«وصفَة» حسابية متوازنة في هيئة مُعادلة جَبْريِّة صاغتها الدكتورة شيماء الكندري

10 س + 10 ص + 5 ع = علاقة مثاليّة بين الطبيب والمريض!

تصغير
تكبير

بمفهومها الشامل، تنطوي العلاقة بين الطبيب والمريض على جوانب وأبعاد بالغة الأهمية، حيث إنه في ضوئها يتمكن الطرف الأول من القيام بمهامه بالشكل المهني المناسب بما يفيد الطرف الثاني على الوجه الأكمل. لذا، ينبغي أن تنشأ رابطة تفاعلية وتواصلية سليمة ومتكاملة بينهما طوال فترة العلاج وما بعدها، مع الحرص على ألا يؤثر ذلك سلبياً على أي من الطرفين.
لكن المشكلة الشائعة في مجتمعاتنا الشرقية على وجه الخصوص تكمن في أن تلك العلاقة قد تعتريها بعض أوجه القصور، أو قد تكون في أغلب حالاتها سطحية ومنقوصة، أو قد تشوبها تجاوزات من أحد الطرفين.
وانطلاقا من حقيقة أن غاية تلك العلاقة تتمحور بشكل أساسي حول السعي إلى ضمان تحقيق التشخيص السليم والعلاج الصحيح، فإن هذا يستوجب خلق نوع من التوازن بين الطرفين في ما يتعلق بحقوقهما وواجباتهما إزاء بعضهما البعض، إلى جانب بعض التصرفات التي ينبغي على المريض أن يراعيها إزاء الطبيب سواء في داخل العيادة أو في الأماكن والمناسبات العامة.
لذا، وعلى غرار معادلات عِلم الجبر، صاغت اختصاصية الأمراض الجلدية والتناسلية الدكتورة شيماء الكندري العملية الحسابية المسطورة في العنوان الرئيسي لحلقة اليوم، وهي المعادلة التي ترمز بالحرف «س» إلى «سجايا» أساسية ينبغي أن تتوافر في شخصية كل طبيب، وبالحرف «ص» إلى «صفات» ينبغي أن يتحلى بها كل مريض في علاقته مع الطبيب، بينما ترمز بالحرف «ع» إلى «عموميات» تفاعلية ذات صلة بتداخلات المريض مع طبيبه خارج إطار العيادة. وتجمع المعادلة عناصر تلك الرموز الثلاثة معا لتستخلص منها الدكتورة الكندري ناتجاً حسابياً قوامه «علاقة مثالية متوازنة بين الطبيب والمريض».

أولا: 10 س... سجايا الطبيب

هناك عشر سجايا (10 س) أساسية ينبغي أن يتحلى بها أي طبيب، حيث تقع على عاتقه مسؤوليات مهنية وأخلاقية عدة يتعين عليه أن يحافظ عليها من خلال المحافظة على الأخلاقيات والخصائص التالية:

1 - عدم التمييز سلبياً
ما من شك في أن التمييز السلبي مرفوض ومنبوذ في شتى المجالات، لكنه يكون ممقوتا أكثر في مجال الطب. لذا، فإنه من الواجب أخلاقيا على كل طبيب أن يحرص على عدم ممارسة أي تمييز سلبي إزاء مرضاه سواء على أساس الجنسية أو اللون أو الدين أو غير ذلك، وهو الالتزام الذي ينسجم مع ما جاء في سياق نص قسم الأطباء: «... وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلاً رعايتي الطبية للقريب والبعيد، والصالح والخاطئ، والصديق والعدو». (طالع الكادر المرفق المعنون: «القَسَم الدستوري... للطّب الإسلامي»

2 - الإنصات... والصبر
أثبتت نتائج دراسات نفسية أن العوامل النفسية تلعب دورا كبيرا في تسريع الوصول إلى الشفاء من كثير من الأمراض العضوية. ومن أهم تلك العوامل النفسية أن يجد المريض من يُنصت إليه ويستمع إلى ما يعتمل في صدره من هواجس وما يؤثر على بدنه من مواجع. وحبذا طبعا إذا كان الشخص المنصت هو الطبيب المعالج الذي يعلم المريض أنه أكثر الناس إدراكا لمدى قسوة تلك الهواجس والمواجع.
لذا، فمن حق المريض على طبيبه أن يعطيه أذنا منصتة وأن يبدي له أنه مهتم جدا بمشكلته الصحية ومتفهم لطبيعتها، حتى وإن كان الطبيب يعلم جيدا أن تلك المشكلة روتينية وبسيطة ولا تستحق القلق الذي يساور نفس المريض. فمن خلال إبداء قدر مناسب من سعة الصدر والتفهم إزاء التشوش الذي يسيطر على أفكار وتصرفات وكلام المريض، ينبغي على الطبيب أن يمنح هذا الأخير وقتا كافياً كي يتحدث عن تفاصيل مشكلته، ثم بعد ذلك يبدأ في تهدئة مخاوفه كي يكسب ثقته تمهيدا لبدء التشخيص والعلاج.
وصحيح أن معظم المرضى يميلون إلى الرغبة في إطالة مدة تجاذب أطراف الحديث مع الطبيب المعالج كي يستفسروا عن هواجس تقلقهم أو يعبروا عن تخوفات تساورهم. وصحيح أن معظم تلك الهواجس والتخوفات تكون عادة غير مبررة ومستندة إلى تصورات مغلوطة، لكن هذا الأمر لا يمنح أي طبيب الحق في أن يسارع – بذريعة أنه ليس لديه وقت - إلى زجر المريض بطريقة فيها شيء من الفجاجة وتوحي بتأففه ونفاد صبره.
فبدلا من إنهاء الحوار بأسلوب جارح لمشاعر المريض الذي يكون دائما في حاجة ماسة إلى أي دعم وجداني ونفسي، يستحسن أن يلجأ الطبيب إلى أسلوب ألطف يبث شيئا من الطمأنينة في نفسية المريض وفي الوقت ذاته يوضح له أن هناك مرضى آخرين ينتظرون أدوارهم كي يتلقوا الرعاية والاهتمام.

3 - شرح الحالة المرضية
الفرق الجوهري الذي يميز بين الطب البيطري والطب البشري هو حقيقة أنه من حق المريض البشري أن يتلقى من طبيبه شرحا مبسطا لطبيعة ودرجة حالته المرضية. وإذا لم يكن المريض مؤهلا أو قادرا على فهم الشرح، فينبغي على الطبيب أن يقوم بتوجيه الشرح إلى أحد أقربائه من الدرجة الاولى كالأب والأم والإخوة ومن في مقامهم.

4 - حفظ أسرار المريض
 منذ زمن الطبيب اليوناني أبقراط، صاحب لقب «أبو الطب»، كان وما زال من بديهيات الأخلاق المهنية في مجالات كثيرة - وخصوصا مجال الطب تحديدا - أن يحرص الطبيب على مراعاة المحافظة التامة والكاملة على سرية جميع المعلومات ذات الصلة بالمريض وبحالته المرضية.
ويفرض هذا الخلق المهني على الطبيب أن يحرص دائما وبصرامة على عدم افشاء أي من أسرار المريض المرضية أو الشخصية تحت اي ظرف، باستثناء الأمور التي تتعلق بالتشاور حول الحالة المرضية مع زملاء آخرين يتمتعون بذات القدر من الالتزام الأخلاقي بالسرية، مع مراعاة أنه يجوز عموما إطلاع أقارب المريض من الدرجة الأولى فقط بتفاصيل مرضه إلا إذا طلب المريض خلافا لذلك.

5 - عدم التعجرف
مما ينتقص من الأخلاقيات المهنية لأي طبيب أن يتعامل مع المريض بعجرفة أو استعلاء أو استخفاف، ظنا منه أن المريض غير مؤهل بما يكفي كي يفهم طبيعة المرض وأساليب التشخيص. وهذا يوقع مثل ذلك الطبيب في فخ التكبُّر دون أن ينتبه، فتراه «لا يعطي المريض وجها» ولا يسمح له بالتناقش في أي شيء ولا يمنحه فرصة أو وقتا كافيا ليستفسر عمل يقلقه أو يشغل باله.

6 - الاهتمام بالتعقيم
الاهتمام بإجراءات واحتياطات التعقيم هو واحد من أهم أساسيات العمل الطبي بشكل عام، وهو حق أساسي من حقوق كل مريض.
ولأن المريض لا يستطيع أن يتأكد من حصوله على هذا الحق، فإن المسؤولية تقع كاملة على عاتق الطبيب الذي يتعين عليه أخلاقيا ومهنيا أن يحرص جيدا على أن يشرف بنفسه على تطبيق كافة اجراءات واحتياطات التعقيم بين كل مريض والذي يليه.

7 - عدم الانتحال
يتمثل الانتحال عادة في أن يطلق الطبيب ألقابا مهنية رفيعة على نفسه إما بلا مسوغ أكاديمي معترف به أو بموجب شهادات تحوم حولها «شبهات». فللأسف الشديد، كشفت تقارير إعلامية قبل أسابيع قليلة عن قضية «الشهادات المزورة» التي فضحت كيف أن هناك من يحملون ألقابا مهنية بموجب شهادات غير معتمدة أو مشتراة بالمال، بما في ذلك شهادات العضوية في بعض الجمعيات الطبية العالمية المشبوهة التي لا تسعى سوى إلى جني الأموال، ويكون اشتراطها الوحيد تقريبا هو أن يدفع العضو المنتسب إليها مبلغا معينا من المال سنويا لتجديد تلك العضوية.

8 - نبذ الغيرة السلبية
صحيح أن الغيرة هي شعور بشري قد يعتري أي إنسان، ويكون ذلك الشعور مقبولاً وإيجابياً طالما بقي في حدوده الطبيعية بما يدفع صاحبه إلى السعي إلى تحسين أدائه كي يرتقي إلى مستوى نظرائه ومنافسيه. لكن المشكلة تبدأ عندما تتحول الغيرة إلى الاتجاه السلبي. فبعض الناس – وللأسف بمن فيهم بعض الأطباء بطبيعة الحال - قد تصيبهم مشاعر الغيرة السلبية إزاء نظرائهم أو زملائهم في المهنة، فتدفعه تلك الغيرة الهدّامة وغير المحمودة إلى تسفيه تشخيصهم وخطط المعالجة التي يصفونها لمرضاهم، فتكون نتيجة ذلك ان تتسرب الشكوك والحيرة إلى نفس المريض فتكون نتيجة ذلك أنه قد يرتبك ويتخبط بما يتسبب في تأخير شفائه، ناهيك عن أنه قد يفقد ثقته في معظم الأطباء.

9 - استشارة الأكثر خبرة
لسبب أو لآخر، يميل بعض الناس إلى عدم اللجوء إلى طلب مشورة من هم أكثر منهم خبرة ودراية. وقد يكون الدافع النفسي الذي يقف وراء ذلك هو إما خشية أن يؤخذ عنهم انطباع بأنهم لا يمتلكون الخبرة الكافية، أو ربما نزعة التكبر. وقد يقع بعض الأطباء في ذلك الفخ بطبيعتهم البشرية، فتكون النتيجة أن يستنكف الطبيب عند مواجهة صعوبة خلال تشخيص أو معالجة حالات مرضية عن اللجوء إلى زملائه الأطباء الأكثر خبرة وممارسة وبراعة في المجال ذاته. وبطبيعة الحال، فإن هذا سلوك يفتقر إلى أخلاقيات المهنة، وذلك لأنه يحرم المريض من حقه في أن يستفيد من أقصى فرص التشخيص والعلاج السليمين.
 
10 - تطوير الذات باستمرار
في جميع مجالات الحياة العملية، يجب على خريج الطب أن يحرص على تطوير ذاته ومعلوماته ودرايته باستمرار بعد التخرج، وألا يكتفي بما تعلمه خلال سنوات الدراسة. وينطبق هذا المفهوم بدرجة أكبر على خريجي الطب، بما يعني أنه من حقوق المرضى على كل طبيب أن يسعى جاهدا إلى متابعة أحدث التطورات والاكتشافات والأبحاث في مجال تخصصه وألا يتوقف عن التحصيل العلمي بعد حصوله على شهادة البكالوريوس. فمن شأن ذلك التوقف عن التحصيل والإطلاع أن يبقي الطبيب محبوسا في داخل دائرة معلومات محدودة وقديمة بما يحرم مرضاه من الاستفادة من المستجدات.
 ثانيا: 10 ص...  صفات المريض

ومن جهة ثانية، فإن هناك 10 صفات (10 ص) ينبغي أن يحملها كل مريض عند تعامله مع طبيبه المعالج، وخصوصا في المستشفيات العامة والخاصة.
فمن المؤسف أن بعض المرضى قد يغفلون عن احترام ومراعاة الخطوط الحدودية التي ينبغي أن تحكم وتضبط العلاقة مع الطبيب.  وفي أحوال غير قليلة، تنتج عن ذلك الأمر تجاوزات وإساءات إلى جانب مصادمات تنجم عن التسرع أو سوء الفهم، بما في ذلك أن بعض المرضى (أو ذويهم) يتعاملون مع الطبيب على أساس أن عليه تنفيذ كل ما يطلبونه حرفيا بما في ذلك أنواع الأدوية والتحاليل، أو كأنه موظف إداري يتعين عليه أن يخدمهم وقتما يشاؤون وتحت أي ظرف، أو متناسين أنه ينبغي التماس العذر للطبيب من منطلق أنه ليس في النهاية سوى إنسان قد يسهو أو يخطئ أحيانا، وقد يكون متأثراً بمشكلة اجتماعية. بل قد يصل الأمر أحيانا ببعض المرضى إلى عدم التمييز بين ما يحق لهم عند زيارة الطبيب في العيادة وبين حقوقه هو عندما يقابلونه بالمصادفة في مكان عام أو في مناسبة اجتماعية، حيث لا يتورعون عن محاصرته بالاستفسارات والاستشارات والشكاوى من بعض الأعراض المرضية.
لذا، من الأفضل أن يتحلى المرضى وذووهم بالصفات الـ10 التالية في تعاملاتهم مع مع الطبيب:
1- ان يتفهموا قيمة أمانة الطبيب إذا أخبرهم بأنه لا يستطيع تشخيص حالة مرضية أو أخرى أو أن يصف علاجا مناسبا لها. فمن قال «لا أعلم» فقد أفتى، كما يجب عليهم أن يتفهموا أن سبب عدم استطاعة الطبيب يكمن أساسا إما في أن تلك الحالة ليست في صميم تخصصه الدقيق، أو لأنها تحتاج إلى اختصاصي معين في المجال ذاته.
2- ان يتقبلوا نصائح وإرشادات وتحذيرات الطبيب بصدر رحب، وألا ينظروا اليها باعتبارها توبيخات أو اتتقادات تنتقص من كرامتهم.
3-أن يكونوا واعين ومدركين لفكرة أنه من الممكن أن تظهر أعراض جانبية غير مرغوبة عند تعاطي أنواع معينة من الأدوية التي يصفها الطبيب. ينبغي أن يتعايشوا مع حقيقة أن الطبيب ليس مسؤولا عن تلك الأعراض، لكن في الوقت ذاته من حقهم على الطبيب أن يسألوه قبل بدء تعاطي الأدوية عن الأعراض الجانبية المحتملة وأن يشرح لهم تلك الأعراض. وعند ذلك من حق المريض (أو ذويه) أن يوافقوا على العلاج أو يرفضوه.
4-مثلما هو حال أي إنسان، هناك حدود لطاقة صبر وتحمل الطبيب مهما كان صدره رحبا. لذا، يستحسن أن يراعي المريض عدم الإفراط في تفاصيل فرعية عند الطبيب، وأن يركز على شكواه المرضية الرئيسية، وذلك توفيرا لصبر الطبيب ورأفة بطاقته النفسية.
5- يجب على المريض أن يراعي حدود الوقت اللازم والكافي لدى الطبيب في العيادة، وهذا يعني أنه ليس مناسبا أن يصمم المريض على أن يمكث لفترة أطول مما يحق له فيحرم بذلك مرضى فلا يبقى معه أكثر من اللازم بالعيادة فيحرم مرضى آخرون من حقهم في تلقي الرعاية والاهتمام.
6- مراعاة أن هناك سلوكيات معينة لا ينبغي إتيانها في داخل العيادة أثناء تلقي الاستشارة أو المعاينة الطبية، بما في ذلك على سبيل المثال اصطحاب الأطفال من دون مبر مقبول، أو الرد على المكالمات والرسائل الهاتفية، أو حتى أحيانا الانشغال في تعديل الهندام أو تسريحة الشعر!
7- قد تبدو النصيحة التالية محرجة بعض الشيء، لكنها ضرورية ولا غنى عنها. فبعض المرضى لا ينتبهون إلى مسألة الاعتناء بنظافتهم الشخصية، بما في ذلك على سبيل المثال مسألة التخلص من روائح العرق وتنظيف الفم والأسنان جيدا للتخلص من الروائح الكريهة. ولهذا فإنه من حق الطبيب أن يراعي المريض هذا الأمر، وخصوصا إذا كانت الحالة المرضية تستوجب الفحص عن قُرب.
8- من المهم جدا أن يتفهم المريض أن بعض الأدوية والعلاجات تحتاج إلى وقت طويل نسبيا قبل أن تبدأ في تحقيق النتائج المرجوة منها. وفي كل الأحوال، فإن الطبيب ليس هو الذي يقرر المدى الزمني الذي سينبغي أن يبدأ الدواء خلاله في إحداث التحسن.
9- قد يكون «تعدد الزوجات» مسموحاً بها في الشريعة الإسلامية، لكن يجب أن يدرك المريض أنه ليس من مصلحته أن يمارس «تعدد العلاجات»! فبعض المرضى تستهويه فكرة التنقل المستمر من طبيب إلى آخر ومن عيادة إلى أخرى بحثا عن «علاج سريع» لحالته المرضية. وكنتيجة لذلك يقع المريض في فخ تعاطي أنواع كثيرة من الأدوية خلال فترة زمنية قصيرة، وهو السلوك الذي يتنافى مع المعايير العلاجية المتفق عليها عالميا، إذ إن ذلك قد يؤتي نتائج عكسية وخيمة، ناهيك عن أنه يؤخر الشفاء بسبب التفاعلات التداخلية العكسية المحتملة بين الأدوية المختلفة.
10- صحيح أن المرء قد يخجل أحيانا من الإفصاح عن بعض أموره أو سلوكياته الشخصية الحساسة، لكن هذا الخجل لا يكون في موضعه عند الإجابة عن أسئلة يوجهها الطبيب إلى مريض بغرض تشخيص حالته المرضية. لذا، يجب على المريض ألا يخفي أي معلومة قد يكون لها علاقة بمرضه. فالأصل هو أن الطبيب مؤتمن على جميع أسرار المريض، كما أنه لا يقوم بالحكم سلبيا على مرضاه من خلال ما يفصحون عنه من أسرارهم الشخصية حتى إذا كانت اعترافات بتعاطي مخدرات أو ما شابه ذلك من سلوكيات مذمومة.
ثالثا: 5 ع... عموميات تفاعلية

أما في ما يتعلق بالـ «5ع»، أو الـ«خمس عموميات»، فهي عبارة عن آداب يتطلب من المرضى وذويهم أن يراعوها عند التقائهم بالطبيب في مناسبات الاجتماعية أو في أماكن عامة خارج إطار العيادة. وتلك الآداب هي:
1- ليس من اللائق التطرق إلى مناقشة الطبيب حول مواضيع أو قضايا أو شكاوى طبية خلال وجوده في مناسبة اجتماعية أو في مكان ترفيهي. فوجود الطبيب في مثل تلك الأماكن أو المناسبات يعني بطبيعة الحال أن من حقه أن يستمتع بالحدث كالآخرين بعيدا عن أمور العمل، وخصوصا إذا كان مصطحبا أفراد أسرته.
2- ليس من اللباقة توجيه سؤال أو طلب استشارة من طبيب حول شيء خارج نطاق تخصصه.
3- يستحسن تجنيب الطرفين الشعور بالإحراج الذي ينجم عادة عندما يطلب شخصاً من طبيب رقم هاتفه الشخصي بذريعة الاتصال للاستفسار عند الضرورة.
4- ليس مناسباً أن يُطلب موعد من طبيب بطريقة شخصية مباشرة وهو خارج إطار العمل. فمسألة تحديد المواعيد يكون لها مسار آخر من خلال التواصل مع الشخص أو الموظف الذي يكون مكلفاً عادة بتنظيم المواعيد.
5- من غير المجدي عموما أن تطلب من طبيب استشارة طبية سريعة أو تشخيصا سريعا عندما تقابله خارج العيادة، حيث إن معظم الحالات تستدعي فحصاً سريرياً معيناً إلى جانب معدات وتجهيزات طبية خاصة، ناهيك عن تحاليل مختبرية معينة.

القَسَم الدستوريّ... للطّب الإسلاميّ

في يناير 1981، انعقد المؤتمرالعالمي الأول للطب الإسلامي في الكويت. وشهدت الدورة الاستهلالية لذلك المؤتمر إقرار «الدستور الإسلامي للمهنة الطبية»، وهوالدستور الذي تم في سياقه اعتماد الصيغة التالية لتكون قَسَما شاملاً أقره مجلس وزراء الصحة العرب واعتمدته رسميا الدول الأعضاء بما في ذلك دولة الكويت:
وفي التالي نص ذلك القَسَم الدستوري الطبي:
«أُقسِمُ بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي... وأن أصون حياة الإنسان في كل أدوارها... في كل الظروف والأحوال باذلاً وساعياً في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق... وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عورتهم، وأكتم سرّهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلاً رعايتي الطبية للقريب والبعيد، والصالح والخاطئ، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم، أسخِّره لنفع الإنسان، لا لأذاه... وأن أوقّر من علَّمني، وأُعلِّم من يصغرُني، وأن أكون أخا لكل زميل في المهنة الطبية متعاونين على البرِّ والتقوى، وأن تكون حياتي مصداقا إيمانيا في سرّي وعلانيتي، نقية مما يشينها تجاه الله ورسوله والمؤمنين... والله على ما أقول شهيد».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي