«مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ»... سلسلة مفتوحة تستعرض مزروعات فيها فوائد علاجية ووقائية
الأعشاب... وحُلم «ينبوع الشباب»
منذ فجر التاريخ البشري وحتى الآن، راود حلم اكتشاف «ينبوع الشباب» مخيلة الإنسان الذي ما زال مستمرا في سعيه إلى تحقيق ذلك الحلم.
فلطالما بحث الإنسان بين ثنايا الطبيعة عن «ترياق» سحري يستطيع إطالة العمر، والمحافظة على طاقة ومظهر الشباب لأطول فترة ممكنة. وفي الماضي، وصلت رحلة البحث عن «إكسير الحياة الأبدية» إلى درجات جعلت الإنسان يجرب استخدام مواد وخلطات كثيرة وعجيبة، بما في ذلك مساحيق الأحجار الكريمة، والزئبق، بل وحتى عظام النمور والصقور. لكن اتضح مع مرور الوقت أن تلك الوصفات والتركيبات غير المدروسة علميا لم تكن مجدية، بل أن بعضها كان ساما أو قاتلاً.
لكن مع استمرار المحاولات والتجارب وتطور الأبحاث العلمية، ظهرت تباعاً وصفات أثبتت جدواها إلى درجة تستحق معها أن نطلق عليها مجازاً لقب «ينبوع الشباب»، حيث إنها فعالة في استعادة أو تجديد الحيوية، وتحقيق أقصى قدر من الشعور بالعافية، وتحسين فرص مواصلة التمتع بالصحة حتى مع تقدم العمر وصولا إلى ستينات العمر.
ولوحظ أن معظم تلك الوصفات المجددة للشباب والحيوية تأتي من مملكة الأعشاب، وتشمل مكونات رخيصة الثمن ومتاحة للجميع كالثوم والكزبرة والهندباء مثلا، كما أنها تشمل مكونات أخرى غير شائعة كأعشاب الجينسنغ وفطر مايتاكي النادر الذي كان في وقت من الأوقات حكرا على طبقة الملوك والأمراء فقط.
ولأن الخيارات التي تتخذونها يومياً في ما يتعلق بالكيفية التي تعيشون بها تحدد إلى حد كبير مدى صحتكم وعافيتكم العامة مع التقدم في العمر، فإن الاقتراحات التي نضعها بين أيديكم اليوم سترشدكم إلى استكشاف طرق يمكنكم من خلالها أن تستفيدوا من الأعشاب لتحتفظوا بأكبر جزء من حيوية الشباب لأطول فترة ممكنة وصولا إلى سنوات الشيخوخة.
وتتمحور حلقة اليوم حول 5 من أهم أساسيات التمتع بالشباب من داخل الجسم وخارجه، وهي:
* شباب القلب والأوعية الدموية.
* شباب الجلد والبشرة.
* شباب العظام.
* شباب الحيوية (البدنية والذهنية والنفسية) ...
* شباب المناعة الطبيعية.
فإلى «ينبوع الشباب»... لننهل منه...
منذ أوائل الثمانينات تحديدا، أفرزت آلاف من الأبحاث العلمية والدراسات الأكاديمية كمية هائلة من الحقائق والمعلومات عن كيفية الحفاظ على الحيوية البدنية والذهنية طوال الحياة.
وصحيح أنه ليس من الممكن التوقف عن التقدم في السن، ولكن من الممكن إبطاء سرعة التغيرات الجسمية والعقلية التي تنجم عادة عن الشيخوخة، وذلك من خلال اتباع نظام غذائي صحي وانتهاج نمط حياة متوازن، إلى جانب «كلمة سر» تتمثل في استخدام أعشاب معينة من أجل المحافظة على استقرار الصحة والعافية عند أقرب مستوى ممكن لما كانت عليه في مرحلة الشباب.
شباب القلب والأوعية الدموية
من شبه المؤكد أنك تعلم أنه يمكنك أن تحكم في عوامل الخطر الخاصة بأمراض القلب عن طريق اتباع نظام غذائي منخفض الدهون المشبعة، وممارسة التمارين بانتظام وضبط الضغوط الإجهادية التي تتعرض لها في حياتك اليومية. لكنك قد لا تدرك أن هناك فوائد صحية أخرى كثيرة يمكنك أن تجنيها في شكل خفض مستويات الكوليسترول في دمك، والحفاظ على مرونة شرايينك، وضبط ضغط دمك عند مستويات طبيعية - وكل ذلك من خلال تعاطي أعشاب معينة.
وفي حين توجد أسماء كثيرة يمكننا ترشيحها في هذا الصدد، فإن الثوم وعشبة الزعرور يُعتبران من بين المقويات العشبية الأقوى فعالية في دعم صحة القلب والأوعية الدموية، ناهيك عن شيوعهما ورخص ثمنهما نسبيا بما يجعلهما في متناول الجميع على مدار العام تقريبا.
فالثوم له مفعول سحري في تخفيض نسبة الكوليسترول الضار (LDL) في الدم والدهون الثلاثية، ويساعد في الوقت ذاته على زيادة الكوليسترول النافع (HDL). وإلى جانب ذلك، يتمتع الثوم بخصائص ومكونات تعمل على تخفيض ضغط الدم المرتفع وتقليص خطر حدوث الجلطات الدموية الخطيرة التي تتسبب في انسداد الشرايين.
وفي الأحوال العادية، لا يحتاج جسم الشخص البالغ سوى إلى فص واحد أو فصين من الثوم يوميًا لحماية جهازه القلبي والوعائي الدموي.
والثوم النيء يحوي خصائص أكثر فعالية من الثوم المطبوخ، ولكن كلا الشكلين مفيد. أما إذا كنت لا تستطيع لأي سبب أن تتحمل الثوم الطازج او المطبوخ، فيمكنك أن تتعاطى مستخلصًا صيدلانيا معتمدا يوفر جرعة يومية لا تقل عن 10 مليغرامات من مادة الـ«أليين» (سلفوكسيد)، وهي الجرعة التي تساوي ما يحويه فص واحد من الثوم الطازج.
أما عشبة الزعرور فإنها تتميز بكون ثمارها الصغيرة الشبيهة بالكرز غنية بمركبات مضادة للأكسدة ذات صلة خاصة بتعزيز صحة القلب والشرايين، حيث إنها تزيد معدل تدفق الدم إلى القلب، وتثبت وتيرة النبض، وتعزز مرونة الشرايين، وتخفض ضغط الدم المرتفع.
ويمكنك أن تتناول الزعرور الخام كشاي مغلي في ماء ساخن، أو في صورة مستحضر صيدلاني كمستخلص سائل أو ككبسولات. ولإعداد شاي الزعرور، صب كوب من الماء المغلي على ملء ملعقتين صغيرتين من مسحوق ثمار الزعرور المجففة. وبعد نقع المشروب لمدة 15 دقيقة، قم بتصفيته واشرب منه بمعدل 2 إلى 3 أكواب يوميا.
لكن ينبغي التنبيه إلى أنه إذا كنت تعاني من مرض في القلب أو الأوعية الدموية، فلابد لك من أن تلجأ إلى طبيب أو اختصاصي تعذية ليحدد لك ما إذا كان تعاطيك لمستخلصات الزعرور السائلة سيكون مفيدًا أو ضارا بالنسبة لك. وأيضا، إذا كنت تتعاطى أي أدوية لأمراض القلب، فاحرص على استشارة طبيبك المعالج أولا كي يرشدك إلى الصواب، وذلك لأن هناك احتمال حدوث تداخلات عكسية غير مرغوبة.
شباب الجلد والبشرة
إن معظم التغيرات الخارجية التي تطرأ على جلدك وبشرتك وتعكس أعراض الشيخوخة هي نتائج لعوامل عدة نذكر من بينها: عدم ممارسة التمارين، وقلة النوم، والإجهاد، ونقص العناصر الغذائية الأساسية الضرورية لصحة الجسم ككل. لذا، فإنه من البديهي أن المحافظة على مظهرك الشاب تتناسب طرديا مع زيادة الاهتمام الذي توليه بغذائك الصحي، وبممارسة التمارين الرياضة بانتظام، وبالحصول على قسط كافٍ من النوم وبالحد من التوتر في حياتك.
لكن في موازاة ذلك، يمكنك أيضًا المحافظة على شباب جلدك وبشرتك بشكل كبير عن طريق تعاطي مواد ومركبات طبيعية تحفز وتنشط عملية تجديد خلايا الجلد.
وهناك أعشاب معينة مفيدة بشكل خاص في استعادة المظهر الشاب إلى الجلد عند استخدام مستخلصاتها موضعيا. ومن أبرز تلك الأعشاب عشبة السنفيتون (الشهيرة بلقب «أذن الحمار») الغنية بالمركب الكيميائي الطبيعي «آلانتوين» الذي يحفز عملية تكوين خلايا جلد جديدة. وتقوم بالدور الموضعي ذاته مستخلصات أعشاب أخرى نذكر من بينها: إكليل الجبل (الروزماري)، والخزامى (اللافندر)، والورد.
ومن بين أفضل العلاجات الموضعية غير العشبية التي تفيد على استعادة نضارة الجلد والبشرة، هناك المستحضرات الصيدلانية التي تحوي أحماض «ألفا هيدروكسي». فهذه الأحماض اللطيفة تعمل عن طريق تفكيك المادة الغرائية اللاصقة التي تربط بين خلايا الطبقة الخارجية من الجلد، وهو التفكيك الذي يسرع عملية طرح والتخلص من خلايا الجلد الميتة لإفساح الطريق لتكوين خلايا جلدية شابة جديدة. وهكذا فإن الاستخدام الموضعي لأحماض ألفا هيدروكسي يسهم في تحسين مظهر وملمس ولون البشرة، وتقليل خطوط التجاعيد الدقيقة، وتقليل البقع الجلدية التي تظهر مع تقدم السن، وجعل المسام الجلدية تبدو أصغر. وللحصول على نتائج ملموسة، يحتاج الأمر إلى استخدام مستحضرات هذه الأحماض بانتظام لمدة شهرين أو أكثر تحت إشراف طبي.
شباب العظام
على الرغم من أن عظامك تبدو صلبة، إلا أنها في الواقع تتألف من نسيج حي نشط وتعتمد كثافته على عوامل معينة. ولأن جسمك يقوم باستمرار بعملية هدم وإعادة بناء أنسجة عظامك، فإنه يمكنك أن تزيد قوة تلك العظام من خلال نظامك الغذائي، وممارسة التمارين التي تعتمد على رفع أثقال متوسطة.
لكن إلى جانب ذلك، فإن للأعشاب الغنية بالمعادن الغذائية دورا فائق الأهمية في إعادة بناء العظام وحمايتها من الإصابة بالهشاشة ومساعدتها كي تحتفظ بجزء لا بأس به من صلابة الشباب.
والكالسيوم هو أهم معدن غذائي للحفاظ على صحة العظام، ولكن الألبان ومشتقاتها ليست هي المصدر الوحيد له كما أنها ليست المصدر الأفضل. ولا هي الأفضل. فأجسام كثير من الناس تواجه صعوبة في استخلاص الكالسيوم من الألبان ومنتجاتها، علاوة على أن منتجات الألبان تحوي نسبا عالية من الفوسفور الذي يعيق امتصاص الجسم للكالسيوم. وبعيدا عن الأبان ومشتقاتها، فإن الأطعمة الأخرى التي تعتبر مصادر ممتازة للكالسيوم تشمل الخضراوات الورقية الداكنة، وأسماك السردين، واللوز، والأجبان النباتية، وبذور السمسم.
وصحيح أن الأعشاب الغنية بالكالسيوم والمعادن الأخرى المقوية للعظام لا تستطيع وحدها أن تمنع الاصابة بهشاشة العظام، لكنها تستطيع أن تسهم في بناء والحفاظ على قوة العظام.
وهناك أعشاب كثيرة تعتبر مصادر جيدة للمعادن الغذائية اللازمة لبناء العظام. وعلى رأس القائمة نذكر على سبيل المثال: الهندباء البرية الخضراء، والبقدونس، والجرجير.
وفي الواقع، فإن عشبة الهندباء تحديدا هي واحدة من العشبيات الورقية الأكثر احتواء على مغذيات - فأوراقها تحتوي نسبا من الكالسيوم والحديد أعلى من السبانخ، فضلا عن أنها مصدر جيد لمعادن المغنيسيوم والفوسفور والزنك.
ولأوراق الهندباء الخضراء نكهة لذيذة مع مذاق مرارة خفيف، وتكون مثالية وعالية الفوائد عن طهيها على البخار (سوتيه) أو أكلها طازجة ضمن مكونات سلطة خضراء.
شباب الحيوية الشاملة
بشكل خاص بعد سن الأربعين، يرتبط مستوى حيويتك الشاملة (البدنية والذهنية والنفسية) بمدى رعايتك لجسمك وعقلك وروحك. فعلى المستوى النفسي والروحي، تنبع حيوتك من تحقيقك للأشياء التي تريد تحقيقها في حياتك – وخصوصا الأشياء التي تجعلك متلهفا للاستيقاظ من أجلها كل صباح. أما الحيوية البدنية فإنها تتحقق لك من خلال من تغذية جسمك بطريقة سليمة وصحية، وممارسة شكل من التمارين الرياضية المنتظمة التي تستمتع بها، إلى جانب حصولك على قدر كاف من النوم الهادئ والعميق.
ومن المهم هنا التنبيه إلى أن هناك «لصوصاً» يسرقون طاقة الجسم والذهن، ومن أبرز أولئك اللصوص الكافيين وسكر المائدة اللذان يعتمد عليهما كثيرون على مدار اليوم. وصحيح أنه من المفيد تعاطي كمية معقولة من مثل تلك المواد بين الحين والآخر، لكن تعاطيهما بإفراط يشكل عبئا على الجسم بما يستنزف مخزون شبابه ويسرِّع وتيرة شيخوخته البيولوجية.
لذا يستحسن أن تستغني قدر المستطاع عن معززات الطاقة قصيرة الأمد التي توجد في الكافيين والسكر، وأن تستعيض عنها بأعشاب مقوية معينة كالجينسنغ الآسيوي والجينسنغ الأميركي والجينسنغ السيبيري على سبيل المثال. فهذه الأعشاب تحديدا فعالة جدا في تجديد الحيوية البدنية والذهنية كما تساعد على التكيف بسهولة أكبر مع الضغوطات النفسية، ويعود الفضل في ذلك إلى أنها تعمل بكفاءة عالية على تنشيط افرازات الغدد الكظرية.
وبشكل خاص، فإن الجينسنغ الآسيوي هو النوع الأكثر فعالية بين أقرانه، ويُنصح به لأولئك الذين يعانون من حالات الوهن الشديد في الطاقة العامة.
لكن لأن مفعول الجينسنغ الآسيوي قوي جدا إلى درجة أنه قد يستثير بعض أعراض تهيج الأعصاب والأرق وارتفاع ضغط الدم لدى بعض الأشخاص، فإن الجينسنغ الأميركي والجينسنغ السيبيري أقل استثارة وبالتالي فإنهما يعتبران عموما أكثر أمانا بالنسبة لمعظم الناس.
وعشبة الجينسنغ متوافرة في مجموعة متنوعة من الأشكال، بما في ذلك المستخلصات السائلة والكبسولات والأقراص. ولأن مستحضرات الجينسنغ تتفاوت بشكل كبير في مدى التأثير والفاعلية، فإنه من المهم جدا الحرص على اتباع إرشادات الشركة المصنّعة بخصوص الجرعة وتحذيرات الاستخدام، وهي الإرشادات والتحذيرات التي تأتي مدونة على ملصق المستحضر.
وعلى الأرجح، سيحتاج الأمر إلى أن تتعاطى جرعات يومية منتظمة من الجينسنغ لمدة شهر أو أكثر قبل أن تُلاحظ تحسنًا ملموساً في مستوى حيويتك، وبعد ذلك يمكنك أن تتوقع زيادة في طاقتك العامة وفي شعورك باستعادة جزء معقول من الشعور بالعافية. وإذا تعاطيت الجينسنغ الآسيوي أو الأميركي، فتناوله وفقا للإرشادات لمدة شهر واحد، ثم توقف عن الاستخدام لمدة شهر واحد قبل أن تستأنف الجرعة ذاتها ثانية. ويمكنك أن تكرر هذه الدورة حتى ثلاث مرات، حسب احتياجك. أما إذا تعاطى الجينسنغ السيبيري، فمن الآمن أن تأخذ الجرعة بشكل مستمر.
شباب المناعة الطبيعية
مع تقدم جسمك في العمر، تبدأ مناعته الطبيعية في التراجع تدريجيا. وكنتيجة لذلك، تتمكن بعض الميكروبات الضارة والخلايا الطافرة من الهروب من آليات المراقبة الداخلية الخاصة بجهاز المناعة. لذا، فإن الحفاظ على نظام مناعتك قوياً هو أحد أهم الخطوات التي يمكنك اتخاذها لدرء الأمراض الشائعة كنزلات البرد والإنفلونزا، فضلاً عن الأمراض التنكسية الخطيرة كالسرطان.
ويمكنك أن تعزز نظام مناعتك عن طريق اتباع نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا، وهي المضادات التي توجد بكثرة في الفواكه والخضراوات ذات اللون الأصفر البرتقالي الغامق والخضرة المورقة. ويستحسن أن تتناول خمس حصص على الأقل من الخضراوات والفاكهة يومياً. وإلى جانب ذلك، اغرس في نظامك الغذائي عادة تنكيه أطعمتك بكميات مناسبة من أعشاب وتوابل الطهو، بما في ذلك على سبيل المثال الريحان والثوم والبقدونس والزنجبيل والشمر، والمردقوش والكمون وإكليل الجبل والكزبرة. فجميع هذه الأعشاب والتوابل تنطوى على نشاط قوي مضاد للأكسدة.
كما أن أعشاباً مقوية أخرى - مثل عشبة القَتَاد (أسترالاغوس)، وفطر (ماشروم) مايتاكي الطبي، وفطر شيتاكي، وفطر لينغزهي - مفيدة جدا لتقوية جهاز المناعة، وعندما تؤخذ بانتظام فإنها تسهم في تعزيز مقاومة الجسم ضد أشياء كثيرة ابتداء من نزلات البرد العادية ووصولا إلى بعض الأمراض السرطانية.
وهذه الأنواع المذكورة آنفا يمكن أن تكون متوافرة في مجموعة متنوعة من الأشكال سواء في أشكالها الطبيعية الخام أو كمستحضرات صيدلانية معتمدة. فمن الممكن مثلا العثور على فطر شيتاكي و فطر مايتاكي في شكلهما الطازج أو المجفف في متاجر معينة، وتكون هذه الأنواع من الفطر شهية ولذيذة المذاق عند إضافتها إلى الحساء وإلى البطاطا المقلية.
وصحيح أن عشبة القتاد قاسية وليس من السهل مضغها، لكن شرائح جذورها المجففة يمكن أن تُغَلى في الحساء أو أن يُصنع منها شاي خفيف لطيف المذاق. كما أن فطر لينغزهي قاس وخشب القوام وله نكهة مريرة، لكن يمكن أيضا إعداده في شكل شاي.
وجميع هذه الأعشاب المعززة للمناعة متوافرة كمستخلصات سائلة وكمساحيق في كبسولات، لكن ينبغي كما أشرنا آنفا اتباع إرشادات وتحذيرات الشركة المصنعة بخصوص الجرعة ومحاذير الاستخدام.
«ينبوع الشباب»... حقيقة أم خيال؟
منذ آلاف السنين، تواترت قصص وحكايات أشبه بالأساطير عن وجود «ينبوع الشباب» الذي من المفترض أنه عين فيّاضة تمنح شبابا دائما ومتجددا لكل من يشرب من مائها أو يستحم به!
وقديما، جاءت إشارات إلى فكرة «ينبوع الشباب» في كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد، وفي قصائد شعرية رومانسية نظمها الاسكندرالأكبر المقدوني في القرن الثالث الميلادي، وفي كتابات الكاهن يوحنا خلال الحروب الصليبية الأولى.
كما أن الفكرة الحالمة ذاتها تناقلتها أجيال سكان منطقة الكاريبي الأصليين منذ العصور الوسطى من خلال حكايات فلكلورية تحدثت عن ينبوع يوجد في جزيرة نائية تدعى «بيميني»، وتتدفق منه مياه سحرية عجيبة تجدد شباب جسم وعقل ونفس من يشرب منها. لكن تلك الأسطورة أصبحت أكثر رسوخا منذ أن ارتبطت في القرن السادس عشر بالمستكشف الإسباني خوان بونثي دي ليون الحاكم الأول لبويرتو ريكو. وتقول سجلات تاريخية إن دي ليون قام في العام 1513 برحلة استكشافية بحثا عن ذلك الينبوع. وأبحر بونثي دي ليون باحثا عن تلك الجزيرة في شمال غربي جزرالباهاماس، لكنه لم يهتد إليها لأن «جيشا من الجن يحرسها ويضلل كل من يحاول الوصول إليها»!
لكن حلم «ينبوع الشباب» لم يكن الوحيد من نوعه عبر التاريخ البشري، فهناك عشرات من الأساطير المشابهة التي حملت القدر نفسه من الخيال الحالم، بما في ذلك أساطير عن وجود «إكسير الحياة الأبدبة» و«حجر الفلاسفة»، و«أرض الخلود».
وفي حين ما زال سعي الإنسان إلى اكتشاف «ينبوع الشباب» مستمرا بطرق متنوعة، فإن المفارقة تكمن في أن الأرجح هو أن ذلك الحلم لن يتحقق حرفيا إلا في «الحياة الآخرة»... وهي الحياة الأبدية التي لا وصول إليها إلا من خلال «الموت»!