إسقاط عصابة حاولت الاستيلاء على مليار دولار من «تركته»
«غزْوةٌ صدّامية» بمفعول رجْعي أَقْلَقَتْ بيروت وقطاعها المصرفي
... في الذكرى الـ 28 لغزو صدّام حسين الكويت، بدا وكأن قَدَر لبنان أن يكون مسرحاً لـ«غزْوةٍ صدّامية» بمفعولٍ رجعي أَقْلَقَتْ الأمن والقضاء والقطاع المصرفي واستدعتْ استنفاراً على أعلى المستويات لإحباطها واحتواء تداعياتها.
هكذا وفجأةً بعد 28 عاماً على التاريخ الأسود، عاد صدام لاحتلال «مانشيتات» بيروت وصدارة الأخبار فيها كـ«عصابة ابتزاز واحتيال وقرْصنة» عبر مكائد تَستخدم فبركات عن أمواله ومخلّفاته ورجاله وإن بـ«بدَل عن ضائع».
الاسم الحرَكي لـ «الغزوة» التي تشغل بال بيروت هذه الأيام هو «أموال صدام» وملياراته التي أَوْدعها في مصارف لبنانية قبل الإطاحة به العام 2003، ودخول «عصابة منظّمة» على خطّها عبر المطالبة بها بواسطة وثائق ومستندات وأساليب أثارت الريبة.
فمنذ فبراير الماضي، كانت مصارف لبنانية عدة هدَفاً لهذه العصابة التي استغلّ أفراد منها موقعهم للاحتفاظ بملفّاتٍ حساسة حول خفايا التركة المالية لصدام، وقاموا من خلف ظهر الحكومة العراقية بمحاولة استردادها ووضْع اليد عليها.
وسرعان ما وقعت تلك العصابة في الفخ حين جاء شخص عراقي الى بيروت يدعى ماهر رشيد، مطالباً أحد المصارف (بنك عودة) بوديعتيْن قيمتهما 800 مليون دولار، فأوقف بعد تقديمه أوراقاً مزوّرة.
ومع سقوط رشيد وانكشاف عمليات جدية استهدفت أكثر من مصرف، بدأ العد العكسي لاصطياد أفرادٍ على جانبٍ من الأهمية من العصابة، إلى أن أعلن جهاز الاستخبارات الوطني العراقي، أول من أمس، عن توقيفهم بالتنسيق مع جهاز الأمن العام اللبناني.
المفارقة التي شكّلت طرف الخيْط الذي قاد إلى الرؤوس المدبّرة في تلك العصابة، هي أن الذين جاؤوا إلى بيروت للمطالبة بـ «الأموال الصدّامية» يملكون معلومات ووثائق «جدية»، إلا أنهم استخدموا «المزوّر» لتأكيد صلتهم بها، الأمر الذي ساعَد في كشْفهم.
وتولى المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، وبعنايةٍ بالغةٍ، هذا الملف الفائق الحساسية، وهو قام بزيارةٍ خاطفة لبغداد الأسبوع الماضي تُوّجت بفك خفايا القضية التي كادت أن تقضّ مضاجع بيروت بتعريضها القطاع المصرفي للتشهير.
وكشف اللواء إبراهيم عن أن الملف كان اكتمل يوم الاربعاء من الاسبوع الماضي «ما استوجب سفري إلى بغداد والتنسيق مع السلطات العراقية، وأعتقد أننا نجحنا إلى حد بعيد، ونحن نبحث عمن يقف وراء هذه العصابة لأنه ليس هناك شيء بالصدفة... فالموضوع يتجاوز المليار دولار».
وإذ أشار إلى «أن الشبكة كبيرة لأن استهدافاً بهذا الحجم، ليس عمل هواة أو عصابة صغيرة»، قال: «نرصد هذه الشبكة منذ نحو عام والأسماء التي زوّدتْنا بها السلطات العراقية، هي فقط في العراق».
جسامة هذا الملف وحساسيته والإنجاز الأمني الباهر الذي تَحقّق سيكونان اليوم محور المؤتمر الصحافي الذي يعقده رئيس جمعية المصارف في لبنان جوزف طربيه، بعدما كان «بنك عودة» (أكبر المستَهدَفين) أصدر بياناً عبّر فيه عن امتنانه للسلطات العراقية والأمن العام اللبناني وعلى رأسه اللواء إبراهيم، وعن تقديره للسلطات القضائية اللبنانية ودورها، وعن شكره لعملائه.