تقدم خدماتها المعلوماتية والمعرفية بسخاء ودقة
مكتبة الكويت الوطنية... صرح ثقافي مهم ينقصه الرواد
انتقال مكتبة الكويت الوطنية من مقرها القديم... إلى مكان أكثر رحابة، يعد الحدث الأكثر أهمية في منظومة الثقافة الكويتية، كي تقيم لها الدولة -متمثلة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب صرحا متكاملا- افتتح منذ سنوات في شارع الخليج أمام متحف الكويت الوطني بأعلى مستوى، ووضعت فيه أكثر التقنيات الحديثة تطورا، من أجل راحة الزوار، كما أنها تضمنت كتبا ومخطوطات نادرة، إلى جانب استقبالها لتبرعات المكتبات الخاصة، وغير ذلك من سبل الثقافة والمعرفة، التي تنشد من خلالها المكتبة جذب الزوار. كما أن مديرها العام الدكتور كامل العبد الجليل... قام باستحداث فعاليات وأنشطة فيها، وفتح قاعاتها لإقامة الأنشطة الثقافية بكثافة وتميز، حتى الأنشطة الخاصة ببعض مؤسسات وأفراد المجتمع المدني... كل ذلك من أجل أن تظل هذه المكتبة رمزا وعنوانا للثقافة في الكويت. ولكن الذي لاحظناه، ومن خلال هذه المجهودات البناءة أن الجمهور المتابع لأنشطة المكتبة، وكذلك الزوار لأجنحتها وردهاتها، قليل، مقارنة بتلك القيمة التي تحتلها المكتبة عربيا، فبداية من مبناها الراقي وصولا إلى محتوياتها من الكتب والإصدارات، استطاعت المكتبة أن تعلن تفردها وتميزها الملحوظ، بين مختلف المكتبات العربية، إلى جانب أنشطتها الثقافية المكثفة.
مما يتعين علينا وضع علامات استفهام كثيرة نحو مفهوم الثقافة والمعرفة، وهي علامات استفهام -للأسف- يمكنك وضعها بسهولة أمام أي عمل ثقافي في أي بلد عربي -وليس الكويت فقط- مما يوحي ويشير إلى أن الجمهور منشغل تماما عن الثقافة والمعرفة، رغم المغريات، وانه لا يكلف نفسه عناء البحث عن الفعاليات الثقافية كي يحضرها، ويستفيد من محتواها، وهذا الأمر يضع المسؤولين عن الثقافة في مواقف المتألم والحزين. فمكتبة الكويت الوطنية ذات شأن كبير في الكويت، ومن يعرف مكانها على الاقل قليل خصوصا جيل الشباب، رغم أنها فاتحة أبوابها وخدماتها لكل روادها من دون حساب، ومتوافر فيها كل سبل الراحة التي تمكّن الرواد من الحصول على مبتغاهم من الثقافة والمعرفة، وهذا الأمر غاية في الأهمية، ويعكس صورة الكويت المشرقة، تلك التي تهتم -في المقام الأول- بالتثقيف في مستوياته المتطورة. إن مكتبة الكويت الوطنية هي فخر الكويت -ليس فقط من خلال مبناها الراقي ولا تنظيمها الداخلي المتميز- ولكن من خلال محتوياتها التي ترقى إلى مستويات معرفية عربية وعالمية مهم، فهناك من المخطوطات والكتب النادرة التي قلما تجدها في مكتبات أخرى، ولكنك ستجدها -بكل تأكيد- في هذه المكتبة التي تعد حالة خاصة ومتفردة في منظومة العمل المكتبي.
ولقد تأسست مكتبة الكويت الوطنية في 1923 بجهد عدد من أدباء الكويت. وكان اسمها المكتبة الأهلية والتي تلقت مجموعات من مكتبة الجمعية الخيرية الكويتية التي أنشئت في 1913 ثم صدر المرسوم السامي رقم 52 عام 1994 بإنشاء مكتبة الكويت الوطنية وأناط بها مسؤولية جمع وتنظيم وحفظ وتوثيق التراث الوطني والإنتاج الفكري والثقافي في دولة الكويت. وشهدت المكتبة خلال الفترة الماضية الكثير من الأنشطة التفاعلية والفاعلة ومنها فعالية «متعتي في قراءتي»، تلك الفعالية التي تهتم في المقام الأول بالأطفال والناشئة، وذلك بمحاولة ترغيبهم في القراءة، والاطلاع وحب المعرفة بكل أشكالها... علاوة على تنظيم مسابقة في القراءة، تسعى المكتبة من ورائها إلى اكتشاف المواهب ومن ثم صقلها، وتشجيعها على مواصلة العمل على تنميتها.
إلى جانب إقامة ورش عمل متعددة المجالات، هدفها تقريب وجهات النظر حول مفاهيم تخص المعرفة، فإن من أهداف المكتبة تجميع وتنظيم وتوثيق وحفظ التراث والإنتاج الفكري الوطني بمختلف أشكاله وأنواعه، وتكوين وتنمية مجموعات أجنبية عالمية مختارة في مختلف الموضوعات التي تهم الكويت ومنطقة الخليج والدول العربية والإسلامية، ورعاية وتنسيق ودعم أنشطة التعاون بين المكتبات ومراكز المعلومات في الكويت، والقيام بدور مكتبة الايداع لجميع المصنفات الوطنية، ودور المركز الببليوغرافي الوطني. ومن مهمات المكتبة الإيداع وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتحضير الفهرس الوطني الذي يضم التراث والمنتجات الفكرية ومقتنيات المكتبات والهيئات والوزارات، والضبط الببليوغرافي، وتطوير وإنشاء نظام معلومات إلى خاص بخدمات المكتبات ومراكز المعلومات المتعلقة بها على مستوى الدولة، والارتقاء بمستوى أداء العناصر الوطنية العاملة في قطاع المكتبات والمعلومات، والتعاون والتنسيق مع المكتبات البحثية والمتخصصة في دولة الكويت وخارجها.
كما تهتم المكتبة بخدمات الإيداع وحماية الملكية الفكرية حيث تعتبر المكتبة (ISSN) والدوريات (ISBN) - الترقيم الدولي المعياري للكتاب باعتبار (ISBN)هي الجهة الرسمية المسؤولة عن منح الترقيمات الدولية المعيارية الوكالة الوطنية للترقيمات الدولية المعيارية في الكويت.
وقدمت المكتبة خلال مواسمها الثقافية المختلفة الكثير من الأنشطة منها، توقيع اتفاقيتي تعاون مشترك مع مكتبة البحرين ومكتبة قطر الوطنية، أبيات في حب الوطن، وإقامة احتفالية المكتبة الوطنية باليوم الوطني و يوم التحرير، وورشة عمل تعليم فن التصوير للمصور عبدالعزيز الدويسان، وورشة عمل المهارات المعلوماتية للمكتبة، وسلسة ندوات «كتاب الشهر»، ومعارض تشكيلية، وأوبريت العيد الوطني، ومنتدى الشعر في حب الوطن، ومهرجان سعاد الصباح لبراعم الأدب العربي، ومذكرة تفاهم وتعاون مشترك بين مكتبة الكويت الوطنية و مكتبة مجلس الامة، معرض الكتاب المستعمل بالتعاون مع رابطة الادباء، ومؤتمر ومعرض ذكرى أمير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم، واحتضان اللقاء الثامن للفهرس العربي الموحد، وملتقى اليوم الدولي للترجمة «إضافات كويتية لميدان الترجمة»، ومعرض المخطوطات العربية، وندوة «العطاءات الوطنية في رفعة الثقافة الكويتية»، وأمسية شعرية بالتعاون مع منتدى المبدعين الشباب الشعراء، والمؤتمر والمعرض السنوي الثاني والعشرين لجمعية المكتبات المتخصصة. ومع هذا الفعاليات المتميزة كما وكيفا، إلا أن الحضور إليها لم يكن بذلك الطموح، وظلت المكتبة في انتظار أن تجد من القراء والمتابعين للثقافة والأدب زيادة الاهتمام بها على أساس أنها صرح مهم على أرض الكويت.