقير، بما يستثير تأثيرات جانبية مؤذية.
- مع العقاقير المحاكية للجهاز العصبي السمبثاوي:تتسبب في تضاد مفعولهما.
- مع عقاقير التخدير العام: تؤدي إلى زيادة انخفاض ضغط الدم إلى مستوى خطير.
الأعشاب الرافعة
لضغط الدم
تساعد هذه الفئة من الأعشاب على رفع ضغط الدم، ولهذا فإنها مفيدة للأشخاص الذين يشتكون من انخفاض مزمن في ضغط الدم.
• أمثلة:
- الفلفل
- الزنجبيل
- عشبة ساق الحمام (الفيرفين)
- حشيشة السعال.
• التداخلات المحتملة:
- مع العقاقير المخفضة لضغط الدم: تساعد على تضاد مفعوليهما.
- مع العقاقير المحاكية للجهاز العصبي السمبثاوي: تسهم في زيادة فرط ضغط الدم.
الأعشاب المضادة
لتجلط الدم
هناك أعشاب طبية معينة ذات خصائص طبيعية تكافح مشكلة تجلط (تخثر) الدم لدى بعض المرضى.
• أمثلة:
- الفصفصة (البرسيم الحجازي)
- اليانسون
- الكرفس
- البابونج
- القرنفل
- الحلبة
- الطحلب الأسمر
- الزنجبيل
- الفجل الحار
- الصفصاف
• التداخلات المحتملة:
- مع العقاقير المضادة لتجلط الدم: تؤدي إلى زيادة مفعولها، مع احتمال زيادة سيولة الدم وحدوث نزيف.
- مع عقاقير أمراض الجهاز الحركي: تتسبب في إحداث تأثيرات عكسية ومضادة.
- مع العقاقير المدرة للبول وللدموع: تسهم في زيادة مفعول تلك العقاقير، مع ما ينجم عن ذلك من ظهور أعراض مرتبطة بالتسمم.
الأعشاب المهدئة للأعصاب
تضم هذه الفئة عددا من الأعشاب ذات التأثيرات المرخية للجهاز العصبي، وخصوصا لدى الأشخاص المصابين باضطرابات ذهانية نفسية.
• أمثلة:
- الكرفس
- البابونج
- عرق النجيل
- القَرّاص
- المريمية
- الجزر البري
• التداخلات المحتملة:
- مع العقاقير المضادة للحساسية: تؤدي الى زيادة مفعول تلك العقاقير، وبالتالي وإحداث أعراض جانبية عكسية.
- مع العقاقير المنومة والمضادة للقلق: تسهم في زيادة مفعولها.
– مع عقاقير معالجة الذهان النفسي: تؤدي الى زيادة تأثير المهدئ إلى درجة غير مرغوبة.
الأعشاب ذات
التأثير الهرموني
هي تلك الأعشاب التي من بين تأثيراتها أنها تحفز افرازات هرمونية معينة في الجسم.
• أمثلة:
- الفصفصة (البرسيم الحجازي)
- اليانسون
- الفوقس (الطحلب الأسمر)
- الفجل الحار
- الجزر البري
- عشبة ساق الحمام
• التداخلات المحتملة:
- مع عقاقير الكورتيزون: تتسبب في احتباس كميات من الماء والصوديوم في الجسم.
- مع هرمونات الجنس: تستثير تأثيرات عكسية.
- مع عقاقير منع الحمل: تؤدي إلى إضعاف مفعول تلك العقاقير.
الأعشاب المثيرة للحساسية
تحوي معظم الأعشاب الطبية مركبات كيميائية طبيعية قد تستثير شكلا من أشكال الحساسية لدى بعض الأشخاص الذين لديهم استعداد للتحسس.
• أمثلة:
- اليانسون
- المشمش
- زهرة العطاس (الأرنيكا)
- الخرشوف
- القرفة الصينية (الكاسيا)
- الكرفس
- البابونج
- القرفة
- الثوم
- العرعر
- البقدونس
• التداخلات المحتملة:
- مع معظم العقاقير الصيدلانية: تستثير أشكالا متنوعة من الحساسية الجلدية.
- مع عقاقير معالجة الحساسية ضد الضوء: تؤدي إلى تفاقم حدة ذلك النوع من الحساسية.
- مع عقاقير معالجة حساسية الجهاز التنفسي: تتسبب في استثارة تهيجات تنفسية حادة.