المهتم بكرة القدم يعلم جيداً بأن فريق كرة القدم يتكون من أحد عشر لاعباً، يجب أن يكون من بينهم حارس مرمى، كما يجب أن تحتوي التشكيلة على مدافعين ولاعبين وسط ومهاجمين، وأن هناك مدرباً يضع التشكيلة وخطة اللعب، وبالتأكيد هناك فريق كامل للإشراف على اللياقة البدنية والتدريبات وغيرها من الأمور، ولا يمكن أن يكون هناك فريق حقيقي وجاد دون اكتمال تلك الأسس... كذلك الأمر في عالم السياسة؛ فأصول العمل الديموقراطي تتطلب وجود أساس من الحريات حيث لا ديموقراطية من دون حرية تعبير، كما يعتمد نجاح العملية الديموقراطية على وجود برلمان يمثل أغلبية الشعب، فالديموقراطية بمعناها الأساسي هي حكم الشعب للشعب، والبرلمان هو السلطة التي تمثل الشعب، وعليه فإن النتيجة النهائية لانتخابات أي برلمان في العالم يجب أن تعكس انطباع الغالبية العظمى من أبناء الشعب وإلا فسيكون البرلمان ضعيفاً مفككاً ولا يمثل الشعب.
من هنا جاءت فكرة وجود الأحزاب أو التيارات السياسية التي سبقتنا لها الدول الديموقراطية المتقدمة، فتلك المؤسسات وجدت لتضع برامج ورؤى تعبر عن مصالح فئات الشعب، بحيث تخوض الانتخابات البرلمانية من خلال قوائم تمتلك برامج واضحة، فتعكس عندها نتيجة الانتخابات واقع المجتمع، فإن حصل الحزب (س) على خمسين في المـئة من الأصوات يكون لدينا انطباع بأن تلك النسبة من الشعب مؤيدة للبرنامج الذي يطرحه ذلك الحزب وهكذا.
أما في الكويت فقد تم وأد فكرة تشكيل الأحزاب بصورة رسمية مبكراً، وذلك أثناء كتابة الدستور حيث ضغطت السلطة لشطب كلمة «الهيئات» من المادة (43) التي تنص على حرية تكوين الجمعيات والنقابات... الخ، بل جاءت المذكرة التفسيرية لتؤكد بأن هذه المادة تقر حرية تكوين النقابات والجمعيات دون النص على «الهيئات» التي تشمل في مدلولها العام بصفة خاصة الأحزاب السياسية، ومازلنا حتى يومنا هذا ندفع ثمن شطب تلك الكلمة، فالعمل السياسي في الكويت سمته الفوضى بسبب الطبيعة الفردية، كما أن نتائج الانتخابات البرلمانية لا تعكس رغبة الغالبية من الشعب بل هي انعكاس للتكوينات المجتمعية الصغرى كالقبيلة والعائلة والطائفة، في وقت نجد فيه جميع أبناء القبائل والعوائل والطوائف يتضررون من سوء الخدمات وتعطل التنمية.