خلال محاضرة أقامها مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي
العبد الجليل: الرحالة الأجانب قديماً وصفوا الكويت ببلد الأمان والاستقرار
ضمن سلسة «حديث الإثنين» التي ينظمها مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي في إطار موسمه الثقافي، في القاعة المستديرة، حاضر مساء أول من أمس الباحث في تاريخ الكويت فهد غازي العبد الجليل عن «الكويت في عيون الرحالة الأجانب».
تحدث العبد الجليل عن الكويت بمشاهدها وظواهرها التي لاحظها الرحالة الأجانب الذين قاموا بزيارتها أو حتى مروا بها، وكذلك الذين كتبوا عنها في مذكراتهم، في الجوانب الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية، والجغرافية، ووصفهم الحياة فيها.
وركز العبد الجليل في ورقته البحثية، على الرحالة الذين زاروا الكويت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، نظراًلأهمية تلك الفترة، وندرة المعلومات المتعلقة بها في المراجع المتوافرة، وما تضمنته ملاحظاتهم من وصف الكويت ببلد الأمان والاستقرار.
وكشف العبدالجليل أن توثيق تاريخ الكويت بشكل عام اعتمد في بدايته على الروايات الشفهية، بسبب محدودية المصادر، وأن المؤرخين الأوائل في الكويت كتبوا مدوناتهم في فترة متأخرة وتحديدا في عام 1926، ومنهم المؤرخ عبد العزيز الرشيد رحمه الله، الذي اعتمد بشكل كبير على الرواية الشفهية، موضحا أن هؤلاء المؤرخين الأوائل اجتهدوا في وضع أساس قوي ومتين يساعد في خدمة المهتمين والباحثين في تاريخ دولة الكويت، وأشار إلى مجموعة من الكتب، التي اهتمت بتاريخ الكويت ومنها كتاب يوسف بن عيسى القناعي، الذي اعتمد على الرواية الشفهية، كونها الوسيلة الوحيدة التي كانت متاحة أمامهم آنذاك. حيث لا توجد وثائق أو أراشيف أو تقارير الوكالات التجارية يمكن الاستعانة بها.
وتطرق العبدالجليل إلى تطور التكنولوجيا وانفتاح العالم، مما يجعل الباحثين قادرين على التتبع والحصول على المراجع، وقال «الروايات الشفهية تنتهي بموت الراوي، وبصفتنا باحثين يتعين علينا دراسة مرحل انتقال هذه الروايات، هل مرّت بجيل واحد أم جيلين؟». وأضاف: «فقدنا الكثير من الروايات الشفهية، خصوصا في الثلاثة قرون الماضية، بسبب تفشي الجهل والأمية في شبه الجزيرة العربية، فكان هناك القليل من المدونين في المنطقة، كذلك كانت المنطقة تمر بظروف اقتصادية قاسية، وكانت هناك صراعات بين القبائل... كل هذه الأسباب أثرّت على التدوين قديما».
وأوضح العبد الجليل أن «أول من فتح باب التحدث عن كتب الرحالة في عام 1976، هو مصطفى أبو حاكمة، وقد ذكر بعض الرحالة ولو كان بشكل بسيط. وأنه في السابق كان هناك اهتمام من الحكومة الكويتية بتدوين تاريخ الكويت بشكل علمي باستخدام البحث العلمي، رغم وجود بعض الصعوبات».
وبيّن العبد الجليل أن المصادر المتعلقة بالكويت وشبه الجزيرة العربية قليلة مثل التي تتناول القرون 17، 18،19، مما جعل الباحثين يلجؤون إلى الشعر والروايات الشفهية، وأوضح أن الشعر لا يوثّق التاريخ بشكل كامل ويتضمن حوادث بسيطة.
وتطرق المحاضر إلى أهداف الرحالة الذين كانوا يسعون إليها من خلال زيارة المنطقة، ومنها البحث العلمي، والتجارة، أو تتبع ومعرفة الطرق التجارية، وكذلك هناك هدف سياسي يغلب عليه الطابع التبشيري.
وأعطى العبدالجليل أمثلة لأهم الرحالة مثل الرحالة كارستن نيبور الذي دون معلومات قيمة حصل عليها من صديقه الدنماركي فريدرك الموظف في شركة الهند الشرقية الهولندية في جزيرة خرج، رغم عدم زيارته الكويت، ومن المعلومات التي دونها أن الكويت عدد سكانها يتراوح 10 آلاف نسمة، وفي فصل الصيف يكون عددهم 3 آلاف نسمة بسبب رحلات الغوص بحثا عن اللؤلؤ والغوص التجاري إلى حلب.
وتحدث العبد الجليل عن الرحالة جيمس سلك بكنغهام (1786 - 1855 م) هو كاتب، وصحافي ورحالة إنكليزي، فقد زار الكويت عام 1816، وقال عنها:«الكويت ميناء عظيم في الشمال الغربي من الخليج، وأن واردات الكويت من بضائع هندية مختلفة من الأقمشة، والأرز، والسكر، وتستورد الكويت القهوة من اليمن، والتمور والحنطة من البصرة، وأن صادرات الكويت هي السمن، والخيول، والتمور واللؤلؤ». وتقرير الميجر بروكس عن الكويت في عام 1829 يقول: «الكويت تتمتع بأمن كبير، وهي بعيدة عن المنازعات». والرحالة ستوكلير في عام 1831، وصف الكويت أو القرين - كما يطلق عليها سابقا - وصفا دقيقا، وأشار إلى أهمية الكويت التجارية للهند، وموقعها الاستراتيجي. وتضمنت المحاضرة عرضا مصاحبا لاهم الكتب والوثائق.
والعبد الجليل باحث في تاريخ الكويت، ويمتلك متحفا ومكتبة تحتوي على القديم من الكتب والوثائق والمخطوطات النادرة. وهو أمين الصندوق ورئيس العلاقات العامة في الجمعية الكويتية للتراث، وعضو رابطة الأدباء الكويتيين، وعضو جمعية المحاسبين والمراجعين، وعضو الجمعية الاقتصادية، ومؤلف «موسوعة تاريخ الاقتصاد الكويتي».